وفي الجنة أسرّة لأهلها مرفوعة القوام، عالية المحل، وثيرة مريحة، فيها كل المتعة والأنس.
((وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ)) [الغاشية:14].
وفي الجنة آنية لا عرى لها، توضع في يد من يشربها ليُسر تناولها وسهولة شربها، مع الأناقة والجمال والطهر واللذة.
((وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ)) [الغاشية:15].
وفي الجنة وسائد صف بعضها بجانب بعض في جمال عجيب، وحسن بديع، يتكئ عليها المنعمون، وهم يتحدثون ويضحكون.
((وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)) [الغاشية:16].
وفي الجنة بسط ثمينة زاهية باهية مخملية تتنقل مع الجالس في ليونة ملمس، وراحة مجلس، ووثارة وفخامة.
((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)) [الغاشية:17].
أفلا ينظر الناس إلى بديع خلق الله في الإبل كيف سوى شكلها؟ وجعل فيها أوصافا ليست في غيرها من الحيوان.
((وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ)) [الغاشية:18].
وكيف لا ينظرون في السماء ويتفكرون في هذا السقف العظيم المرفوع المتقن القائم بلا عمد، لا شقوق فيه ولا عيوب.
((وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ)) [الغاشية:19].
وكيف لا ينظرون إلى الجبال وهي قائمة في جلال، واقفة في جمال، تثبت الأرض، كأن كل جبل سبابة مسبح يشهد لله بالوحدانية.
((وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)) [الغاشية:20].
وكيف لا ينظرون إلى الأرض وقد سويت للعيش على ظهرها، ومهدت للناس، وفرشت للمخلوقات لتتم عليها الحياة.
((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ)) [الغاشية:21]. فذكر - أيها الرسول - بآيات القرآن، وأدلة الخلق في الأكوان، وذكر بأيادي النعم وبأيام النقم، فمهمتك التذكير.
((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)) [الغاشية:22]. لست متسلطا عليهم بسلطان حتى تجبرهم على الإيمان، إنما أنت هاد تقيم الحجة وتوضح المحجة، وتدعو إلى الهداية.
((إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ)) [الغاشية:23]. غير أن من تولى عن الهداية، وكفر بالرسالة، وأدبر عن الرشد، وجحد الأدلة، وكذب بالحق فقد استحق العذاب.
((فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ)) [الغاشية:24].
فالله يوم القيامة يعذبه العذاب الشديد بالأغلال والحديد، في نار قعرها بعيد، وطعام أهلها الزقوم والصديد.
((إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ)) [الغاشية:25].
إن مرجع الجميع إلى الله، ومرد الكل إليه عز وجل؛ فإليه منتهى العلوم والأعمال والناس ليوم لا ريب فيه.
((ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)) [الغاشية:26].
ثم إن علينا حساب الناس يوم الحشر، فنوفي كلا بما عمل، ونجزي كلا بما قدم من خير وشر.