مهن دمشقية لا يظهر أصحابها إلا في شهر رمضان.. ويختفون بعده

منهم مصنعو وبائعو الناعم والخشافات وزينة رمضان ومصممو إمساكيات رمضان

بائع العرقسوس في دمشق لا يظهر إلا في رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

مع بدء شهر رمضان المبارك وقبله بأيام قليلة يقوم الدمشقيون والسوريون بشكل عام بتزيين واجهات منازلهم ومحلاتهم ومكاتبهم بمختلف أنواع الزينة وخاصة الكهربائية منها والتي تكون عادة أجمل وأغلى ثمناً وذلك احتفاء بقدوم الشهر الفضيل وهو تقليد عرفته الحارات الدمشقية القديمة منذ مئات السنين ولكن بشكل بسيط فيما تطورت أشكال الزينة حالياً ـ وحسب محمود القدة وهو صاحب محل في سوق الكهرباء المتفرع عن ساحة المرجة ـ فإن الزينة حالياً أصبح التجار يستوردونها من الصين كونها أرخص ثمناً وهي ملبية للغرض الاحتفالي حيث عليها عبارات الترحيب بشهر رمضان ورمضان مبارك وكريم وغيرها وطبعاً يكتبونها الصينيون باللغة العربية وصارت تباع خصيصاً في شهر رمضان كما أن العديد من البائعين على البسطات والعربات المتنقلة يعترون بيعها موسماً جيداً ليحققوا ربحاً مقبولاً في الشهر الفضيل ولذلك يقوم بعض الشباب العاطل عن العمل ببيع الزينة وبأسعار أقل من المحلات كونهم بائعون جوالون. كذلك من البائعين الذين لا يظهرون إلا في رمضان هم بائعو (الناعم) وهو نوع من المعجنات (خبز رقيق جداً) ذات الشكل المنتفخ والبسيط وهو ما يسميه الدمشقيون (الناعم) حيث ينتظر هؤلاء الباعة مجيء شهر رمضان المبارك ليصنعونه ويبيعونه مغلفاً بأكياس وينادون عليه عبارتهم الشهيرة: (يللي رماك الهوى يا ناعم) وهو من خفته يشبهونه بنسمات الهواء والناعم عبارة عن خبز مقلي بالزيت يرش عليه بعض من دبس العنب أو التمر المذاب ليأخذ شكلا ملونا مع لون الدقيق الأساسي، ويقول أحد باعته ويدعى (عدنان يوسف) إن والدته وفي بيتهم بحي التضامن تصنعه بشكل كبير للاستفادة من إقبال الناس في شهر الصوم عليه ويقوم هو بالتبسيط في شوارع وأسواق دمشق لبيعه وليحقق ربحاً مقبولا يساعد الأسرة على تلبية متلطباتها في الشهر الفضيل، والعديد من الأسر الفقيرة تفعل نفس الشيء حيث يعتبرون شهر رمضان موسم للعمل في إنتاج بعض الحلويات الدمشقية الخفيفة وسهلة التحضير لبيعها والاستفادة من ربحها ومن هذه الحلويات أيضاً التي تظهر بكثافة في رمضان هناك قمر الدين المجفف والمصنع من المشمش الدمشقي وعلى الرغم من وجوده مغلفاً ومعبأ في الأسواق حيث تنتجه بعض المعامل المتخصصة إلا أن العديد من العائلات الفقيرة تصنعه في المنازل وتبيعه بواسطة أبنائها على البسطات والعربات الجوالة وكذلك الحال بالنسبة للخشافات وخاصة خشاف المشمش فهو شراب لذيذ يقبل عليه الدمشقيون في الشهر الفضيل ويباع بعبوات أو أكياس خاصة ويؤكل مع الكعك الرفيع حيث يقدم الخشاف من قبل أصحاب المحلات المتخصصة مع إصبع من الكعك المزود بالسمسم وهذه عادة درج عليها بائعو الخشافات الدمشقية ويبرر (بسام ميداني) وهو مصنع وصاحب محل لبيع الخشاف في حي القصاع بدمشق ذلك قائلا إن الكعك يعطي نكهة خاصة للخشاف وحتى لعصير الليمون والنعناع وللتوت الشامي خاصة أننا نقدم الخشافات في صحن بللوري وليس في كأس وبالتالي يتم تناول الخشاف بواسطة ملعقة مع تناول الكعكة وليس عن طريق الشرب من الكأس.

ومن البائعين الذين ينتظرون شهر رمضان ليعملون هناك محضرو وبائعو العرقسوس وهو شراب الصائمين الأول في رمضان حيث يخفف من عطشهم في فترة الصيام ولذلك يتم تناوله مباشرة بعد إطلاق مدفع الإفطار، ويقوم العديد من الشباب الدمشقيين بتحضير هذا الشراب في منازلهم ومن ثم يبيعونها بأكياس نايلون بيضاء على العربات الجوالة حيث يأتون بأعشاب وجذور العرقسوس مجففه ويطحنونها ويجهزونها حتى تختمر وينقوها من الشوائب من خلال شاش بيض ومن ثم تباع باردة حيث أن الكيس الواحد من العرقسوس يملئ حوالي 5 كؤوس، ومن المعروف أن هناك في الأيام العادية بائعين متخصصين لبيع العرقسوس ولكن يطغى عليه التمر الهندي في أنه في رمضان تأتي الأولوية لمشروب العرقسوس.

كذلك تنشط قبل بدء شهر الصوم وأثناءه المطابع حيث يستعينون بعدد من المصممين لتصميم إمساكيات خاصة بالشهر الفضيل بناءً على طلب شركات ومطاعم ومقاه ومحلات ومكاتب وغيرها إذ يعتبرون هؤلاء أن توزيع الإمساكية على الناس مجاناً نوعاً من الثواب في الشهر الكريم وكذلك كدعاية لمحلاتهم وشركاتهم حيث يكون اسم المحل أو الشركة مكتوباً في لوحة الإمساكية وفي أعلا اللوحة آيات قرآنية كريمة وصور المسجد الحرام والكعبة المشرفة، ويقوم مصممو الإعلانات بتصميم هذه الإمساكيات حيث تدر عليهم دخلا إضافيا في شهر رمضان.