«الفول المدمس» معشوق المصريين على موائد السحور

يتمتع بمزايا غذائية تعين الصائم على تحمل الجوع

في شهر رمضان يزداد الإقبال على الفول خاصة في وجبة السحور («الشرق الأوسط»)
TT

«إنْ خلص الفول.. أنا مش مسؤول»، شعار يرفعه بائع الفول الذي يقف على ناصية شارع رئيسي بمدينة قنا بصعيد مصر لمدة ساعتين يوميا فقط، بداية بعد صلاة العشاء والقيام، لبيع كمية الفول الذي يجد إقبالا وزحاما، حيث يتسابق الصائمون للحصول عليه لما يتميز به من طعم خاص على مائدة السحور في شهر رمضان.

فطبق الفول الذي يجيد صنعه الشاب محمد حداد، يعد وجبة أساسية لكثير من المصريين، فلا تخلو الموائد المصرية سواء الفقيرة أم الغنية منه، ولا يقتصر الاهتمام بطبق الفول على فقراء المصريين فحسب، بل يتنافس عليه الأغنياء مثل الفقراء تماما.

يقول بائع الفول، الذي يبلغ من العمر ثلاثين عاما: «طبق الفول شيء مقدس لدى المصريين في كل شهور السنة، لكن في شهر رمضان يزداد الإقبال عليه، خاصة في وجبة السحور لما يحتويه طبق الفول من مزايا غذائية تجعل الصائم يقدر على احتمال الجوع بقية اليوم».

ويواصل: «في شهر رمضان، أقوم منذ الصباح يوميا بتجهيز قدرة (وعاء) الفول، حيث أتركها على النار لمدة 7 ساعات حتى تنضج بشكل جيد قبل صلاة العشاء، ثم أحضرها إلى هنا في الشارع؛ حيث اعتاد الناس أن يروني موجودا هنا، وأقوم بعدها بتجهيز الأكياس للراغبين في الشراء، بالإضافة إلى تجهيز بعض الساندويتشات للراغبين في تناول الفول في الشارع».

وبحسب حداد، يختلف بيع الفول في رمضان عن بقية أيام السنة، ففي رمضان يكثر بيع الفول في أكياس صغيرة، يباع أقلها بسعر جنيه واحد، أما في بقية أيام السنة فيكثر بيع الساندويتشات أو تجهيز وجبة فول مع قطع البصل والمخلل.

لم يكن محمد حداد الوحيد الذي يحظى بإقبال المواطنين، بل هناك كثيرون من بائعي الفول الذين يزاولون نشاط بيع الفول في رمضان فقط، على أنها مهنة موسمية نتيجة الإقبال المتزايد عليه، بما يدر عليهم ربحا خلال الشهر الفضيل، حيث يكثر هؤلاء الباعة في الشوارع وعلى الأرصفة التي يختارون من بينها مكانا مميزا، وهناك البعض الآخر الذي يجوب الشوارع بعربته الصغيرة كي يبيع كمية الفول التي قام بصنعها.

ويعد الفول المدمس أكلة شعبية مصرية، عرفها المصريون منذ آلاف السنين، وكلمة «فول» تعد مصرية قديمة، أمام كلمة «مدمس» فهي كلمة قبطية تعني المطبوخ أو المطمور تحت الأرض. بما يعني أن الفول جزء من التراث الشعبي المصري، حتى إن المصريين أطلقوا عليه كثيرا من الأسماء التي تدل على خصائصه وصفاته، وكان من أبرز هذه الأسماء «مسمار البطن» و«لحم الفقراء» و«كباب الغلابة» و«الخلطة المسلحة»، وذلك لما يحتويه من بروتينات عالية القيمة تغني الفقراء عن أكل اللحوم مرتفعة الثمن.

وتقول إحدى ربات البيوت لـ«الشرق الأوسط»: «الفول من الأطباق الرئيسية التي أحرص على وجودها في وجبة السحور بشكل يومي، بل إن أبنائي لا يمكنهم السحور إلا في وجوده، لذا أحرص على التنويع في طرق إعداده بإضافة بعض المكونات إليه لكي ينال إعجابهم، مثل إضافة الطحينة إليه أو الطماطم والبهارات أو الليمون أو الفلفل الأخضر، كذلك يمكن إعداد الفول بإضافة مكون آخر إليه مثل البيض أو البسطرمة أو السجق».

عن أهمية الفول، تذكر الدراسات العلمية أن الفول غني بالبروتينات والدهنيات‏ والفيتامينات‏ والمعادن، كما أن البقوليات؛ وفي مقدمتها الفول، تفيد في تنظيم حركة القولون والوقاية من الإمساك وما يصاحبه من آلام أو تقرحات أو بواسير، وتحد من ارتفاع الدهون في الجسم، وكذلك من ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد الأكل مع الإقلال من كمية الإنسولين التي يحتاجها الجسم، حيث تزيد من فعالية هرمون الإنسولين، وتساعد في حرق السكر، وبالتالي تساعد على خفض الوزن لأنها تكسب الشعور بالشبع والامتلاء من دون ارتفاع في السعرات الحرارية، كما أن الفول يمنع الإصابة بالأزمات القلبية ويعمل على تخفيض نسبة الكولسترول في الدم.\