رمضان يجبر المئات في السعودية على الإقلاع عن التدخين بصورة نهائية

بعد محاولات لم يكتب لها النجاح في بلد يعد الرابع عالميا في نسبة المدخنين

شهر رمضان فرصة طيبة للإقلاع عن عادة التدخين وتجنب مضاره («الشرق الأوسط»)
TT

وجد كثير من المدخنين في السعودية شهر الصوم فرصة ثمينة للإقلاع عن عادة التدخين، بعد محاولات لم يكتب لها النجاح، لأسباب تعود إلى ضعف الإرادة أو فشل أسلوب الوصول إلى هذا المطلب في بلد يعد الرابع عالميا في نسبة المدخنين.

وظل هاجس الإقلاع عن التدخين ملازما لكثير من السعوديين والمقيمين، ونجح البعض في ترك هذه العادة إلى الأبد، من خلال الخضوع لجلسات عيادات مكافحة التدخين المنتشرة في معظم المدن ومنها العاصمة (الرياض) التي يقطنها أكثر من 5 ملايين فرد، أو بتناول أدوية منع التدخين التي يتم توزيعها مجانا في هذه العيادات، أو عن طريق شراء الراغبين في ترك التدخين من الصيدليات، بمبالغ تصل إلى مائتي ريال، للعلاج لمدة تتراوح من أسبوعين إلى أربعة.

وقبل حلول رمضان، اتفقت مجموعات من المدخنين والمدخنات، كل على حدة، على جعل شهر الصوم فرصة مواتية للإقلاع عن التدخين دون الخضوع لجلسات علاج تقدمها عيادات مكافحة التدخين، ونجحت بعض هذه المجموعات في الصمود خلال الأيام الخمسة الماضية، وعقدوا العزم على مواصلة المشوار حتى نهاية الشهر لترك التدخين استفادة من طول ساعات الصوم في النهار، ومعه بدأت الأعراض الانسحابية في الزوال التدريجي، مما ساعدهم على ترك هذه العادة بصورة نهائية، في حين استبدل بعض المدخنين بالسجائر النرجيلة أو الشيشة في محاولة للإقلاع تدريجيا عن التدخين وهو إجراء نجح مع البعض وفشل مع البعض الآخر، حيث تحول إدمان السجائر إلى إدمان الشيشة.

ونجح المئات من السعوديين والمقيمين في الإقلاع عن التدخين نهائيا بصورة فجائية من دون اللجوء إلى أساليب طبية أو علمية لمساعدتهم في ذلك، في بلد يعتبر الرابع عالميا في نسبة المدخنين.

وقد تحقق هذا النجاح بسب شهر الصوم الذي حل في البلاد الجمعة الماضي، ووجد المئات من المدخنين هذه المناسبة الدينية فرصة للإقلاع عن التدخين من دون رجعة، حيث تساعد أجواء رمضان على تحقيق هذا المطلب الذي يمثل هاجسا لهم للبحث عن أساليب مجدية لترك هذه العادة، وشهدت المواسم الرمضانية الماضية نجاح المئات في الإقلاع عن هذه العادة، استفادة من أشهر الصوم مع توفر الإرادة الصادقة لترك التدخين.

ويقول «س. البدر»، 53 عاما، إن مشكلة التدخين ظلت تؤرقه منذ سنوات، ولم يتمكن من الإقلاع عن هذه العادة السيئة خلال أكثر من ثلاثة عقود، هي عمره في مجال التدخين، لافتا إلى أنه قرر منذ الخميس الماضي الذي سبق شهر رمضان ترك التدخين بصورة فجائية ودون أن يلجأ إلى أساليب للتقليل من تناول السجائر يوميا، معتبرا أن الأيام الخمسة الأولى بالنسبة له كانت عصيبة، مشبها وضعه بطفل تم حرمانه من حليب أمه، موجها رسالة إلى المدخنين، طالبهم فيها باستغلال هذا الشهر لترك أسوأ عادة يمارسها الإنسان ولا تتحقق فيها أي فائدة إيجابية، مشددا على أن الإرادة الصادقة عامل مهم في هذه المسألة، استفادة من تجربة صديق له أقلع عن التدخين في رمضان الماضي ولا يزال صامدا.

ويشعر محمد العامر، 49 عاما، بأنه ولد منذ أسبوع فقط بعد أن قرر طواعية الإقلاع عن التدخين، مستغلا بذلك حلول شهر رمضان، حيث وجد فيه الفرصة لتحقيق هذا المطلب بعد محاولات يائسة خلال العقدين الماضيين لترك هذه العادة، مشيرا إلى أنه اتفق مع صديق له أن يقلعا عن التدخين بصورة نهائية مستفيدين من أجواء رمضان، وبالفعل نجح مع صديقه في عدم تناول أي سيجارة منذ يوم الجمعة الماضي، وذكر أنه يتصل بصديقه يوميا عبر الهاتف لمناقشته في وضعهما بعد القرار المفاجئ لترك التدخين والتشجيع على الاستمرار في ذلك، مشيرا إلى أن الخطورة في مثل هذا القرار تكمن في الأيام الثلاثة الأولى، التي تعتبر المحك الحقيقي لتجاوز الصعوبات المترتبة عن الإقلاع المفاجئ عن عادة التدخين وبداية زوال الأعراض الانسحابية، مشددا على أن الإرادة الصادقة عامل مهم يجب أن يتوفر في كل من يرغب في الإقلاع عن هذه العادة السيئة.

وفي المقابل، لم تفلح محاولات محمد السالم، 33 عاما، في الإقلاع عن التدخين، بعد أن انتهج أسلوبا مختلفا عن الآخرين، إذ لجأ إلى استخدام الشيشة بدلا من السجائر، وذلك خلال الأيام الخمسة الماضية من رمضان، وأصبح مدمنا لرؤوس الشيشة بدلا من السجائر، حيث يتناول في الفترة التي تعقب الإفطار وحتى وقت السحور 3 رؤوس من الشيشة، موضحا لـ«الشرق الأوسط»، أنه على الرغم من ذلك، فهو عاقد العزم على ترك كل ما يتعلق بمشتقات التبغ، ومنها الشيشة، مبررا قيامه باستبدال الشيشة بعادة تناول السجائر، بأنه أسلوب ناجح، حيث إن الشيشة لا يمكن استخدامها في المنزل أو الشارع أو المركبة أو خلال العمل بعكس السجائر التي تبقى ملازمة للمدخن حتى في غرفة نومه.

وسجلت السعودية رقما لافتا في حجم مشكلة التدخين، حيث احتلت المرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد المدخنين بها من مواطنيها والمقيمين على أرضها، إذ تجاوز عدد المدخنين بها 6 ملايين مدخن، يحرقون ما يزيد على 12 مليار ريال سنويا على السجائر.

وكشف أحدث كتاب صدر بهذا الخصوص أن ما يزيد على 30 في المائة من طلاب المدارس في السعودية أصبحوا في عداد المدخنين، كما أن 50 في المائة من الطالبات والمعلمات مدخنات. واستطرد سلمان العمري، في كتابه الذي أصدره عن آفة التدخين، بأن الطب والدين يؤكدان أهمية تفعيل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية بخصوص منع التدخين والتقليل من آثاره الصحية من خلال منع التدخين منعا باتا في أماكن العمل ووسائل النقل والأماكن العامة، ورفع نسبة الرسوم الجمركية على التبغ بأنواعه المختلفة، ومنع بيع الدخان ومشتقاته للصغار، بالإضافة إلى إجراءات وضوابط رأى المؤلف أنها كافية لمنع التدخين.