مقتطفات من التراث الفقهي.. أثر النظرة الدونية إلى المرأة على العلاقات الأسرية والزوجية

TT

> تحكم الموروث الفكري والثقافي، وعادات وتقاليد وأعراف مجتمعات الفقهاء والمفسرين، بحسب ورقة عمل الدكتورة سهيلة زين العابدين، في عقولهم ونفوسهم، فابتعدوا عن المقصود القرآني من الآيات، وفسروها طبقا لمنظورهم ومنظور مجتمعاتهم للمرأة، وحكموا عليها في تفسيراتهم بالدونية، واستعلاء الرجل عليها وأفضليته، وبنقصان أهليتها، وذلها لزوجها، وإعطاء للقوامة معنى الاستعباد والإذلال والقهر، وتعميمها على الإطلاق، وإعطاء الرجل حق ضرب المرأة، بل منهم من فسر قوله تعالى «وَاضْرِبُوهُنَّ» أي بتوثيقها بالحبل وضربها، ولم يكتف بهذا، بل نجد، ابن كثير يستدل بحديث ضعيف: «لا تسأل الرجل فيما ضرب زوجته»، وكذلك نجد الطبري يستدل بحديث ضعيف آخر ليبرر أن معنى «وَاضْرِبُوهُنَّ» هو الضرب البدني.

1 - جعل الفقهاء الزوجة في حال صحتها وعافيتها أمة مملوكة لزوجها بعقد النكاح، وفي حال مرضها عمارة مستأجرة لعدم إلزامه بعلاجها، فقد أورد ابن قدامة في كتابه «المغني» مقولة للإمام الزهري جاء فيها: «لا يقتل الرجل في امرأته لأنه ملكها بعقد النكاح».

2 - تقرأ لابن علي الجوزي في «أحكام النساء»: «وينبغي للمرأة أن تعرف أنها كالمملوك للزوج.. وينبغي لها الصبر على أذاه كما يصبر المملوك»، إضافة إلى كل المرويات الضعيفة المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم عن طاعة الزوج، كحديث: «لو أمرتُ أحدا أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأة تسجد لزوجها»، وحديث: «لو سالت منخراه (أي فتحتا أنف الزوج) دما أو قيحا، أو صديدا، ولحسته ما وفته حقه لما فضله الله عليها»، بل هناك مرويات ضعيفة سندا ومتنا يستشهد بها ابن قدامة في كتابه «المغني» تعطي للزوج حق منع زوجته من عيادة والدها المريض، بل حتى من حضور جنازته، هذا الأب المكلف علاجها في مرضها طبقا لهذا الحكم الفقهي.

3 - قرر فقهاء المذاهب الأربعة أن الزوج لا يجب عليه دفع أجور التداوي للمرأة المريضة من أجرة طبيب وحاجم وفاصد، وثمن دواء، وإنما تكون النفقة في مالها إن كان لها مال، وإن لم يكن لها مال وجبت النفقة على من تلزمه نفقتها لأن التداوي لحفظ أصل الجسم، فلا يجب على مستحق المنفعة، كعمارة الدار المستأجرة تجب على المالك لا على المستأجر، ويقول ابن قدامة (الحنبلي) في «المغني»: «ولا يجب عليه - أي الزوج - شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب لأنه يراد لإصلاح الجسم، فلا يلزمه، كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار وحفظ أصولها، وكذلك أجرة الحجام والفاصد».

4 - ويقول فقيه الحنابلة في مصر البَهوتي، في كتاب «النفقات في كشاف القناع»: «ولا يجب عليه أي الزوج الأدوية وأُجرة الطبيب والحجَّام والفاصد والكحال، لأن ذلك يراد لإصلاح الجسم، كما لا يُلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار».

وقد بين الإمام الشافعي سبب تقريرهم عدم وجوب علاج الزوجة بقوله: «وإن كانت النفقة للحبس، فهي محبوسة، وإن كانت للجماع، فالمريض والغائب لا يجامعان في حالهما تلك، فأُسقطت لذلك النفقة».

5 - هناك من يقول ليس من حق الزوجة أن يشترى لها زوجها كفنها، فهل يجب عليه شراؤه إن مارس الجنس مع جثتها بعد ساعات من موتها؟! كما أفتى بذلك الشيخ عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل.