الشيخ الراوي لـ «الشرق الأوسط»: مصر لا تغيرها الأحداث فقد مرت بأخطر منها

عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: التعرض لرموز الصحابة والأنبياء في المسلسلات أمر مرفوض

د. محمد الراوي عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر بمصر («الشرق الأوسط»)
TT

وجّه الشيخ محمد الراوي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، دعوة للأمة الإسلامية في شهر رمضان لأن تتوحد وتعتصم وتأتلف وتعتصم بحبل الله ولا تتفرق، حتى تستطيع أن تبلغ رسالة الله للعالم، وطالب الصائمين في نهار رمضان بقراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه لأن فيه علاجا لجميع مشكلاتهم.

وقال الشيخ الراوي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، في حواره مع «الشرق الأوسط» إن «التعرض لرموز الصحابة والأنبياء في الأعمال الدرامية أمر مرفوض لقدسيتهم»، داعيا ولاة الأمر في مصر إلى الاهتمام بـ«كتاتيب القرى» في المحافظات وتعليم النشء القرآن وتربيتهم على النهج القرآني وتعاليم الإسلام السمحة والأفكار المعتدلة، لأن ذلك هو الضمانة الوحيدة للابتعاد عن التشدد والتطرف.

وحدد الراوي صفات معينة للداعية الإسلامي، أهمها أن يكون حافظا لكتاب الله وعلى علم تام بالسنة النبوية وتكون لديه القدرة على الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث.. وإلى الحوار:

* كلمة توجهها إلى الأمة الإسلامية بمناسبة شهر رمضان؟

- يجب أن نذكر في شهر رمضان فضله، ونذكر أمتنا بأن تتوحد وتأتلف وتعتصم بحبل الله جميعا ولا تتفرق، حتى تستطيع أن تبلغ رسالة الله للعالم، وأن يرى العالم جميعا في صفات الأمة ما يغريهم لمعرفة حكمة وجودهم ورسالتهم وحكمة الرسل إليهم. وشهر رمضان يغرينا أن نتدبر الصوم من خلال آيات القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

* وبم تطالب المصريين في شهر الصيام؟

- أدعوهم إلى قراءة القرآن الكريم بتدبر وخشوع تجعلهم يعملون به، ونصيحتي للمسلمين لعلاج مشكلاتهم أن يتمسكوا بالقرآن الكريم، وما صح عن رسول الله صلى الله وعليه وسلم.

* حدثنا عن ذكرياتك في رمضان.

- الحياة في رمضان في الماضي كانت بسيطة ولم يكن فيها أدوات تشغل الإنسان أثناء رمضان، والناس كانت تنشغل فقط بسماع القرآن الكريم والاستغفار، وكان ليل رمضان كله ذكرا وسماع قرآن.

* وهل تخشى على مصر من بوادر فتن وانقسامات؟

- مصر لا تغيرها الأحداث مهما بلغت، لأنه قد مرت عليها أحداث كثيرة أكثر حساسية وخطورة مما تمر به الآن بعد ثورة 25 يناير، وعلى الرغم من ذلك لم تنَل هذه المتغيرات والأحداث من مصر، فضلا عن أن دور الأزهر موجود منذ ألف سنة، وتأثيره ملحوظ في مختلف مناحي الحياة سواء بالنسبة للمصريين أو لغيرهم من المسلمين في مختلف بلدان العالم.

* من وجهة نظرك.. ماذا يفعل المصريون لمواجهة الأحداث السياسية التي تحدث من وقت إلى آخر؟

- على أبناء مصر أن يحافظوا عليها بكل ما يملكون من قوة، وأتمنى أن يترابطوا كالجسد الواحد مصداقا لقوله تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لا نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا»، وهذا لا يعني أبدا أنني أرفض الاختلاف، بل أنا مع الاختلاف والحوار الدائر الآن بين التيارات المختلفة في المجتمع، لأن الاختلاف لو كان موضوعيا فإن النتيجة ستكون في صالح المجتمع، لكني في ذات الوقت أرفض بشدة هذه الفرقة غير المبررة الموجودة في مصر، لأن الاختلاف لا يعني الفرقة، لقوله تعالى: «وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ».

* كيف ترى تجسيد شخصية الفاروق عمر في عمل درامي يذاع في رمضان؟

- التعرض لرموز الصحابة والأنبياء في المسلسلات أمر مرفوض لقدسيتهم وحياتهم، ولا يجوز أن يمثل صورتهم في عمل باسم الإبداع والابتكار، فالديمقراطية والتعبير عن الرأي لا يجب أن تكون على حساب الآخرين.

* وكيف ترى دور الفضائيات في رمضان؟

- الفضائيات من المفترض أنها وسائل إعلام عالمية لدين عالمي في شهر القرآن، لكن البعض للأسف أخضعوا هذه الوسائل لهواهم وأصبحوا يتبارون في إظهار الإغراءات، واستعملوا هذه الوسائل استعمالا خاطئا، ومسؤولية الإفساد هذه سيدفع أصحابها ثمنها في الدنيا وفي الآخرة.

* الاهتمام بالقرآن شهد حالة من التراجع خلال الآونة الأخيرة.. لماذا؟

- بالفعل شهد الاهتمام بالقرآن الكريم تراجعا ملحوظا، لذلك على ولاة الأمر أن ينتبهوا إلى ذلك، وأن يحرصوا على إعادة كتاتيب القرى، التي كانت تتسابق في الماضي لتحفيظ الأطفال والشباب كتاب الله، فلا بد أن تتكاتف الجهود لتعليم النشء القرآن وتربيهم على النهج القرآني وعلى تعاليم الإسلام السمحة والأفكار المعتدلة، لأن ذلك هو الضمانة الوحيدة للابتعاد عن التشدد والتطرف، فالإسلام دين وسطي يجب أن يتبع، وما خالفه يجب أن يجتنب.

* وهل ما يعيشه العالم العربي الآن هو حالة من الصحوة الإسلامية؟

- الصحوة الإسلامية التي كثر الكلام عنها هي صحوة في الضمير الإنساني كله ويقظة لها دوافعها، فرفض الديكتاتورية دليل على أن الإنسان يأبى أن يستعبد أو يهان، والصحوة تقتضي تحرير الإنسان حتى لا يتخلص من أسر غيره ويؤسر بهوى نفسه، والصحوة هي القيام بالواجب وأداء الحقوق، وهي التي ينادي بها الخلق جميعا، فلا صحوة للإنسان الضائع بين سهر الليل وكد النهار، الشارد بعقله وراء لقمة عيشه، الخائف من يومه والمتوجس من غده، فالأرض ما ضاقت بأهلها ولن تضيق، والسماء ما ضنت برزقها ولن تضن، فإنه لا يمكن أن يتحقق للناس أمنهم أو يقام في العالم سلام إلا بضرورة الاهتداء بالقرآن واتباع سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، لأن الأمن يرتكن إلى الأخلاق والقيم، والسلام يرتبط بصفات النفس، وهما يعالجان قضايا البشر، فالأمة تحتاج إلى حاكم يقيم العدل والحق والبر والصدق لا يفرق بين جنس وجنس أو لون ولون ولا يفرق في عدله بين عدو وصديق أو قريب وبعيد.

* من وجهة نظرك.. ما صفات الداعية الإسلامي؟

- الداعية الإسلامي لا بد أن يكون حافظا لكتاب الله، وعلى علم تام بالسنة النبوية، وتكون لديه القدرة على الاستشهاد بالآيات القرآنية ثم بالأحاديث، كما يجب أن يكون ملما بقواعد اللغة العربية والأدب العربي، وأن يحافظ على مظهره، فلا يصح أن يذهب إلى إلقاء الخطبة ومظهره غير لائق، فمظهر الداعية يلعب دورا كبيرا في إنتاج الأثر المرجو، ويفرض القبول والحب والاحترام لدى الناس، وأن يكون بصيرا بأحوال الناس فيخاطبهم بالموضوعات التي تشغل بالهم أو الدائرة على الساحة، سواء كانت داخلية أو خارجية، وأن يختار الموضوع المناسب للتحدث عنه.