رواج كبير للأشرطة الدينية في رمضان بالمغرب

السديس والقزبري ومحمد حسان الأكثر مبيعا

بائع أشرطة دينية ومصاحف وسجاجيد للصلاة في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

تخفت في شهر رمضان أصوات المغنين والمغنيات المنبعثة من المحلات التجارية في الاسواق الشعبية، لتحل محلها اصوات المنشدين، والمشايخ، والمقرئين، وهم يتلون آيات من الذكر الحكيم، لتعطي فرصة لازدهار تجارة الاشرطة الدينية خلال هذا الشهر والتي لا تقتصر على مرتلي القرآن الكريم، وفرق الإنشاد، بل ايضا محاضرات الدعاة ودروس الوعظ والإرشاد التي يتلقونها إما في المساجد او على الفضائيات العربية الدينية. واعتاد التجار المغاربة خلال الايام العادية، وبمجرد فتح ابواب محلاتهم ودكاكينهم صباحا، تشغيل اجهزة التسجيل لديهم لسماع آيات من القرآن الكريم، تيمنا بها لجلب الرزق، وتيسير امور تجارتهم.

ولا تتخذ تجارة الاشرطة الدينية شكلا منظما، فأصحابها لا يملكون محلات تجارية لترويج بضاعتهم، مثل ما هو الحال بالنسبة لبائعي الأشرطة الغنائية، بل هم عبارة عن بائعين متجولين يختارون ابواب المساجد والساحات القريبة منها لعرضها على المارة، إذ لا يحتاجون إلا الى طاولة خشبية صغيرة، او حتى قطعة من البلاستيك يفرشونها على الارض ويضعون فوقها تلك الاشرطة والأقراص المدمجة، والتي غالبا ما تكون بجانبها بضاعة اخرى مثل سجاد الصلاة، وسبحات، وعطور رجالية رخيصة، وبخور، وحاملات المصاحف، وكتيبات دينية مختصرة، وحتى بعض الاعشاب المخصصة لعلاج بعض الامراض.

أما من يتعاطون بهذه التجارة فهم في الغالب شباب ملتحون يرتدون طاقية بيضاء، وقمصانا طويلة بلون غامق، وينتعلون صندلا جلديا او بلاستيكيا، وهو مظهر يرمز الى الالتزام والتدين، وان كانت مظاهر الفقر لا تخفى على وجوه هؤلاء الشباب الذين لجأوا الى هذه التجارة البسيطة للهروب من البطالة.

في رمضان تعرف تجارة الاشرطة الدينية رواجا ملحوظا يختلف عن الايام العادية، وهي فرصة بالنسبة اليهم لكسب مداخيل اضافية، وان كان سعر الـ«سي دي» لا يتعدى 5 دراهم او اقل، فجلها مقرصنة، يتم تسجيلها من الفضائيات العربية الدينية، او من المواقع الالكترونية التابعة لها.

لكن من اين يقتني هؤلاء الباعة بضاعتهم ؟

يجيب احد الشباب الذي اختار موقعا استراتيجيا بالقرب من مسجد معروف في شارع رئيسي في الرباط بانه يشتري الاقراص المدمجة من الدار البيضاء، وهي بالمناسبة مصدر رئيسي لجميع الاقراص المدمجة المقرصنة المروجة في الاسواق المغربية.

وتوسل الشاب بأن لا تتم الإشارة الى اسمه، ولا حتى الى المكان الذي يوجد فيه، لان «السلطات ستأتي عندي بمجرد نشر المقال، لإزعاجي»، كما قال.

وأوضح ان لا احد يتعامل مع شركات انتاج لتزويده بهذه الاشرطة، مؤكدا انه لا يتوقع ان يعترض شيخ او داعية على كون اشرطته تباع مقرصنة من الفضائيات، لان هؤلاء الدعاة ليس لديهم أي هدف مادي، فهم يعملون في حقل الدعوة، وهمهم الأساسي أن يصل خطابهم الديني الى اكبر عدد من الناس.

ويكتب اصحاب هذه الاقراص المدمجة عناوين مثيرة وبارزة على أغلفتها، للتعريف بمحتوياتها من اجل جلب الزبائن، وأحيانا مجرد وضع صورة داعية شهير كاف لجذب الانتباه ورفع المبيعات.

فمن هم المقرئون والدعاة الذين تلقى اشرطتهم رواجا اكثر ؟

يتصدر المقرئ السعودي الشيخ عبد الرحمن السديس، امام الحرم المكي، قائمة اشهر المقرئين الذين يحب المغاربة سماع القرآن الكريم مرتلا بأصواتهم، واشهر شريط للسديس، هو الذي يتضمن دعاء ختم القرآن، حيث يباع في كل مكان، في المحلات، وعلى الارصفة، وحتى في الحافلات، يليه المقرئ المغربي الشيخ عمر القزبري، امام مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، وهو اول مغربي يحظى بهذه الشهرة، ويصل عدد المصلين خلفه في صلاة التراويح حوالي 200 الف، وطريقته في القراءة مؤثرة قريبة من طريقة اداء الموشحات العربية.

اما بالنسبة للدعاة، فأشرطة الداعية المصري، محمد حسان، هي الاكثر رواجا، خصوصا اشرطة «احداث النهاية»، ولم يكن حسان معروفا لدى عموم المغاربة إلا بعد ظهوره على قناة «الناس» الدينية التي انطلقت قبل ثلاث سنوات، وتحظى برامجه بنسبة متابعة عالية من طرف المشاهدين من جميع الاعمار، وتتميز محاضراته بأسلوب إقناعي بسيط، ومؤثر وحماسي.

وتلقى اشرطة الداعية عمر عبد الكافي انتشارا واسعا ايضا، خصوصا سلسلة «الوعد الحق»، وهو برنامج من ثلاثين حلقة، عرض خلال رمضان على قناة «الشارقة» الاماراتية، ولقي نجاحا غير مسبوق، وما زال الناس يطلبون اشرطة البرنامج ومحاضرات عبد الكافي الذي يملك قدرة فائقة على ربط احكام الشريعة، ومضامين الآيات القرآنية بتفاصيل الواقع.

ويؤكد الباعة ان المسألة تتعلق بـ«الاذواق»، فكل زبون يأتي للبحث عن شريط داعيته المفضل، حيث تتضمن القائمة اسماء دعاة آخرين، مثل عمرو خالد، وعائض القرني، ومحمد حسين يعقوب، وأبو اسحاق الحويني، واحمد المصري، وسالم ابو الفتوح، وكلهم نجوم القنوات التلفزيونية الدينية، التي منحتهم شعبية واسعة.