الفوانيس الورقية حيلة أطفال بصعيد مصر لاقتناص فرحة رمضان

تصنعها الطفلة رضا بأوراق الكتب القديمة

أحد الأطفال يلهو بفانوس ورقي («الشرق الأوسط»)
TT

بدأ طابور الأطفال يزداد طولا يوما بعد يوم أمام منزل الطفلة القناوية رضا حسن ذات الثلاثة عشر ربيعا، منذ مطلع شهر رمضان المبارك الحالي.. طابور قوامه أطفال بسطاء في درب ممتد، على جانبيه بيوت يتكئ بعضها على بعض، في انتظار أن يحصل كل منهم على فانوسه الجديد.

محملين بالكتب أو الصحف القديمة، ينتظر صف الأطفال إلى أن تفرغ رضا من مهامها لتتفرغ لهوايتها التي أصبحت تدر عليها دخلا يساعد في تدبير معايش أسرتها.. هي من ناحيتها لا تحمل إلا مقصا وبكرة خيط ودأب الصعيديات.. أدوات بسيطة متوافرة في معظم المنازل أصبحت رضا تستغلها في صنع الفوانيس بمختلف أشكالها وأحجامها، ولتحمل نصيبها من هموم الحياة في قرى مصر الفقيرة.

وجدت رضا في زينة رمضان التي يتهافت كثيرون على شرائها مع حلول شهر رمضان فرصة ذهبية لا تتوافر كثيرا لتحقيق ربح مادي يساعد أسرتها في تحسين دخلهم المادي خلال شهر رمضان للتمكن من جلب احتياجات الشهر الفضيل ومن بعده عيد الفطر المبارك.

وتقول رضا التي تقطن بإحدى قرى محافظة قنا: «دفعني التهافت والإقبال الشديد من قبل الأهالي على شراء الفوانيس المصنوعة من الزجاج والصفيح والورق مرتفعة الثمن إلى التفكير في صنع فوانيس وزينات ورقية بسيطة تؤدى الغرض نفسه لكن بأسعار في متناول الجميع، بحيث لا تمثل عبئا على من يشتريها».

«نحن نحب الشهر الفضيل ونسعد بلياليه» هكذا تتابع رضا، وتضيف أن هذا الطعم المختلف لرمضان تصنعه التفاصيل المختلفة التي يقوم بها الشيوخ والأطفال. تقول رضا: «أنا أستعد لشهر رمضان بالفوانيس والزينات وأقوم بتعليقها فوق منزلي قبله بأسبوع أو أسبوعين».

أمام بيتها الريفي، يتوافد الأطفال الصغار من الصباح الباكر لإحضار الأوراق المستخدمة في صنع الفوانيس وحجز دورهم في طابور الراغبين في شراء الفوانيس الورقية، فعمل الفوانيس لا ينقطع إلا مع دخول شهر رمضان نصفه الثاني، فرخص أسعارها يجعل الأطفال يرغبون في شراء المزيد منها.

وعن سبب شهرتها في صنع الفوانيس الرمضانية بقريتها، تقول: «لقد شاهد كثير من الأهالي والأطفال الزينات الورقية التي تزين حوائط منزلي، فطلبوا مني عمل مثلها، وبدأت بعدها أحترف صنع الفوانيس والزينات الورقية التي أجد متعة كبيرة أثناء عملها، لأنها لا تحتاج وقتا كبيرا، بالإضافة إلى البسمة التي أراها مرسومة على وجوه الأطفال عندما يحصلون على هذه الفوانيس البسيطة».

وقد بدأ هامش الاختلافات يتسع بين زينة الفقراء في القرى والمدن الصغيرة، والزينة التي يفضلها أهل المدينة، لأسباب اقتصادية. وقد ظهرت خلال السنوات الماضية المصابيح الصغيرة التي تعلق على الأشجار ومداخل البيوت والتي أخذت تحتل مساحات أكبر، لتتراجع أمامها التعاليق الورقية التي كانت تغطي شوارع القاهرة طوال شهر رمضان.

رضا الفتاة الخجول التي ترفض أن نلتقط لها صورة أثناء عملها تشرح أن هوايتها تعتمد على وجود الخامات المحلية البسيطة المتوافرة في معظم المنازل المصرية، فأي بيت لا يخلو من وجود كتب مدرسية أو مجلات قديمة، مع استخدام مقص لقص الأوراق وتسويتها بشكل معين، ثم ربطها بخيط رفيع يحفظها من التمزق أو التلف، يستغرق عمل الفانوس الكبير نحو ساعة، أما الفانوس الصغير فلا يستغرق أكثر من نصف ساعة.

وعن طريقة عملها، تقول رضا: «أبدأ بإحضار الخيوط ووضعها في أطراف الورق، ثم أطوي الورق بشكل معين.. طي ورقة بطريقة نصفية والأخرى على شكل مثلث، ويتم عمل الفانوس من قطعتين أو ثلاث، ثم يتم تجميعها بالخيوط الرفيعة».

لا تبالغ رضا في أسعار منتجها، لأنها تعرف أن سر حضورها المميز في شهر رمضان قائم على أساس قدرتها على تلبية رغبات الأطفال الفقراء في اللهو واللعب بفوانيس حقيقية في الشهر الفضيل، لذلك تكتفي بجنيهين سعرا للفانوس الصغير و5 جنيهات للفانوس الكبير، «هذا طبعا إذا وفر المشتري الأوراق من عنده، أما إذا قمت أنا بإحضار الأوراق والكتب القديمة من عندي فيرتفع سعر الفانوس قليلا». وقد وجدت الزينات الورقية رواجا ملحوظا في السوق الرمضانية مع ارتفاع أسعار الخامات الأخرى والمستوى الاقتصادي المتدني الذي تشهده البلاد، خاصة في المناطق المحرومة بالصعيد.