الحب إكسير الحياة

د. عائض القرني

TT

نحن بحاجة إلى مدد من المحبة لأننا نعيش نقصاً في هذا الجانب العاطفي، والمشكلة أن المحبة لا تُصنع كما يصنع الصابون، ولا تستورد كما يستورد المانجو، لكنها هبة ربانية ينبغي أن نسأل الله أن يهدينا إياها. كثير منا يعيش بلا حب، ويتعامل مع الآخرين بلا حب، ويسكن مع أهله بلا حب، ويسافر مع أصحابه بلا حب، ويدرّس طلابه بلا حب، ويجتمع بموظفيه بلا حب، فقط هناك مصالح مشتركة «ارم لي وأقطع لك». وهناك مجاملات وبهرج من القول وطلاء من العواطف، وأما الحب العميق فغير موجود. دعونا نزرع الحب في قلوبنا، نحب المسؤول ويحبنا، يحب الطالب أستاذه والأستاذ طلابه، ندخل المحبة بين الزوج والزوجة، والجندي والقائد، والابن والأب، والبنت والأم، حينها سوف نؤدي عملنا بإتقان، وننجز مهمتنا بنجاح، وسوف تعلو البسمة وجوهنا، وتقطر بالرحمة قلوبنا، وتمطر بالعفو أرواحنا. حينها سوف نكون خير أمة أخرجت للناس كما أراد الله. أجمل قطعة في الحب، وأحسن جملة في الود، هي قوله سبحانه: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ). دعونا أولاً نحب الله بطاعته ليحبنا سبحانه وتعالى، فإذا أحبنا الله فكل الذي فوق التراب تراب.

* فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ ـ وليتكَ ترضَى والأنامُ غضابُ.

الحب في الله أن تحب شخصاً لأنه مطيع لله ويزداد الحب له كلما ازدادت طاعته لله، وهذا الحب من أفضل الأعمال؛ لأنه لا يكون إلا خالصاً لله، سالماً من الأغراض الدنيوية، وجزاؤه محبة الله لصاحبه وأنه يظله في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله تعالى. فالحب في الله والبغض فيه من أوثق عرى الإيمان، والمؤمن مأمور بمحبة المؤمنين والصالحين وبغض الكافرين، وهذه المحبة والبغض دين يتقرب به إلى الله، ويحشر المرء يوم القيامة مع من أحب في هذه الدنيا.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتدرون أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال قائل: الصلاة والزكاة، وقال قائل: الجهاد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أحب الأعمال إلى الله تعالى الحب في الله، والبغض في الله».

أخي المسلم! إن الأمة لا تكون أمة واحدة ولا يحصل لها قوة ولا عزة حتى ترتبط بالروابط الدينية فتكون كما وصفها نبيها صلى الله عليه وسلم بقوله: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».

لقد أرست الشريعة أسس تلك الروابط والأواصر، فشرع الله ورسوله للأمة ما يؤلف بينها، ويقوي وحدتها، ويحفظ كرامتها وعزتها، ويجلب المودة والمحبة لأفرادها.