بابا غنوج والتسقية وسلطة الجرجير والقطايف والمشبك.. مقبلات وحلويات دمشقية في رمضان

لا يمكن للصائم الاستغناء عنها على مائدة الإفطار والسحور

مستلزمات التسقية لدى البائع الدمشقي خلال الشهر الفضيل («الشرق الأوسط»)
TT

قبل دقائق من موعد إطلاق مدفع الإفطار تكون المائدة جاهزة وعليها وجبة الإفطار مع العرقسوس والتمر الهندي وبضع حبات من التمر، ولكن على المائدة التي تحضرها المرأة الدمشقية عادة في مطبخها أو تشتريها جاهزة من المطاعم أو الأسواق، مقبلات دمشقية عريقة لا يمكن لأي دمشقي أن يتخيل وجبة الإفطار أو السحور بدونها، فهي متوارثة منذ عشرات السنين، وتأتي في مقدمة هذه المقبلات الرمضانية الدمشقية: (التسقية أو فتة الحمّص) التي تباع مستلزماتها في محلات الحمصانية الكثر بدمشق، حيث مادتها الأساسية الحمّص المسلوق والزيت الفاقس، ولدى الباعة طريقة خاصة لتحويل زيت الزيتون إلى سائل لزج حليبي القوام، من خلال إضافة مادة القلو والماء، ومن ثم تضاف قطع الخبز لتشكل التسقية بالزيت، وهي المقبل الأول على مائدة رمضان بدمشق. وتكون عادة خفيفة على المعدة بعكس التسقية بالسمنة أو الزبدة، التي يضاف لها بدلاً من الزيت السمن الحيواني والصنوبر، والبعض يضيف لها اللحم ـ كما يقول أبو عدنان الحمصاني، الذي يمتلك محلاً لبيع المسبحة ومستلزمات التسقية والفول في سوق باب سريجة ـ ولكن الفتة بالسمن البلدي والصنوبر ثقيلة على المعدة، ولذلك نادراً ما توضع كمقبلات على مائدة الإفطار.

وهناك أيضاً «البابا غنوج» ويوضع على مائدة الإفطار والسحور كمقبل رئيسي، كما أننا نحضره في محلاتنا ويباع جاهزا ـ يضيف أبو عدنان ـ وقوامه الأساسي الباذنجان المشوي وبعد تقشيره يهرس في الوعاء ويضاف له الزيت وخلطة من الخضار وبشكل خاص البندورة المفرومة والفليفلة الخضراء ودبس الرمان والجوز. والدمشقيون الذين يصرون على السلطات كمقبل أساسي على مائدتي الإفطار والسحور يفضلون دائماً سلطة الجرجير على غيرها، وحتى على الفتوش، حيث يعتبرون الجرجير نباتاً مفيداً للجسم ومقويا للأعصاب، وهو عادة ينمو في غوطة دمشق بشكل طبيعي. ومن الشوربات الأساسية على موائد إفطار وسحور الدمشقيين هناك شوربة الكشك، وهي تحضر من مستخلص اللبن المجفف سابقاً على شكل قطع صغيرة أو مسحوق ناعم تباع مغلفة وتغلى مع الماء والسمن فتتحول إلى شوربة لذيذة الطعم، ولكنها دسمة بسبب وجود اللبن المجفف فيها.

وحرص الدمشقيين على وجود المقبلات التقليدية على موائد رمضان يقابله أيضاً حرصهم على وجود أنواع من الحلويات الشعبية التي يكثر الطلب عليها في شهر رمضان، وعادة يتناولها الدمشقيون بعد الانتهاء من تناول وجبة الإفطار أو السحور منطلقين من مثل شعبي وهو: (إن في المعدة خلوة لا تملؤها إلاّ الحلوى) ومن مقولة أخرى وهي: (الأمة الإسلامية أمة حلوة وتحب الحلوى)، وأبرز الحلويات الدمشقية الشعبية الرمضانية هناك القطايف، التي تحضر على شكل دوائر صغيرة من العجين لدى الباعة المنتشرين بشكل أساسي في الأسواق الشعبية والقديمة كسوق الشيخ محيي الدين والميدان وباب الجابية وغيرها، حيث توضع بين الدائرتين مادة الشمندور وهي مستخلص من حليب الغنم، ويؤتى بها من البادية والمناطق المجاورة وتوضع بعد ذلك القطع في القطر الخاص بها وتحضر أيضاً في محلات متخصصة وتباع في أوعية صغيرة مغطاة بشكل جيد، وتشكل القطايف حلوى شعبية ذات نكهة لذيذة خاصة في الشهر الفضيل وتحضر من القطايف أنواع أخرى ذات أشكال هندسية لها تسميات محلية، حيث تحشى بالشمندور وتقلى بالزيت ولتصبح بعدها جاهزة للتناول بعد الإفطار والسحور.

وهناك أيضاً العوامة وهي حلوى لذيذة يحضرها متخصصون في محلاتهم على شكل كرات جميلة من عجينة الدقيق وتقلى بالزيت مع السكر والقطر. وهناك المشبك وهو يحضر بنفس طريقة العوامة ولكن بشكل طولي ودائري فيشاهد لدى البائعين في صوان كبيرة ملتف على بعضه البعض في منظر جميل، ويؤكل عادة بعد تقطيعه من قبل البائع إلى قطع طولية أو ملتوية أحياناً، ويضيف له البعض مبشور جوز الهند أو مبشور الفستق الحلبي لإعطائه نكهة ألذ؟!