مظاهر رمضان في إثيوبيا

ثاني بقعة في العالم شهدت الإسلام

TT

إثيوبيا الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، تعتبر جزءا مهما للعالم الإسلامي والعربي، وهي ثاني بقعة في العالم شهدت الإسلام بعد مكة المكرمة، وقبل المدينة المنورة، وهي أرض الهجرة الأولى «الحبشة» التي اتجه إليها صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فراراً بدينهم من أهل قريش.   يقدر عدد سكان إثيوبيا بـ80 مليون نسمة، ويشكل المسلمون في هذا البلد الغالبية، يتوزعون في مختلف الأقاليم الإثيوبية المختلفة، وبصورة أكبر في الإقليم الصومالي المعروف بالإقليم الخامس والمتاخم للحدود الصومالية، حيث يقدر عدد سكان هذا الإقليم بأكثر من ستة ملايين مسلم وأكثر المناطق تضرراً من المجاعة. مظاهر شهر رمضان الكريم في هذا البد الأكثر فقراً ليست مختلفة بكثير عن بقية أشهر السنة.. لا يوجد أي نوع من الاستعدادات لاستقبال رمضان عند أغلبية المسلمين، الذين لا يتوفر لديهم أدنى الاحتياجات الغذائية اللازمة، باستثناء الأقلية من الأثرياء في هذا البلد، وبحسب آخر إحصاء رسمي، فإن أكثر من أربعة ملايين إنسان على حافة الموت، إن لم تصل المساعدات الإنسانية العاجلة.   وتعتبر إثيوبيا، التي تشارك بحدودها خمس دول، وهي إريتريا والسودان وجيبوتي وكينيا والصومال، واحدة من الدول الأكثر تضرراً من المجاعة والفقر والجفاف المستمر لعقود.  تحدثت آمنه أحمد، 32 عاماً، بمرارة وبطء شديدين، وهي أرملة لديها أربعة أطفال، أن شهر رمضان الكريم لا يختلف كثيرا عن بقية «الأشهر الصعبة»، التي تعاني منها على حد تعبيرها، وتؤكد أنها تعاني الكثير من أجل أن توفر وجبة واحدة في اليوم لأولادها، الذين يكررون دوما جملة، نحن جائعون ونريد أن نأكل، «هل تعرفين ماذا يعني أني لا أملك شيئاً وأنت تسألينني عن استعداداتي لاستقبال شهر رمضان الكريم؟ بالتأكيد لا تعرفين كيف شعوري عندما يبدأ أطفالي بالبكاء من شدة الجوع والعطش».  تتابع آمنة حديثها بقهر وتقول «لماذا لا تهتم الدول الغنية بمساعدتنا خاصة الدول الإسلامية، لا احد في هذا الكون يستحق المساعدة مثلنا لنتخلص من شبح الجوع والموت الذي يطاردنا طوال حياتنا.. هل من العدل أن نرى أطفالنا يموتون أمام أعيننا والعالم الإسلامي يتفرج.. والله حرام».

الموت يطارد سكان بعض المدن الإثيوبية، وعدد كبير من الجوعى المسلمين يتوافدون إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا من مختلف أنحاء البلاد خلال هذا الشهر العظيم، ظناً منهم أن فيها من الغذاء والمال ما يساعدهم على قهر الجوع والانتصار على الموت.

ويخيب أملهم وينضمون إلى البقية من المتضورين جوعاً من سكان العاصمة، وما يحصلون عليه من أموال الزكاة لا يقارن بحجم الكارثة التي يواجهونها. إنها المجاعة الكبرى في هذا البلد والسبب تلكؤ الدول المانحة للمساعدات في استجابة نداءات المنظمات الإنسانية لإنقاذ الملايين من المهددين بالموت، والحكومة الإثيوبية تقول إن عدم هطول الأمطار بشكل كاف في مختلف المدن في السنوات الماضية أحد أسباب الجفاف في البلاد.

والأوضاع الاقتصادية في هذا البلد، الذي يعاني من أزمات ونزاعات داخلية وخارجية مستمرة وسيئة للغاية وفي هذا العام بالذات، أسوأ بكثير من الأعوام السابقة بسبب ارتفاع الأسعار الغذائية الحادة في العالم بأسره، حيث تضاعفت أسعار السلع المستوردة وحتى السلع المحلية نالت نصيبها من هذا الارتفاع خاصة حبوب «التيف»، الذي يزرع فقط في إثيوبيا ويعتمد عليه الشعب الإثيوبي كطعام أساسي، كما هو الحال مع ارتفاع أسعار الأرز الذي يعتمد عليه معظم الدول العربية والآسيوية وغيرها من دول العالم. لا وجود لخيام رمضانية ولا أي نوع من المشاريع لإفطار الصائمين في هذا البلد الفقير، والمظاهر الرمضانية التي تلفت الانتباه في إثيوبيا، هي تزايد عدد مصلي التراويح وصلاة الجمعة في «مسجد أنور» كل عام وهو أكبر المساجد في البلاد، ولحجمه غير الكافي للمصلين الذين يتجاوز عددهم عشرات الآلاف، يتم إغلاق الطرقات الرئيسة للمصلين خارج المسجد، ويتم نشر عدد من عناصر الشرطة من أجل حماية المصلين من المشاغبين والمخربين.  والصورة الحياتية اليومية لتصرفات الصائمين في شهر رمضان الكريم في إثيوبيا يختلف كثيراً عن معظم الدول الإسلامية والعربية، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد، وذلك يشمل معظم الموظفين ذوي الدخل البسيط، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من العاطلين والمتسولين بالقرب من المساجد في هذا الشهر الكريم.

وعدد كبير من الأمهات، والبنات الصغيرات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن الـ15 عاماً، ويعشن في المناطق الشعبية، يهرعن إلى الخروج من منازلهن قبل موعد الإفطار بساعة أو ساعتين لبيع الفلافل والسنبوسة والفطائر وغيرها للصائمين، بالإضافة إلى شوربة الشعير لعدد كبير من المسلمين الذين لا يستطيعون إعداد أي وجبة إفطار في منازلهم ويعتمدون على ما يوفره الشارع.