زيد دوكمانيتش لـ «الشرق الأوسط» : رمضان حياة جديدة لا يدركها إلا من فقه الصيام

يوم رمضاني في حياة المشاهير: بطل ألمانيا ويوغسلافيا السابقةبالتايكواندو: الإسلام منحني السلام

TT

يتباهى زيد دوكمانوفيتش، رئيس الجامعة البوسنية للتايكواندو، والمدرب الوطني السابق، وبطل ألمانيا ويوغسلافيا السابقة لمدة 12 عاما، بأن روح الرياضة دفعته إلى روحانية الاسلام، وقال لـ«الشرق الاوسط» إن «الاسلام منحني السلام الروحي، ورمضان حياة جديدة لا يدركها إلا من فقه الصيام». وأشار إلى أنه اعتنق الاسلام سنة 1990 لأن الاسلام يتفق مع روح الرياضة، فلا خمور، ولا تدخين، ولا سهر .

وعن أول رمضان في حياته قال «كان ذلك قبل 18 عاما، شعرت فيها لأول مرة، بقيمتي الانسانية، وبأني لا أعبد شبيها لي في أي شيء، يقهر ولا يقهر، يذل ولا يذل، يحكم ولا يحاكم، يعاقب ولا يعاقب، لا ينام، يعلم الغيب، ولا يخفى عليه شيء، هذا الاله لا يوجد سوى في الاسلام، ولذلك أسلمت» وتابع «كان اسلامي حياة جديدة، أو صفحة جديدة في حياتي، كان أول رمضان أصومه صعبا، ولكنه كان جميلا ولذيذا، فلأول مرة أذوق طعم عبادة الصوم، ومراتبها الروحية، وكذلك عادات الأكل، الافطار عند المغرب، والسحور، وكان ذلك أول مرة بحياتي آكل في الفجر . وأكرر ما قلته، إن الذي لا يصوم ايمانا واحتسابا لا يشعر ولا يعرف معنى الصوم، لذلك يتحدث البعض على التعب والارهاق والعطش، وحاجة الجسم للماء، إنهم يؤكدون مدى انغماسهم في الطين، كان الصوم في أول رمضان لي تجربة جديدة ورائعة، إنه تغيير جذري في السنة لمدة شهر يكسر الروتين ويزود الجسم والروح بطاقات جديدة» .

وعن كيفية قضائه لرمضان، أو الحديث عن يوم في حياته، قال «نبدأ يومنا على غير العادة في السحور، وهذا يشمل جميع الاسرة، وبعد صلاة الفجر، في جامع الملك فهد بن عبد العزيز، ننتظر حتى بزوغ الشمس لنأخذ قسطا من الراحة، بعد التزود جسمانيا وروحيا، لصيام يوم جديد، وحضور حلقات قراءة القرآن بعد الفجر والظهر، وفي السنوات الأخيرة كثرت سفراتي خارج البوسنة». وكان زيد قد قاتل في صفوف المسلمين أثناء الحرب، وكان قائدا لفرقة عسكرية خاصة، لذلك سألته «الشرق الأوسط» عن الصوم في زمن الحرب، مقارنة بالصوم في الظروف العادية، فقال «لا فرق بين الصوم في الحرب أو السلام، وربما الصوم في الحرب أفضل فالأجر والثواب أكثر» وعن قلة الطعام في زمن الحرب والمتاعب الاخرى، شدد على أن المقاتلين لم يكونوا يشعرون بالتعب أو أي شيء من ذلك القبيل «لا أدري كيف كنا سعداء ولماذا كنا راضين وفرحين، الله أنزل علينا السكينة، وأستطيع القول إن الناس العاديين الآن لم يكن لهم ما كان لدينا من خيرات أثناء الحرب في شهر رمضان، لا أدري كيف كانت تصلنا». وعن الافطارات الجماعية التي ينظمها في رمضان أو التي يحضرها من خلال الدعوات التي تنهال عليه من كل مكان قال «أتلقى في رمضان دعوات كثيرة من موستار وتوزلا وهنا في سراييفو أحيانا من قبل جهات وأحيانا من قبل عائلات، حيث يحضر نحو 50 أو 60 شخصا، وكأننا في عرس، والحقيقة أن رمضان عرس روحي أو فرح روحي يستمر لمدة 29 أو 30 يوما، وشخصيا أشعر بشيء لا يمكنني وصفه عندما تبسط السفرة على الطريقة التقليدية ويجتمع حولها الناس ويأكلون بشكل جماعي، يشعرنا ذلك بروح الجماعة، وربما كان ذلك من أهداف الصوم ومن أبعاده الروحية والاجتماعية. رمضان بركة، يشعر بها الصائمون عن ايمان واحتساب، الصائمون الحقيقيون». وعن التدريب والصوم وما إذا كان هناك برنامج خاص في رمضان، أشار زيد إلى أن هناك تغييرات في برامج التدريب التي يتم تأجيلها إلى ما بعد صلاة التروايح» بالطبع هناك برنامج خاص في رمضان، فبعض النوادي التابع للجامعة البوسنية للتايكواندو، تصلي التروايح في مراكز التدريب وبعضها الآخر يصلي في المساجد وبعدها يتوجه للتدريب، وفي رمضان نقوم بالاعداد البدني والتكتيكي ولكننا لا نخوض مباريات». وذكر في رده على سؤال حول عدد النوادي التي تشرف عليها الجامعة البوسنية للتايكواندو أنها «56 ناديا في مختلف أنحاء البوسنة، وأنا رئيس الجامعة». وعن النتائج التي حققها في حياته الرياضية، قال «على المستوى الشخصي كنت بطل ألمانيا ويوغسلافيا على مدى 12 عاما، وفي سنة 1994 بدأت بالتدريب في كاكان، وتدرب في الجامعة التي أرأسها 18640 لاعبا، ويوجد الآن 12 مدربا تلقوا تدريبهم على يدي، ولديهم نواد خاصة للتدريب» وعن رمضان في بيته أوضح زيد بأن القرآن اليومي في رمضان مختلف عنه في بقية الايام، وكشف عن أن زوجته خريجة كلية الدراسات الاسلامية في سراييفو، وأن هناك تفاهما بينهما، يعود الفضل في ذلك إليها، على حد قوله «زوجتي أستاذة وتقدم محاضرات في مركز النخلة النسائي بسراييفو، ورغم سفري باستمرار حوال 8 أو 9 مرات في الشهر إلا أنها تتحلى بالصبر والتفهم الكامل، وذلك يعود لتخصصها في الفقه والاخلاق» .

ورد بحزم على سؤال حول ما يختلف فيه رمضان عن بقية الشهور، قائلا: «بالطبع هناك فرق كبير، بنسبة مائة في المائة، ففي رمضان يحسب الانسان أنفاسه، يكون خوفه من الخطأ أكبر، ورقابته على نفسه أعظم، والحرص على الاحتفاظ بالأجر والثواب كاملا أشد من قبل، وذلك للتدرب على تلك الحياة بعد رمضان، غض البصر والابتعاد عن الغيبة والنميمة والحسد وغير ذلك». وقال إن ابنه عيسى ،11 سنة، يصوم رمضان للعام الثالث على التوالي بينما يصوم يحيى ،8 سنوات، رمضان للعام الثاني على التوالي. وعن العلاقة مع الناس في رمضان قال «في رمضان تكون مواعيدي محددة ورسمية، حتى لا أدخل في تجربة أو مشاكل مع أحد، وفي المقابل أقوي علاقاتي مع الدعاة ومن أعتقد بأنهم من الصالحين لان المرء منهم تذكرك بالله رؤيته».

وأضاف «الحياة في رمضان مختلفة، والبعض يعمل في الليل بدل النهار، وبالنسبة لي فلا أنام سوى ساعتين، وذلك في رمضان فقط». واستطرد قائلا «رمضان روح وبركة تسريان في النفس والاسرة والمحيط المؤمن». وعن ماذا يعني رمضان لبطل رياضي ومدرب ومسؤول أكاديمي قال «يجب العودة للوراء قليلا فأنا قد كبرت في ألمانيا التي عشت فيها لمدة 20 عاما ومدربي كان من كوريا، وهناك علاقة حميمة بين الدين والرياضة أو قل علاقة روحية، فالرياضي أكثر قبولا للتعاليم الروحية، وكل رياضي عرف الاسلام جيدا لا بد أن يحبه ويملك عليه حياته ويجتذبه إلى حياضه، فالرياضي الناجح هو الذي لا يسهر كثيرا ولا يشرب الخمر ولا يدخن وينام مبكرا ولا يمارس الجريمة، وهذا ما يدعو إليه الاسلام وهذا ما يريده الاسلام من البشر، وعندما يلتزم الرياضي بضروريات اللعبة التي يمارسها، يكون مسلما بشكل من الاشكال». وأضاف «الرياضي الحقيقي لا يحب عبادة الأشخاص وعندما يشعر بالثقة اللازمة في النفس يزداد شوقه للبعد الروحي لان الرياضة عمل روحي أيضا، وكما قلت فإن الاسلام يحرم الخمر والتدخين ولذلك يمكن أن يكون دين الرياضيين جميعا إلى جانب كونه رحمة للعالمين، رياضيين وغيرهم». وكشف زيد عن اسلام المئات من المشاهير في الفن والرياضة وحتى الأمن، ومن ذلك «الفنان الكرواتي المعروف (جيلكو) حمزة رادجانوفيتش، واللاعب الدولي في كرة السلة، عبد الجبار ميركوفيتش، وضباط كبار في الامن، من أصل صربي، وأحدهم كان سببا في اسلام أخته الطبيبة التي انتقلت من بلغراد إلى البوسنة حيث تزوجت من أحد المسلمين الجدد. وقال «بعد الحرب أصبح هناك اهتمام كبير من قبل الشباب والفتيات الكروات والصرب بالاسلام وهناك ما يزيد عن 500 رجل وامرأة اعتنقوا الاسلام، ومن لا نعرفهم عديدهم أكبر من ذلك، ولهذا السبب نريد تكوين جمعية ومركز خاص بالمسلمين الجدد لان بعضهم ولاسيما الشباب في سن الدراسة، ونسبتهم 90 في المائة من عديد المهتدين الجدد، تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عاما، تم طردهم من قبل أسرهم بعد اسلامهم وهم يعيشون ظروفا صعبة ويحتاجون للمساعدة». وأكد على أن «الاهتمام بالاسلام يزداد، والاقبال عليه من غير المسلمين بلا حدود»، وذكر بأنه يتلقى مكالمات باستمرار من قبل أشخاص يريدون الدخول في الاسلام وأنه يستقبلهم في بيته ليشرح لهم تعاليم الدين الحنيف. وكشف زيد عن مشروع لاقامة جمعية للمسلمين الجدد ومركزا يؤيهم ويهتم بهم في البوسنة ويقومون هم بادراته، وذلك لانهاء المشاكل الناجمة عن اسلام الشباب ولاسيما الفتيات، وعندنا أستاذ جامعي صربي يدرس في ثلاث جامعات، وقد استطاع التغلب على معارضة أسرته لانه يعمل، ولكن الطلبة وغيرهم يجدون عنتا كبيرا ويلاقون مشاكل لا قبل لبعضهم بتجاوزها، ونحن نحتاج لمبنى يكون فيه مكتب ومطبخ ومسجد ومكتبة وغرف للايواء مؤقتا لاستيعاب الاعداد الكبيرة من المقبلين على الاسلام، لكننا في حاجة لدعم أهل الخير، ويمكنهم مراقبة كل شيء والاشراف عليه». وكشف زيد عن لوائح بأسماء مسلمين جدد يخفون اسلامهم خوفا من المصير المجهول في كل من سبليت ورييكا الكرواتية على البحر الادرياتيكي والعاصمة الكرواتية زغرب وعدد من المدن الصربية. ودعا أهل الخير للتدبر في الآية 72 من صورة التوبة، ومد يد العون للمسلمين الجدد في البلقان. وقال «نحن في حاجة لمؤسسة مثل مؤسسة الداعية البريطاني يوسف اسلام، أو محمد دنفر في ألمانيا «واشتكى من غياب دعاة في مستوى الشيخ أحمد ديدات رحمه الله . وذكر بقوله تعالى «وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ولا يكونوا أمثالكم». وعما إذا كان للمدرب تأثير على اللاعبين أجاب «بالتأكيد للمدرب تأثير على طلابه وأريد التذكير بأن العبادة في شهر رمضان توازي عبادة سنوات كثيرة ومن يدرك ليلة القدر فكأنما عبد الله 72 عاما لذلك أدعو من قرأ هذا الحوار للاجتهاد في رمضان ولاسيما في العشر الأواخر، فلو قيل لرجل إن لك 10 آلاف يورو إذا عبدت الله فلن يخرج من الجامع ولكن الله يعده وعد الصدق بأكثر من ذلك، ولكن الكثير من الناس عن ذلك غافلون».