علماء أزهريون وخبراء يرفضون اقتصار ارتداء الفتيات للحجاب على شهر رمضان المبارك

مفتي مصر: المرأة المسلمة ملتزمة بـ«الحجاب الشرعي» في شهر الصيام وغيره من الشهور

TT

تلجأ بعض الفتيات إلى ارتداء الحجاب والاحتشام في شهر رمضان المبارك، وذلك بوضع غطاء على الرأس بنية خلعه عقب انتهاء الشهر الفضيل مع قدوم أول أيام عيد الفطر، وتلجأ الفتيات إلى هذا السلوك مراعاة لحرمة الشهر الفضيل والخوف من فقدان ثواب الصيام.

وبينما رفض علماء أزهريون في مصر قيام الفتيات بارتداء الحجاب في رمضان فقط وخلعه عقب انتهائه، مؤكدين أن الحكم الشرعي يلزم المرأة المسلمة بالحجاب في جميع شهور العام، رجح خبراء نفسيون أن ارتداء الفتاة للحجاب في رمضان كي تتم صيامها بشكل صحيح، وأن خلعها للحجاب بعد ذلك ليس ناتجا عن عدم قناعتها به.

من جانبه، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي مصر، أن المرأة المسلمة عليها أن تلتزم بالحجاب الشرعي في رمضان وغير رمضان. وقال الدكتور جمعة، إن «شهر رمضان هو شهر توبة وإنابة ورجوع إلى الله تعالى، ويفتح فيه المسلم مع ربه صفحة بيضاء، ويجعله منطلقا للأعمال الصالحات التي تسلك به الطريق إلى الله تعالى، وتجعله في محل رضاه، وعلى ذلك فعلى المسلم الذي أكرمه الله تعالى بطاعته والالتزام بأوامره في شهر رمضان أن يستمر على ذلك بعد رمضان، فإن من علامة قبول الحسنة، التوفيق إلى الحسنة بعدها».

وأكد الدكتور محمد وهدان، الأستاذ في جامعة الأزهر، أن من اختار الدين فعليه أن يقبل أحكام هذا الدين حتى ولو كانت هذه الأحكام فيها تقييد، لأن تقييد الحرية هنا هو خير للإنسان وليس شرا، قائلا إن «الحجاب فريضة وتركه حرام بالأدلة الثابتة الواردة في الكتاب والسنة بإجماع آراء العلماء وأئمة المسلمين»، مضيفا: لا ريب ولا خلاف في وجوب الحجاب شرعا على كل مسلمة بالغة، ويكفي في ذلك قول الله تعالى: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِين زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ».

وقال وهدان متسائلا: «كيف تقوم بعض الفتيات بارتداء الحجاب أثناء الصيام وتخلعه بعد ذلك؟»، مخاطبا من يقمن بخلع الحجاب بعد رمضان بقوله «أنت كمسلمة تعبدين الله ولست تعبدين شهرا بعينه، وقيامك بخلع الحجاب يعرضك لذنب كبير ويحرمك من الأجر والثواب».

وأشار الشيخ الرفاعي إبراهيم، أحد علماء الأزهر، إلى أنه على الفتاة المسلمة السمع والطاعة لله ورسوله، والحجاب هو دليل على حبنا لله ورسوله، فطاعة الله ورسوله هي الدليل، قائلا: «يجب على كل مسلمة تطبيق ما أمرها الله به من دون تفريط».

وأوضح الدكتور عبد الراضي حمدي، الأستاذ في جامعة الأزهر، إن «استخدام غطاء الرأس في رمضان ثم خلعه بعد انتهاء الشهر أمر له جوانب كثيرة، فالتي ترتدي الحجاب كأمر إلهي، فإن رب رمضان هو رب باقي الشهور؛ لكن بعض الفتيات ترى في الصوم مجاهدة للنفس ولا تريد ضياع عناء الصوم بسبب عدم ارتداء الحجاب وضياع رمضان بلا أجر».

وأضاف الدكتور حمدي، أن «هناك فئة ترتدي الحجاب بسبب طبيعة الأجواء الرمضانية الروحانية»، داعيا الفتيات للسمو فوق الرغبات ولا تدعها تلازمها بعد رمضان حتى تحقق فريضة الصوم التي أرادها الله سبحانه وتعالى.

ومن جانبها، أكدت الدكتورة ريهام حسن، أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة القاهرة، على أن الحجاب ليس تعذيبا للمرأة، مشيرة إلى أنه بالنسبة للفتيات اللاتي يرتدين الحجاب في أيام رمضان ويقمن بخلعه بعد انقضاء الصيام، فقد يكون هذا الاعتقاد خاطئا من الفتاة، بأنها لو ارتدت الحجاب، فإن ذلك سيقلل من أنوثتها وجمالها، ولذا فهي ترتدي الحجاب في رمضان كي تتم صيامها بشكل صحيح وتخلعه بعد ذلك ليس عن عدم اقتناع بالحجاب.

وتلفت ريهام النظر إلى أن هناك تأثيرات عميقة للحجاب على الفتيات اللاتي يرتدينه، بحيث لا يتجاوز كونه قطعة من القماش تستر الرأس، حيث يحقق للفتاة عدة أهداف منها: تعميق أواصر الصلة بين الفتاة وخالقها، وزيادة مشاعر الإيمان لدى الفتاة وشعورها باحترام الذات، واحترام الآخرين لها، والشعور بالتحشم واللياقة والوقار، مضيفة أن الحجاب يمنح الفتاة مزيدا من الشعور بالرضا، ويبعد عنها مشاعر الألم والذنب، ويمنحها مزيدا من ثقة أهلها، خاصة عند خروجها بمفردها في الشوارع.

وكان للفتيات بدورهن رأي رافض لقيام بعض الفتيات بخلع الحجاب عقب انتهاء شهر الصيام، وهو ما أكدنه لـ«الشرق الأوسط»، فتقول نورهان عز الدين (18 عاما)، إن «الفتاة التي تقوم بارتداء الحجاب في رمضان وتخلعه، تمثل مثالا سيئا جدا عن الإسلام والحجاب وتعطي فكرة خاطئة عن الشكل العام للمصريات».

بينما أشارت دعاء محمود (22 عاما) إلى أن الحجاب فرض في كل الأيام والأوقات، لافتة إلى أن خلع الفتاة للحجاب بعد رمضان ارتداد عن الحق.

واعتبرت آية محمد، طالبة جامعية، أن خلع الحجاب بعد انتهاء رمضان، نفاق مع الله، مطالبة الفتيات إما بأن يرتدين الحجاب ويستقررن عليه، وإما لا يرتدينه ويخلعنه حتى لا يسئن للإسلام.