رئيسة جمعية «حواء» التونسية: لا نريد تغييبا قسريا ولا إبرازا إجباريا للمرأة.. ونكثف جهود التوعية وسط النساء في رمضان

ثريا شطيبة لـ «الشرق الأوسط»: نعمل على إحياء مظاهر العناية بالمرأة في حضارتنا

د. ثريا شطيبة رئيسة جمعية «حواء» التونسية («الشرق الأوسط»)
TT

جمعية «حواء» جمعية نسائية تونسية، لا يرمز اسمها لأم العالم «حواء» فحسب؛ بل لها دلالات أخرى كما قالت رئيستها الدكتورة ثريا شطيبة لـ«الشرق الأوسط» في حديث خاص: «الحاء حرية، والواو وطنية، والألف أمانة، والهمزة التزام». وتشرح الدكتورة ثريا كيف أن «الحرية مسؤولية، وتشمل حرية التعليم، وحرية الاختيار، وحرية التعبير، وحق المواطنة، والأمانة معروفة في أبعادها المختلفة، و(حواء) اسم لأم البشرية، وفي الوقت نفسه رموز للمبادئ السامية.. وتهدف جمعية (حواء) لمساعدة النساء على حياة طيبة، لا سيما اللاتي يعانين من مشكلات اجتماعية قاهرة. وتعنى الجمعية بالمرأة من جميع النواحي المتعلقة بالتنمية؛ التنمية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والصحة، والحقوق المدنية، وكل ما يهم ويخص المرأة، فالأنثى ليست ديكورا، أو أي شيء آخر مما يدور في تصورات البعض، فنحن نريدها أن تكون فاعلة في كل مناحي الحياة.. نريد أن يكون لها حضور كمي وكيفي وليس صوريا فقط كما كان في السابق.. استغلال المرأة في بعض المعارك الوهمية أو حتى الجدية لا يزال موجودا حتى بعد الثورة، وهناك من يتعامل معها من خلال المخيال وليس الواقع». وتعدد الدكتورة ثريا ما قامت به جمعيتها: «قمنا بتسيير قوافل صحية وأقمنا ندوات ثقافية وسياسية وقدمنا مساعدات اجتماعية لضعيفات الحال». ودعت إلى ضرورة تكثيف جهود التوعية وسط النساء خلال شهر رمضان المبارك.

وحول ما تختلف فيه الجمعية عن جمعيات أخرى تعنى بالمرأة وما الذي تلتقي فيه وتفترق فيه الجمعية عن تلك الجمعيات النسائية، أفادت: «جمعيتنا تنضوي تحت مظلة الهوية العربية الإسلامية، وقد قمنا بعقد ائتلاف مع جمعيات نسائية أخرى تلتقي معنا في الاتجاه نفسها، كما تجمعنا تحالفات مع جمعيات تنموية أخرى يمكن أن تساعدنا في عملنا الموجه للمرأة» ومن بين الجمعيات التي عملت معها «حواء»، تذكر الدكتور ثريا: «تعاونا مع (جمعية تنمية للجميع)، و(جمعية سند للتنمية الاجتماعية)، وتهدف لتقديم العون للأسر المعوزة في عين الصفصاف».

وعودة لتسييس دور المرأة، ترى الدكتورة ثريا أن الجمعية تسعى لجعل مكانة المرأة مكسبا نسائيا.. «لا نريد أن يمن أحد على المرأة.. لا نريد أن نفرض دور المرأة بالقوانين، وإنما أن تكون المرأة جديرة بجهدها وكفاءتها لتولي المناصب». وتضرب مثلا بالمجلس التأسيسي: «نحن مع تولي المرأة جميع المناصب والولايات، ولكن ليس برغبة من الرجل وأمر الرجل فضلا عن عطفه وتكرمه، وما جرى بخصوص المجلس الوطني التأسيسي من مناصفة في عدد المقاعد كان لصالح المرأة ولكن ليس بكفاءتها وجهدها الخاص، ونرى فيه شكلا آخر من الوصاية على المرأة، فهناك إبراز قصري مقابل تغييب قصري، ونحن ضد هذا وذاك». وتستدرك قائلة: «نحن لا نرى المرأة في مواجهة الرجل، ولكنها في تكامل معه، وكما نريد للرجل أن يتبوأ المناصب بكفاءته فقط، نريد للمرأة الشيء نفسه.. وللأسف، فإن كثيرا من الأحزاب التي دعت لمناصفة مقاعد المجلس التأسيسي بين الرجل والمرأة وقعت في أزمة عند ترشيح النساء وظلت تبحث عمن ترشح حتى من خارج الحزب، ثم كانوا في صفوف الخاسرين». ووصفت وضع المرأة قبل الثورة بأنها «كانت ديكورا في إطار مزيف».

وأشارت إلى أن المرأة الريفية التي تم تهميشها والنظر إليها على أنها مظهر من مظاهر التخلف، أفضل من كثيرين وكثيرات يأكلون من وراء البحار تحت لافتة تطويرها «المرأة الريفية امرأة عاملة مجتهدة»، و«نحن نركز في عملنا على المشاريع الصغرى الموجهة لها لتواصل ثقتها في نفسها».

ونفت أن تكون جميع الجمعيات النسائية، شكلا من أشكال تقسيم المجتمع بين الرجل والمرأة: «هذا غير صحيح من الناحية النفسية.. أغلب النساء يرتاحون أكثر عندما يتوجهون لجمعيات نسائية أو يتعاملون مع النساء مثلهن، فالمرأة تستطيع أن تتحدث بطريقة أفضل عن مشكلاتها لامرأة مثلها أفضل من الحديث لرجل».

إضافة للعمل الاجتماعي والصحي، تقدم الجمعيات النسائية استشارات قضائية للنساء اللواتي لدين مشكلات عدلية على اختلافها، كما تقوم بالتوسط لحل المشكلات الزوجية، كما تفكر في إحياء مآثر الحضارة الإسلامية عندما كان للمرأة الغضبى أو الغضباء (الغاضبة من بيت زوجها) بيتا يؤويها مجانا من مرافق وعائدات الوقف والزكاة وغيرها.. «هذا البيت فكرة جيدة حتى لا تخضع المرأة لتأثيرات أسرتها سلبا نحو الطلاق أو إجبارها على العيش مع رجل لا يمكن استمرار الحياة معه. وما يدفعنا لتبني هذه الفكرة هو أن تاريخنا سبق إليها، ثم تم تبنيها من قبل من يعيشون شيزوفرينيتهم الخاصة».

وأعربت الدكتورة ثريا عن سعادتها لشدة إقبال النساء التونسيات على الجمعية التي ترأسها، والتي تعنى بجميع شرائح النساء في المجتمع بما في ذلك السجينات.. «حصلنا على ترخيص من وزارة العدل لزيارة سجون النساء، وطلبنا من وسائل الإعلام مرافقتنا، وأخذنا معنا هدايا للسجينات، وجلسنا معهن وعملنا على حل مشكلاتهن ونجحنا إلى حد كبير، ولكن راعنا أن الجريدة التونسية التي استضفناها تنسب لنفسها مبادرة زيارة السجن».

وكشفت عن وجود مبادرة لعقد تنسيقية بين جميع الجمعيات النسائية، «لأن كثرة الجمعيات والانفجار الجمعياتي الذي شهدته تونس بعد الثورة قد يشتت المجهود، ولذلك هناك مسعى لتوحيد الجهود في هذا الخصوص».