تونس: عادات وتقاليد عائلية تعود مع رمضان

بعض العائلات محدودة الدخل تستعين بالعمل في البيت من أجل توفير بعض مصاريف الشهر

تظهر في الأسواق التونسية أنواع حلوة المذاق من الخبز الذي يتفنن 290 مخبزا تونسيا منتشرا في البلاد في تقديمه للعائلات التونسية (رويترز)
TT

تقول جداتنا وتعيد على أسماعنا منذ الصغر أن «شهر رمضان يأتي ببركاته» ولم نكن نفقه الكثير من ذاك الكلام، ولكننا اكتشفنا في النهاية أن شهر الصيام يفتح أبواب السماء على كل العائلات فتتمكن من توفير قدر ممكن من التغذية السليمة لأفرادها. وتكاد العائلات التونسية تتساوى في الأطباق الرئيسية والمقتنيات والحاجات خلال هذا الشهر، فكل العائلات تسعى إلى ضمان القليل من الموارد التي تبدأ بها حاجات الشهر، وتسعى إلى تخزين بعض المواد التي تراها أساسية على غرار التوابل والأجبان ومواد العجين التقليدي مثل «شربة الفريك» و«شربة الشعير» و«الحلالم» و«الهرسية العربي» وزيت الزيتون وبعض التمور، وأخيرا اللحوم التي لا تكاد يخلو منها بيت من البيوت التونسية حتى الفقيرة منها. وتضغط بعض العائلات على مداخيلها قبل أشهر من حلول شهر رمضان بغية توفير القليل من الموارد التي توجهها للمصاريف الرمضانية الإضافية. وتسعى بعض العائلات إلى التداين من بعض البنوك المستعدة لمؤازرتها على تجاوز مستويات الإنفاق القياسية خلال هذا الشهر. وتعمل الهياكل المختصة على طمأنة التونسيين، وذلك قبل أشهر من الآن، بأن كل المواد الاستهلاكية متوافرة، إلا أن الظروف التي تبعت الثورة التونسية وعودة ظاهرة الاضطراب في التزود ببعض المواد، مثل الحليب والبيض والارتفاع المشط للغلال واللحوم، جعل الكثير من العائلات لا تثق بخطاب الطمأنة وتعمل على تخزين المزيد من المواد الغذائية في طوابير أصبحت تظهر بشكل يومي أمام الفضاءات التجارية الكبرى.

وفي هذا السياق، قال سيف الله باي، رئيس غرفة تجار الخضر والغلال بتونس العاصمة، إن كل المواد والمنتجات الاستهلاكية متوافرة في الأسواق التونسية، وما على العائلات إلا الابتعاد عن اللهفة وتخزين المواد دون داع لذلك. وأضاف أن أسعار الخضر والغلال قد تراجعت خلال الفترة الماضية، وخاصة في ما يتعلق بأسعار الطماطم والفلفل والبطاطا والبصل، إلى جانب بعض الغلال. إلا أنه لاحظ أن بعض أصناف الغلال، على غرار العنب والخوخ، قد تعرف بعض النقص، في حين أن التمور متوافرة بكميات مهمة. ولا يقل حاليا سعر الكيلوغرام من التمور الجيدة عن 5.5 دينار تونسي (نحو أربعة دولارات أميركية) وهو سعر بعيد عن متناول العائلات متوسطة المداخيل. ولئن أشار التونسي رضا قويعة، عضو جمعية الاقتصاديين التونسيين، إلى تضاعف الاستهلاك الأسري في تونس بحساب مرة ونصف خلال شهر رمضان، فإن عدة تقارير أخرى قد أشارت إلى تراجع مستويات الإنفاق لدى العائلة التونسية بعد الثورة بسبب قلة الموارد وضعف المقدرة الشرائية، وهو ما جعل اللهفة على بعض المواد تتراجع، ويشمل الأمر اللحوم البيضاء واللحوم الحمراء والأسماك، مما فرض حالة من التقشف لم تعرفها العائلة التونسية منذ سنوات. وتستعين بعض العائلات محدودة المداخيل بالعمل في بيوتهن من أجل توفير بعض مصاريف شهر الصيام، وتكون المساهمة العائلية من خلال الخبز العربي و«الملسوقة الدياري» وتجفيف الزبيب وأنواع جيدة من التين. وفي هذا السياق، تقول فرجانية الماجري، (ربة بيت)، إن الحل الأمثل طوال السنة يكمن في حسن التصرف في ميزانية العائلة، وتزداد الحاجة للضغط على المصاريف خلال شهر رمضان باعتبار زيادة الإنفاق، إلا أن ربة البيت عليها التحايل على الأمر بالاعتماد على «العولة» (مخزونات العائلة) حتى تجتاز هذه الفترة بنجاح. وأشارت إلى أنها تصنع الكثير من حاجاتها بنفسها على غرار تجفيف الطماطم والزيتون المملح، بالإضافة إلى خبز الطاجين، وهي بذلك توفر بعض المصاريف غير الضرورية. وتظهر في الأسواق التونسية أنواع حلوة المذاق من الخبز الذي يتفنن 290 مخبزا تونسيا منتشرا في البلاد في تقديمه للعائلات التونسية. وتشمل القائمة قرابة 20 نوعا من الخبز الذي لا يتواني التونسي عن الإقبال عليه بكثرة ملحوظة خلال شهر الصيام. ومن بين تلك الأنواع «الخبز المبسس» و«خبز الميزان».