النهش والجرادق والوربات.. حلوى دمشقية بسيطة تظهر في رمضان

الدمشقيون لا يمكنهم الاستغناء عن الحلويات الرمضانية التي تزين موائد الإفطار والسحور

حلويات النهش والوربات والجرادق الدمشقية الرمضانية («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من أن رمضان المبارك جاء هذا العام في الشهرين الأشد حرارة بصيف دمشق الساخن والحار؛ حيث يوليو (تموز) الذي يغلي الماء فيه بالكوز وآب اللهاب المهاب، إلا أن الدمشقيين لا يمكنهم الاستغناء عن الحلويات الرمضانية، التي تزين موائد الإفطار والسحور بعد الوجبة الرئيسية، ومن هذه الحلويات الشعبية هناك «النهش» ولا تؤكل هذه الحلوى إلا في شهر رمضان الفضيل، وهي عبارة عن رقائق العجين المسقى بالحليب والسمن والسكر والمحشو بالقشطة، وهناك أيضا «الجرادق» وهو اسم لحلوى رمضانية لم تعد تؤكل في دمشق، بل أخذت اسما آخر وهو «الناعم» حيث يتغنى بها الباعة الجائلون وهم يعلنون عنها بعبارات شهيرة وهي: (يلّلي الهوا رماك ياناعم.. رماك وكسّر عضامك.. يا لله كل سنة والحبايب سالمة يا ناعم؟!)؛ حيث إن حلوى «الجرادق أو الناعم» خفيفة الوزن، وتظهر كل عام فقط خلال رمضان، وهي من خفتها يرميها الهواء بالأرض، لذلك يتم تغليفها بأكياس نايلون صحية تحافظ عليها، وهي عبارة عن خبز مقلي بالزيت، يرش عليها بعض من دبس العنب أو التمر المذاب، ليأخذ شكلا ملونا مع لون الدقيق الأساسي، ويتم تحضيره من خلال مزج الماء والطحين، ليتحول إلى شبه مائع، ويجري بعد ذلك شيها على صفيح كبير من الحديد على نار هادئة، وبعد نضجها تنشر تحت الشمس حتى تجف، وإذا جاء الشهر الفضيل في فصل الشتاء يتم تحضير الناعم في فصل الصيف، وتحفظ وتخزن بشكل مناسب في علب كرتونية تحافظ عليها من التعفن، ومع بداية الشهر الكريم تظهر أرغفة حلوى «الناعم أو الجرادق» على بسطات الباعة أو في محلات بيع الحلويات، بعد أن تقلى بالزيت النباتي، وتزين بخيوط متداخلة من الدبس الناعم التي تعطيها شكلا جميلا ومنظرا متميزا، لتصبح جاهزة للاستهلاك الطازج.

ويوضح الباحث محمد قاسم خليل أن اسم حلوى «جرادق» لم يعد متداولا لهذا النوع من الحلوى الرمضانية وهي كلمة فارسية الأصل، تعني (الرغيف) وكان بعض الدمشقيين يلفظها (جراده) لأن أهل دمشق يلفظون القاف همزة ومن هنا جاء اللفظ، والاختلاف كبير بين أيام زمان وبين العصر الحاضر - يتابع خليل - في تحضير وبيع «الجرادق» (الناعم): فقد كانوا من قبل يصنعون المادة ثم يضعونها في أطباق كبيرة من القش ويضعونها على رؤوسهم ويدورون في الأزقة والحارات وهم يعلنون عنها، وبسبب خفة وزنها قد يرمي الهواء (الناعم) أو (الجرادق)، فيضع البائع طبق القش جانبا ليجمع ما وقع، وقد ينكسر بعضها فيصبح لها شأن آخر، إذ يتم بيع الهشيم الناعم باسم حلاوة «الجرادق»، وتكون نسبة الدبس فيها كبيرة فتعرض في صدور صوان على شكل أهرامات أو تكون ممدودة وقد اختفت حلاوة الجرادق منذ سنوات ولم تعد تشاهد في الأسواق.

من الحلويات الدمشقية الرمضانية الشهيرة الغريبة بالقشطة والراحة بالقشطة والوربات بالفستق الحلبي وهذه تتميز بمنظرها الجميل وتسميتها جاءت من أنها تأخذ شكلا موروبا مفتوحا؛ حيث تحضر من رقائق الدقيق على شكل مثلثات متساوية الساقين كبيرة نوعا ما ويتم حشيها من رأس المثلث المفتوح بالفستق الحلبي لتعطي الوربات مذاقا لذيذا وفوائد غذائية وصحية، تفيد الصائم وتزوده بكثير من المعادن والفيتامينات التي يحتويها الفستق الحلبي.

ومن منطقة حوران جنوب العاصمة دمشق التي يشتهر أهلها بتحضير الحلويات الشعبية التراثية البسيطة خاصة في شهر رمضان ومنها (المعيسة) والتي يطلق عليها اسم «خبز حوراني»، حيث يتم تقطيع رغيف الخبز السميك إلى قطع صغيرة بعد خروجه من الفرن، ويصب عليه السمن العربي والسكر ويعجن (يمعس) باليد حتى يتشرب مزيج السكر والسمن بالشكل المطلوب، ومن الحلويات الحورانية أيضا، المبروشة، وهي عبارة عن مزيج الطحين والبيض والسكر وبعض أنواع الخميرة، حيث إن المبروشة تمدد في صينية أو وعاء مدهون بالسمن، مع أخذ كمية من العجين إلى الثلاجة، لتتجمد وتوضع على العجينة الموجودة خارج البراد طبقة مربى، ثم تجلب العجينة المتجمدة وتبرش فوق المربى وتشوى بالفرن.