مدينة دمشق تضم معلمين تاريخيين يحملان اسم القائد الإسلامي خالد بن الوليد

أولهما المسجد الذي يعتبر أول مسجد بني في دمشق والمعلم الآخر شارع يحمل اسمه

جانب من مسجد خالد بن الوليد القديم في دمشق («الشرق الأوسط»)
TT

ارتبط اسم القائد الإسلامي التاريخي خالد بن الوليد، ومنذ مئات السنين، بمدينة حمص السورية وسط البلاد، حيث يقال إنه سكنها أواخر حياته وتوفي فيها، وقد أنشأ له القائد المملوكي الظاهر بيبرس تربة لتضم قبره وسط مدينة حمص. كما بني له مسجد رائع في بدايات العصر العثماني في سوريا ما زال قائما بقببه الجميلة وسط حمص التي لقبت واشتهرت في ما بعد باسم مدينة ابن الوليد. ولكن ربما تساءل البعض: ألا يوجد أي أثر لهذا القائد في العاصمة دمشق، خاصة أنه كان أحد قائدي حملة فتح بلاد الشام لنشر الدين الإسلامي فيها؟! والجواب: نعم، فهناك معلمان: الأول يعود لما قبل مئات السنين، بينما الثاني يعود لبدايات القرن العشرين الماضي.

والمعلم التاريخي الأول هو مسجد قديم يقع في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة دمشق ويحمل اسم خالد بن الوليد، وتؤكد المصادر التاريخية أن موقع المسجد، وهو قرب الباب الشرقي للمدينة، كان يخيّم فيه ابن الوليد مع جيشه، بينما كان القائد أبو عبيدة بن الجراح يخيم مع جيشه في منطقة باب الجابية بالمدخل الجنوبي الغربي لدمشق، وقد أمر ابن الوليد ببناء مسجد صغير مكان تخييم الجيش لتؤدى الصلوات فيه، حيث اعتبره المؤرخون أول مسجد ينشأ في دمشق وتم ذلك عام 15هـ - 635م، ولكن تعرض البناء في ما بعد للتهدم وتم بناء مسجد آخر مكانه في العصر المملوكي ظل يحمل نفس الاسم، وذلك بين الأعوام 569 و589هـ.

وعلى الرغم من أن مسجد خالد بن الوليد في دمشق أصغر مساحة وبناء وأقل غنى معماريا من مسجد حمص، فإنه يتميز بطراز معماري جميل، حيث الأقواس العربية في مدخله المؤدي للصحن الواسع نسبيا والذي يضم ميضأة بطراز معماري متميز مع بحرة ماء، وقد أشيد الجامع بحجارة مختلطة كلسية بيضاء وبازلتي زرقاء التي بنيت جدرانه الخارجية بها، بينما بني الحرم بالحجارة الرخامية مع المقرنصات والسقف المبني من الخشب مع الآجر، كذلك بني في مراحل زمنية متأخرة بجانبه سبيل ماء بطراز الأبلق حيث الحجر المتناوب. وقد تعرض المسجد، الذي يقع بجانب ضريح وجامع الزاهد الدمشقي الشيخ رسلان، للتخريب بسبب عاديات الزمن، حيث قامت قبل ثلاث سنوات مديرية أوقاف دمشق ومديرية الآثار العامة بتنفيذ مشروع ترميم فيه، إذ أعيد بناء ما تهدم منه بنفس الطراز المعماري القديم.

والمعلم الآخر الذي يحمل اسم القائد التاريخي خالد بن الوليد هو شارع رئيسي طويل يتوسط المدينة ويصل ما بين محطة الحجاز وشارع النصر وسط دمشق وحتى كورنيش الميدان في منطقة المجتهد، كما يعبر بجانب سوق باب سريجة جنوب العاصمة السورية.

وتذكر المصادر التاريخية أن هذا الشارع تم افتتاحه قبل قرن من الزمن أواخر العصر العثماني وتحديدا بين عامي 1912 و1913 أيام السلطان محمد رشاد الخامس وسمّاه الجادة الرشادية نسبة لهذا السلطان، وقد تغير اسم الشارع في ما بعد مرات كثيرة، حيث سمي جادة سيدي خمار بين أعوام 1921 و1924، ومن ثم سمي جادة كاترو نسبة للجنرال الفرنسي كاترو إبان الانتداب الفرنسي، وفي الثلاثينات تم إطلاق اسم خالد بن الوليد على الشارع المذكور، ويضم الشارع الذي يبلغ طوله نحو الكيلومترين عددا من المعالم المعمارية القديمة، ومنها جامع يحمل اسم القائد ابن الوليد بني سنة 1939، وجامع زيد بن ثابت الذي بني سنة 1969، ومبنى الجريدة الرسمية، وعدد من الفنادق ذات الطراز المعماري القديم، كما يتوسط الشارع مبنى مركز إطفائية دمشق الذي تحول قبل عدة سنوات لمقر قيادة شرطة العاصمة، وتتوزع على طرفي الشارع عشرات المحلات التي تبيع معظم المنتجات الاستهلاكية، وبخاصة الألبسة والأدوات الكهربائية، بينما يتفرع منه سوق البالة (الألبسة المستعملة) الشهير وسوق باب سريجة الشعبي التاريخي المتخصص ببيع الخضار واللحوم والذي يصل حتى باب الجابية.