التنوع في البرامج الرمضانية بالمطاعم اللبنانية يحصد حضورا خجولا من الصائمين

الإفطار والسحور يتقاطعان مع المباريات الأكثر حماسة في المونديال

مقاهي ومطاعم بيروت في أيام رمضان
TT

البرامج الرمضانية تكاد تكون القاسم المشترك بين المطاعم اللبنانية، وهي تقدم وجبتي الفطور والسحور، اللتين تتقاطعان تقريبا مع مواعيد مباريات الأدوار لنهائية لمونديال كأس العالم 2014.

فبعد ازدحام كثيف خلال اليومين الأول والثاني من هذه البطولة، شهدت مقاهي ومطاعم بيروت في الأيام التالية تراجعا لافتا للرواد والمتابعين للمسابقة العالمية البارزة، على الرغم من جهود أصحاب المقاهي الواضحة لإغراء الزبائن وجذبهم عبر تحسين الخدمات وتقديم البرامج المغرية.

وفي الوقت الذي يتزايد فيه الإقبال في عطلة نهاية الأسبوع، وعند إقامة مباريات لمنتخبات قوية، يأتي العامل الأمني في مقدمة أسباب «العزوف»، فيما تتنوع بقية الأسباب بين تفضيل البعض لمشاهدة المباريات في المنازل ومع الأصدقاء - بعد أن أصبحت مجانية - وبين وصف البعض المستوى الفني للبطولة بـ«الضعيف»، ومعاناة البعض الآخر من «الإفلاس».

ويقول جاد مطر، مدير مطعم «chez tala» في منطقة الحدث، في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في صالة المطعم «قمنا بإجراء الكثير من التعديلات على وجباتنا وأصنافها، بما يتناسب مع متطلبات هذا الشهر الفضيل، من بينها أنواع الشوربات والصحن اليومي. لدينا برنامج خاص بوجبة الإفطار، وآخر بوجبة السحور، ليس لدينا رسم دخول ما دام الزبون يأتي ليتناول إحداهما أو كلتيهما، بينما كان الرسم مع بداية المونديال خمسة دولارات (من دون طعام)». ويتابع «نستقبل الصائمين حتى الثالثة فجرا، إلا أن وقع الانفجارات الأمنية الأخيرة كان كارثيا على بعض المطاعم».

وبعد أن قصد المطعم 250 شخصا في المباراة الافتتاحية، تراجع هذا الرقم بنسبة 80 في المائة، إلا أن المباريات القوية لا تزال كفيلة بإعادة الإقبال الجماهيري بمعدل 100 في المائة، خصوصا مباريات منتخبات مرموقة كالبرازيل وألمانيا وإسبانيا وهولندا وغيرها.

وكما مطعم «chez tala»، يعول مطعم «لاروكا» في الضاحية الجنوبية لبيروت على هذه المباريات لاستعادة الحماس والحيوية لدى الصائمين، رغم الانفجار الذي استهدف أحد المقاهي. ويوضح مدير المطعم محمد خير الدين «إننا نعمل وفقا لحجوزات الصائمين المسبقة، وتبدأ التحضيرات منذ العاشرة صباحا»، مشيرا إلى «اننا حرصنا منذ اليوم الأول من الشهر الفضيل على التنوع في وجبتي الإفطار والسحور. لدينا طبق يومي، تضاف إليه بطبيعة الحال الشوربة والفتوش والحلويات والتمر والجلاب والفاكهة والنرجيلة عند انتهاء الإفطار».

أثناء تجولك في المطعم تستوقفك لائحة الأسعار المخفضة، تشجيعا للصائمين على ارتياده بعد التراجع الكبير في أعدادهم للأسباب الآنفة الذكر، فيما يبقى المطبخ جاهزا لطلبات الزبائن عموما والصائمين خصوصا طوال فترة عرض المباريات التي ستغطى بشكل دائم وفي كل الأوقات، كما يؤكد خير الدين.

واللافت أن المطعمين اعتادا موعد توافد روادهما الصائمين وعشاق المونديال في الوقت عينه، حيث يباشران بوضع اللمسات الأخيرة على برنامجهما الرمضاني قبل 15 دقيقة من موعد انطلاق المباراة الأولى في السابعة مساء بالتوقيت المحلي، ثم ينتظران حلول الساعة الثامنة لتناول طعام الفطور مع بداية الشوط الثاني من المباراة.

ويتنوع عدد الرواد بين موعد الإفطار وموعد السحور في المطعمين، حيث يقصد الراغبون في تناول السحور انتهاء المباراة الثانية عند الساعة الواحدة فجرا بالتوقيت المحلي لتناوله، وبعضهم يتريث حتى الساعة الثانية في محاولة لتخفيض عدد ساعات الصيام التي تزيد على 16 ساعة يوميا، وفق علي الذي يعمل نادلا في «لاروكا».

وبينما اختار مطعم «CREPAWAY» أن يميّز زبائنه بتقديم عروض خاصة على المأكولات للمجموعات التي ستتابع المونديال عبر شاشاتها، يكتفي مطعم «Roadster» بعرض المباريات من دون أن يكون هناك برنامج رمضاني خاص، وتبقى أبواب المطعم مفتوحة حتى الثانية فجرا، بحسب ما أفاد مسؤول الفرع في محلة فردان.

بدوره، يبدو الأمين العام لنقابة أصحاب المطاعم طوني الرامي متفائلا، حيث يعتبر أن الأجواء رائعة، وكل مقهى أو مطعم لديه طابع خاص وبرنامج مميز في هذا الحدث العالمي «فالمنافسة كبيرة في البرامج الرمضانية المتعلقة بالفطور والسحور والعروضات المرتبطة بها، إضافة إلى موضوع نقل المونديال».

وتتنوع الطريقة التي تعمل بها المطاعم خلال المونديال، فالبعض استمر في العمل بالطريقة العادية، حيث يدخل الزبائن ويدفعون فقط تكاليف ما يطلبونه، والبعض الآخر وضع برنامجا خاصا بالمونديال، حيث يدفع الزبون مبلغا محددا مقابل وجبة الإفطار والمشروبات الرمضانية ومشاهدة المباريات. وردا على سؤال يجيب الرامي «نحن كنقابة نعتبر أن هذه الأمور تندرج تحت المنافسة المشروعة خصوصا أن المطاعم لم ترفع سعر المنتج الذي تقدمه وظلت الأسعار كما كانت قبل انطلاق المونديال».

في المقابل، يرى أحمد (25 عاما)، وهو أحد عشاق منتخب البرازيل، أن رمضان هذا العام له نكهة خاصة نظرا لتزامنه مع المونديال، واصفا توقيت المباريات بالـ«مناسب جدا»، كونها تسبق موعد الإفطار بساعة. ويبحث أحمد، كالكثير من اللبنانيين، عن أفضل العروض الرمضانية في الليالي التي ستشهد مباريات مهمة لمتابعتها مع الأصدقاء في أحد المقاهي، مبررا ذلك بأن «شهر المونديال سيجرّه إلى الإفلاس في حال أراد أن يقصد يوميا أي مطعم أو مقهى».

وفي الختام، بات من المؤكد أن نسبة الإشغال في المطاعم خلال المونديال هذا العام تراجعت نسبيا قياسا بالمونديال السابق قبل 4 سنوات، إذ لم تعد البرامج الرمضانية التي تقدمها المقاهي والمطاعم اللبنانية كافية لجذب الصائمين على الرغم من توفير الأخيرة جوا من الحرية والراحة في التشجيع. ويتراوح الإقبال من منطقة إلى أخرى، فبعض المقاهي في مدينة طرابلس، خاصة تلك التي جهزت نفسها لاستقبال الصائمين وإمتاعهم بالمباريات على شاشات عملاقة، في منطقة الضم والفرز، تشهد ازدحاما أثناء المباريات الكبرى، ولا يمكن الحصول على كرسي أو طاولة من دون حجز مسبق وتحديد عدد الأشخاص بشكل دقيق.