جيل جديد من قراء القرآن الكريم يفجر طاقاته في ضواحي الدار البيضاء

يستقطب عشرات الآلاف من المصلين خلال شهر رمضان المبارك

شباب مغاربة يؤدون صلاة التراويح في مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء («الشرق الاوسط»)
TT

صراع الأجيال سنّة لم يفلت منها أي فن بما في ذلك فنون الإمامة وقراءة القرآن. ففي المساجد القديمة في الدار البيضاء، خاصة مساجد وسط المدينة، يقف في الصفوف الأولى من صلاة القيام جيل جديد من القراء، ينتظر أن يتغيب الشيخ الذي لم يعد أداؤه يحرك شيئا لدى المصلين لتتاح له فرصة الوقوف في المحراب والكشف عن مواهبه في تلاوة كتاب الله.

ويعيش الجيل القديم من الشيوخ يوميا تحت ضغط هذا التربص، ويحس الكثير منهم بحنق كبير كلما أوقفه الشاب المتربص خلفه ليصحح أغلاطه وهفواته أثناء التلاوة. ويتخوف الشيخ في قرارة نفسه من أن منح أية فرصة للشاب المتربص وراءه للوقوف في المحراب قد تتسبب في فقدان موقعه الذي يكسب منه لقمة العيش. فحباله الصوتية ونفسه لم يعودا قادرين على المنافسة، زيادة إلى صعوبة تغيير طريقة أدائه التقليدية التي يجدها الجيل الجديد من المصلين جافة ولا تساعد على الخشوع والتذبر. وغالبا ما يؤدي بروز شاب يقرأ بطريقة جيدة تتمكن من تحريك خوالج المصلين من نشوب صراع حول المحراب. وسرعان ما يجتمع حوله المصلون وتبدأ الضغوط على الشيخ القادم ليترك مكانه للقارئ الجديد.

وفي السنوات الأخيرة عرفت الدار البيضاء بروز جيل جديد من قراء الذكر الحكيم يجمعون بين الحفظ والعلم والإتقان في الأداء والصوت الجميل. ومن حسن حظ هؤلاء أن صادفوا فترة توسع عمراني غير مسبوقة لمدينة الدار البيضاء، وظهور أحياء جديدة وكبيرة في ضواحي الدار البيضاء سرعان ما تحولت إلى محافظات قائمة الذات. وتوفر مساجد جديدة، كبيرة وجميلة، في خضم هذا التوسع العمراني، والتي فتحت الباب على مصراعيه أمام نجوم القراءة الجدد بعيدا عن الاحتكاك المباشر وصراع المواقع مع الجيل القديم.

فبرز الشيخ عمر القزابري في مسجد الريان بحي الألفة في الضاحية الجنوبية للدار البيضاء قبل تعيينه اماما لمسجد الحسن الثاني، حيث تمكن من استقطاب أزيد من 100 ألف مصل في رمضان، واكتساح المصلين للفضاءات الخارجية لمسجد الحسن الثاني لأول مرة في تاريخه.

وبرز الشيخ عبد العزيز الكرعاني في مسجد القاضي عياض في سيدي معروف بالضاحية الجنوبية الشرقية للمدينة، وغير بعيد منه ظهر الشيخ عبد الكبير الحديدي في مسجد كاليفورنيا، والشيخ محمد الإيراوي في مسجد الرياض بحي الالفة، ومصطفى الغربي في مسجد الشهداء في حي عين الشق بالضاحية الشرقية، والعيون الكوشي في مسجد أناسي بالضاحية الشمالية.

وما أن ينتهي الإفطار حتى تكتظ شوارع الدار البيضاء بالمصلين المتجهين إلى المساجد التي يؤم فيها النجوم الجدد للقراءة في المدينة. وفيما يظل بعض المصلين أوفياء لمقرئ واحد طيلة شهر رمضان، يختمون معه كتاب الله كاملا، فإن آخرين يفضلون التجوال بين المساجد والصلاة كل ليلة مع إمام مختلف مع ما يكتنف ذلك من تكرار السور والآيات بسبب التفاوت في وتيرة التلاوة من مقرئ إلى آخر.