سالم تسلم

د. عائض القرني

TT

تقتضي جملة «السلام عليكم» ألاّ تحمل سلاحك على أخيك المسلم ولا تتوعده ولا تهدده؛ لأن هذه الجملة معناها المسالمة. أما من يحمل على إخوانه المؤمنين سلاحه ويشهر عليهم سيفه، ويستبيح دمهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول له: «من حمل علينا السلاح فليس منا». ليس على منهجنا ولا على طريقنا، ليس على هدانا وسنتنا، لا يمثل أخلاقنا؛ لأن الدين الذي بُعث به صلى الله عليه وسلم أمان لكل مسلم من أخيه، فلا يخافه على ماله ولا على دمه ولا على عرضه، وإذا كان في المجتمع من يتربص بالمسلمين الدوائر ويحيك لهم المكائد فخصيمه الله، والشاهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعداؤه كل المؤمنين. إن من قال: «السلام عليكم» ثم نقضها بالإساءة إلى المسلم ظلماً والعدوان عليه إثماً وأشهد الله على ما في نفسه من البغي والعدوان فهو في تصرفه ظالم، وفي أخلاقه آثم، وقد كذب بفعله قوله، ولو كان صادقاً في جملة «السلام عليكم» لاتقى الله في إخوانه المسلمين، فأحبهم وتآلفهم وآخاهم، وأمنهم على حياتهم، وأدخل السرور عليهم، وتعاون معهم على البر والتقوى، وأزال كل ما يكدر خواطرهم، ويضيق صدروهم. فالمسالمة موادعة تحصل للنفس من دون اضطرار. ولتعلم ـ أخي المسلم ـ أن من اعتاد الوقيعة في الأعراض، ومبادأة الناس بالسّفه، وثَلبهم بكل ما جاش في الصدر، وتذرَّع به اللسان، فليس ممن يُذكر بخير، أو يُرجى له فلاح، أو يُؤمَنَ معه عيب؛ قال بعضهم: وهل الحلم إلاّ في كظم الغيظ، وفي تجرّع المضض، وفي الصبر على المرارة، وفي الإغضاء عن الهفوات؛ ومن لك بالمهذّب الذي لا يجد العيب إليه سبيلاً، والأول يقول:

ولست بمُسْتَبقٍ أَخاً لا تَلُمُّه عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرجالِ المهذَّبُ وقيل: لو تكاشفتم ما تدافنتم، ولو تساويتم ما تطاوعتم؛ ولا بدّ من هَنَةٍ تُغتفر، ومن تقصيرٍ يُحتمل، والاستقصاء فُرقة، وفي المُسالمة تَحبُّب.

دعونا نُفعّل «السلام عليكم» في بيوتنا وطرقاتنا ومدارسنا وملتقياتنا ونوادينا، دعونا نملأ بيوتنا وقلوبنا بالسلام والإيمان والمحبة.