أجواء الشهر الفضيل تشعرني بلمسات روحانية

الفنان الأردني داود جلاجل

TT

أفضل الاستراحة في رمضان للتفرغ للعبادة والصيام والقيام وقراءة القرآن الكريم، خاصة أن أجواء الشهر الفضيل تشعرني بلمسات روحانية مميزة عن بقية أيام السنة. عمري 67 سنة، وأنا من مواليد قرية سلوان -القدس بفلسطين المحتلة عام 1947، لكنني عشت معظم طفولتي منذ الصغر في العاصمة الأردنية عمان.

في ستينات القرن الماضي، كنت أقضي معظم وقتي في المسجد الحسيني وسط عمان، حيث كنت مع مجموعة من الصبية من أبناء الحارة بحي المهاجرين، نذهب إلى المسجد منذ الصباح نتوضأ ونصلي ونقرأ القرآن الكريم، وننام أحيانا، ونصلي الظهر والعصر، ونقرأ كتب التفسير والسيرة النبوية وغيرها من الكتب الموجودة في مكتبة المسجد.

وأذكر أن والدتي كانت توقظني مع إخوتي لتناول طعام السحور وتهيئ لنا سفرة كبيرة من مختلف الأنواع من المقالي البطاطا والبندورة والباذنجان، إضافة إلى الطعام «البايت» في الليلة التي سبقت السحور، فكانت تجهز هذه السفرة على البابور الكاز أو (البريمس) قبل موعد السحور بساعة أو أكثر ونحصل على وجبة كبيرة، خاصة أننا من العائلات الممتدة الكبيرة، حيث يجتمع على السحور 13 فردا من إخواني وأخواتي، إضافة إلى بعض الأقارب القادمين من القدس لزيارتنا.

كانت أجواء رمضان تنعكس على الصغار قبل الكبار، فمثلا كان من المعيب أن يفطر أحد أو أن يجهر بأنه مفطر، لأن الجميع يوبخه، وأحيانا يسمع كلاما قاسيا من كبار السن. كنا ننتظر صوت المدفع من قلعة عمان، حيث لم تكن أجهزة الراديو منتشرة بكثرة، وصوت المؤذن المسجد لم يصل إلينا بسبب ضعف مكبرات الصوت في ذلك الحين. وكان والدي حريصا على زيارة عماتي في عمان بشكل شبه يومي، وأحيانا نذهب إلى تناول الإفطار عند بيت جدي أو نطلب من الجد أن يتناول عندنا الإفطار، وكانت القطايف سيدة المائدة بعد الإفطار، حيث كنت أذهب إلى مخبز الحي للشوي أو يجري قليها بالزيت في المنزل، وكنا ونحن صغار نخبئ حبة قطايف غير مشوية لأكلها نيئة بعد الإفطار.

بالنسبة للمسحراتي، كنا نسمعه ولا نرى وجهه إلا يوم العيد كي يحصل على الفطرة (أجرته)، حيث كان يسير بسرعة ولا نستطيع اللحاق به في شوارع وزواريب عمان القديمة.

كنت أتردد مع والدي نهاية كل أسبوع على مدينة القدس قبل احتلالها لزيارة أقاربي، وأذكر في رمضان أنني قبلت يدي الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد، حيث كان الشيخ في وقتها نجما كبيرا أكبر من نجوم السينما، وقد تدافع عليه المعجبون بصوته في المسجد الأقصى، وأنا لصغر سني تمكنت من الوصول إليه وتقبيل يديه.

أيام رمضان الأخيرة التي تسبق أيام العيد، حيث يبدأ العد التنازلي لعيد الفطر المبارك، كان والدي أو والدتي يشتري لنا الملابس ولا يسمح لنا بالاختيار، وإذا لم يعجبك ما يشتريان لا يجري إرجاعه، لأن شقيقي الآخر يأخذه، وهناك من إخوتي من يأخذه.

وفي أيام العيد، أكون سعيدا جدا إذا كان جدي من أمي موجودا بعمان، حيث يعطيني عشرة قروش عيدية، وهذا مبلغ ضخم بالنسبة لي، حيث إن العيدية في ذلك الحين لا تتعدي القرشين أو الخمسة قروش.

شاركت في مسلسل «رعود المزن» من إخراج أحمد دعيبس، ويعرض على محطة «إم بي سي» خلال الشهر الفضيل، إضافة إلى أنني انتهت من تصوير مسلسل أردني بعنوان «موج أزرق»، من إنتاج التلفزيون الأردني وسلطة العقبة، حيث جرى تصوير أحداث المسلسل في مدينة العقبة (جنوب الأردن)، وشاركت فيه نخبة كبيرة من الفنانين الأردنيين الصاعدين.