مفتي مصر يحدد قيمة زكاة الفطر بـ6 جنيهات للفرد.. ودار الإفتاء أجازت إخراج «شنط رمضان» منها

علماء لـ «الشرق الأوسط» : الزكاة لا تسقط عن المسلم حتى يموت ومن يتعمد عدم إخراجها «آثم»

مصريون يقبلون على شراء ملابس جديدة قبل عيد الفطر («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، أن قيمة زكاة الفطر لشهر رمضان المبارك لهذا العام 6 جنيهات للفرد الواحد. وأوضح أن قيمة زكاة الفطر تعادل 2 كيلو ونصف الكيلو من الحبوب عن كل فرد، وأن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قدر القيمة وفقا لأقل أنواع الحبوب سعرا وهو القمح.

وبينما أجازت دار الإفتاء المصرية اعتبار «شنط رمضان» التي أخرجها المسلمون خلال شهر الصيام من أموال الزكاة؛ لكنها في الوقت نفسه رفضت اعتبار موائد الرحمن من ضمن أموال الزكاة لكونها تدخل في ضمن الصدقات والتبرعات. قال علماء الإسلام لـ«الشرق الأوسط» إن، «الزكاة لا تسقط عن المسلم حتى يموت ومن يتعمد عدم إخراجها آثم»، معتبرين أن «أصلح وقت لإخراجها بعد فجر يوم العيد، قبل صلاة العيد حتى يتحقق الغرض منها».

يأتي تقدير الدكتور علي جمعة مفتي مصر لقيمة زكاة هذا العام بـ6 جنيهات بنفس قيمة العام الماضي؛ حيث حدد مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف مقدار زكاة الفطر للعام الهجري الماضي 1432ه بـ6 جنيهات، كحد أدنى على كل فرد، وأنه من أراد الزيادة فله أجر كبير.

وأكد الدكتور محمد وهدان، الأستاذ في جامعة الأزهر، أن «زكاة الفطر فرضها الله عز وجل طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، وفيها معني الفرح والسرور والتآخي والمحبة والرحمة‏..‏ فإن إحساس المسلم بأخيه من أعظم القربات، فإذا كان هذا في يوم العيد كان أولى وأعظم‏».

وأضاف الدكتور وهدان، في الحديث الشريف فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر‏، ‏ والذكر والأنثى‏، والصغير والكبير‏ من المسلمين، واستنبط العلماء من هذا المعنى، أن زكاة الفطر على كل من كان حيا من المسلمين‏، فمن ولد قبل فجر يوم العيد بلحظة واحدة فهو من أهل الزكاة‏، ويدخل في ذلك الكبار والصغار والشباب والشيوخ‏، لافتا إلى أن بعض العلماء استحب أن تدفع عن الجنين الذي قارب أن يولد عند الجمهور.

وتابع وهدان: «الزكاة واجبة عند الجمهور على من لديه من المال ما يزيد على حاجته وحاجة من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته‏».

وطالب وهدان، المزكي أن يكون في غاية الحرص على شعور الفقير وألا يحرجه بأي أسلوب أو طريقة، ‏ ومن باب أولى أن يقدمها له في صورة هدية أو نحو ذلك؛ لأن كسر القلوب من أعظم الذنوب، لا سيما إن كان قريبا أو جارا أو عزيزا‏، مشيرا إلى أن الوقت المستحب لإخراج زكاة الفطر بعد غروب شمس آخر يوم في رمضان إلى قبل صلاة العيد، وبعض العلماء قال قبل العيد بيومين بل جعلها البعض في رمضان كله‏، مؤكدا أن من أخرها حتى يصلي العيد فهذا مكروه وقيل يحرم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللهو والرفث وطعمة للمساكين‏، ‏ فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة‏، ‏ ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات‏»، وعليه أن يؤديها لأن ذلك حق الله وليعلم أن هذه الزكاة لا تسقط بحال من الأحوال على العبد إلى أن يموت فإن لم يدفعها ومات أخذت من ماله قبل تقسيم الميراث ومن لم يخرجها عامدا متعمدا فقد أتي إثما عظيما وذنبا كبير‏ا.

في السياق ذاته، أفتت دار الإفتاء المصرية بأنه يجوز اعتبار «شنط رمضان» التي يخرجها المسلمون في شهر الصيام من أموال الزكاة؛ لكنها في الوقت نفسه رفضت اعتبار موائد الإفطار من أموال الزكاة؛ لكنها من الصدقات والتبرعات وغيرها من وجوه الإنفاق.

وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أن الإنفاق على موائد الإفطار في رمضان التي لا تفرق بين الفقراء والأغنياء، إنما هو من وجوه الخير والتكافل الأخرى كالصدقات والتبرعات لا من الزكاة؛ إلا إن اشترط صاحب المائدة أن لا يأكل منها إلا الفقراء والمحتاجون وأبناء السبيل من المسلمين، فحينئذ يجوز إخراجها من الزكاة، ويكون تقديم الطعام لهم حينئذ في حكم التمليك؛ على اعتبار الإطعام في ذلك قائما مقام التمليك، أما شنط رمضان التي يتحرى فيها تسليمها للمحتاجين فهذه يجوز إخراجها من الزكاة؛ لأن التمليك متحقق فيها.

وأضافت دار الإفتاء في فتواها أن موائد الإفطار التي انتشرت في بلادنا خلال شهر الصيام والتي يطلق عليها (موائد الرحمن)، هي بلا شك مظهر مشرق من مظاهر الخير والتكافل بين المسلمين؛ لكنها طالما جمعت الفقير والغني فإنها لا تصح من الزكاة؛ لأن الله تعالى قد حدد مصارف الزكاة في قوله سبحانه: «إنَّما الصَّدَقاتُ للفُقَراءِ والمَساكِين والعامِلِين عليها والمُؤَلَّفة قُلُوبُهم وفي الرِّقابِ والغارِمِين وفي سَبِيلِ الله وابنِ السَّبِيلِ فَرِيضة مِنَ الله وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، ولذلك اشترط جمهور الفقهاء فيها التمليك؛ فأوجبوا تمليكها للفقير أو المسكين حتى ينفقها في حاجته التي هو أدرى بها من غيره، وإنما أجاز بعض العلماء إخراجها في صورة عينية عند تحقق المصلحة بمعرفة حاجة الفقير وتلبية متطلباته.

من جانب آخر، طالب عدد من علماء الدين في مصر الرئيس محمد مرسي بإنشاء وزارة لأموال الزكاة‏، قائلين: يجوز لإمام المسلمين إنشاء وزارة للزكاة؛ بل إن بعضهم أوجبها فقد أخذ بعض العلماء من قوله تعالى: «والعاملين عَلَيْهَا»، وأنه يجب على الإِمام أن يرسل من يراه أهلا لجمع الزكاة ممن تجب عليهم.

وقالوا: قد تأكد هذا الوجوب بفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في أحاديث متعددة أنه أرسل بعض الصحابة لجمع الزكاة، وروى البخاري عن أبى حميد الساعدي قال: «استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه».