عندما صمت في الفجيرة

الفريق ضاحي خلفان تميم

TT

تختلف العادات والذكريات في رمضان العقود القديمة عن الوضع الحالي؛ حيث اختلف كثير من الذكريات، عما نعيشه الآن، خصوصا أنه في الماضي، لم تكن هناك كهرباء، أو شبكات المياه التي تصل إلى المنازل، وكنا نسعى في عصر كل يوم في إمارة الفجيرة إلى توفير المياه من الآبار.

بدأت الصيام عندما كان عمري قرابة السنوات السبع؛ حيث حل علينا فصل الصيف، والمعروف عن دول الخليج العربي أن درجات الحرارة ترتفع كثيرا، وتصطحبها أحيانا رياح جنوبية شديدة الحرارة، تسمى برياح (سهيلي)، وهي الرياح القادمة من نجم سهيل. كنا نلجأ إلى رش الماء على الإزار، ثم نرتديه على أجسامنا مرة أخرى، كي يعمل على الترطيب وتخفيف حرارة الصيف، إلا أن الإزار كان يجف، في غضون خمس دقائق.

الذكريات الرمضانية، تخلد في الذاكرة، بعد أن أصبح كل شيء متوافر لدينا. في الماضي، كنا نخرج من صلاة التراويح، ونتوجه إلى منزل أحد الأشخاص في الحي؛ حيث هناك جدولة عرف عنها الجميع، للالتقاء هناك، يتجاذب خلالها الجميع أطراف الحديث، ثم بعدها نذهب إلى المسجد للعبادة وقراءة القرآن، حتى يحين وقت السحور، قرابة الفجر.

لم يكن لدينا في الماضي تنقلات ميسرة، مثل ما هو في الوقت الحاضر، وهذه من نعم الله علينا، وسهلت الحكومة ذلك من خلال النهضة العمرانية، وأصبح الشخص يستطيع التنقل من شمال الإمارات المتحدة إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها.

في الزمن الماضي، حينما كنت في الفجيرة، كان يتعثر علينا الخروج منها بكل يسر أو سهولة، بسبب أن الطرقات لم تكن معبدة، وبالتالي، يصعب علينا الذهاب إلى الأسواق التجارية؛ حيث توجد الأسواق في إمارة دبي. وكل ثلاثة أشهر كنا نذهب مرة واحدة للتبضع فقط، ولم تكن السيارات تتنقل باستمرار ما بين إمارتي الفجيرة ودبي؛ حيث كان يتحتم علينا التجهيز لرمضان وعيد الفطر المبارك، منذ وقت مبكر معا.

التكاتف والتلاحم بين أهل الحي والقرية، هو أجمل ما في رمضان، وهي عادات كان يعرفها الجميع، في ذلك الزمن.. الإفطار في رمضان، يكون عند الشخص الكبير في الحي، الذي يؤخذ بقراره ومشورته؛ إذ يتجمع عنده السكان، وكل شخص يأتي ومعه طبق، حتى يلتم أهل الحي على مائدة واحدة، وهو عكس ما يحدث في الوقت الحاضر، حيث إن العائلة الواحدة لا تلتقي على مائدة الإفطار الرمضاني.

المجالس في رمضان عادة ما يتمسك بها الجميع؛ حيث جدي ووالدي، ومن بعدهم كاتب هذا المقال، كانوا يستقبلون الجميع في مجلسنا بعد صلاة التراويح، وهي العادة التي نتمسك بها، ونعمل ندوات نطرح فيها المواضيع التي تهم المجتمع، وتعود بالفائدة؛ حيث ناقشنا، بالأمس، وسائل التواصل الاجتماعي في الإعلام، ونقل المواد المظللة، والإشاعات التي تؤدي إلى أغراض عدائية على المجتمع، بينما سنناقش في الجمعة المقبلة مواضيع عن الخدمة الوطنية في الإمارات العربية المتحدة، ويشاركنا ضيوف من عناصر القوات المسلحة، يجيبون على أسئلة المواطنين الحاضرين.

* نائب رئيس شرطة دبي