رمضان يكشف سر «خلطة» نجاح سنغافورة

ديانات متعددة تشارك المسلمين حفل «هاري ريا»

شبان وفتيات يرقصون مبتهجين بحلول شهر رمضان في حفل «هاري ريا» هذا العام («الشرق الأوسط»)
TT

يكشف السنغافوريون في حفل استقبال شهر رمضان الكريم، والذين يطلقون عليه محليا «هاري ريا»، عن سر خلطة نجاحهم وتقدمهم في حفل استقبال شهر رمضان الكريم، إذ يحتفل المسلمون بمعية باقي المواطنين السنغافوريين بمختلف أعراقهم الهندية والصينية والعربية والانجليزية، وبعيدا عن تعدد أديانهم حيث يشارك الكل في الحفل الذي يبدأ سنويا قبل حلول الشهر الكريم ويستمر بعد عيد الفطر بشهر.

ويتميز حفل «هاري ريا»، بإضاءة الأنوار في وسط شوارع المدينة القديمة التي تحتضن مبنى قصر السلطان ومسجده مرورا بشارع العرب، الحفل الذي يقيمه المسلمون خليط بين العادات التقليدية والتقليعات الحديثة تشمل عرض الأزياء، والأغاني الأجنبية، كما يؤدي الشباب والفتيات الرقصات الفولكلورية والحديثة، على أنغام الدفوف تارة وعلى صخب الموسيقى الأجنبية مرة أخرى، وهم يحملون الفوانيس الزجاجية. ويقدم السنغافوريون من الأديان الأخرى الطعام إلى المسلمين الصائمين في وقت الإفطار، كما يقدمون التهاني والهدايا إلى أبناء المسلمين بحلول شهر رمضان ووقت الاحتفال بعيد الفطر، هذا التعايش هو أحد ملامح نجاح هذا البلد والذي لم يقر له دينا رسميا في الدستور. هذا التزاوج المتناهي في المجتمع السنغافوري الصغير والحديث والذي يبلغ عدد السكان فيه حوالي 4 ملايين نسمة، والذي يشتمل على 77 في المائة من الصينيين، و 14 في المائة من المالاي، و8 في المائة من الهنود، و1 في المائة من الأورآسيويين والأعراق الأخرى. جعل من البلد الصغير والفقير من الموارد الطبيعية أرضا لفرص العمل الناجحة، فبعد إن كان سكان سنغافورة الأصليين صيادين من المالاي يعيشون على صيد الأسماك، أصبحت سنغافورة بلد صيد الفرص الناجحة ومركز اجتذاب للمهاجرين والتجار، فبعد وصول السير ستامفورد رافلز وتأسيس مركز تجاري بريطاني، قصدها المهاجرون من الصين، وأندونيسيا، وباكستان وسري لانكا، و«الشرق الأوسط»، سعياً وراء حياة أفضل لهم ولعائلاتهم. ورغم الزيجات بين أفراد الفئات العرقية المختلفة عبر السنوات، فقد حافظت الفئات العرقية السنغافورية على هوياتها الثقافية مع استمرار تطورها كجزء أساسي من المجتمع.

وقال نغ إنغ هين وزير السياحة السنغافوري لـ«الشرق الأوسط»، على هامش حفل «هاري ريا»، إن سنغافورة على يقين أن ثروتها في الإنسان، لهذا فالحكومة السنغافورية تستثمر في الإنسان وتجعل منه قوة.

وأضاف ان التسامح الكبير والتعايش السلمي بين أبناء الأعراق والأديان متوارث بين الأجيال، وهذا التعايش رسخه القانون. وأوضح الوزير هين: «أننا ببساطة باختلاف أعراقنا في سنغافورة، نعيش بجوار بعض كأبناء إلى سنغافورة، وكلنا في الأخير مواطنون سنغافوريون». وفي حفل «هاري ريا» ترى السنغافوريين بملامحهم الآسيوية والهندية والعربية والأوروبية يحتفلون مع جيرانهم، ويأتي تنوع الديانات مع تنوع الفئات العرقية، حيث تزين أفق سنغافورة المآذن المميزة للمساجد، والأبراج المثلثة للكنائس، والأشكال المعقدة لمعابد الهندوس والمعمار المميز لسقوف المعابد الصينية. أما الأديان الرئيسة في سنغافورة فهي، الإسلام والطاوية والمسيحية والهندوسية والسيخية واليهودية.

كما يمكن أن تختلط في مسامعك وأنت تتجول بين المحتفلين بالأربع لغات الرسمية في سنغافورة وهي، المالاي والماندارين والتاميل والإنجليزية، والتي تعتبر لغة الأعمال والإدارة، وهي مفهومة ومستخدمة بشكل واسع، ومعظم السنغافوريين ثنائيو اللغة، إذ يتحدثون الإنجليزية إلى جانب لغتهم الأم، وبسبب التزاوج والتخالط تجد الكثير من السنغافوريين يتحدثون أكثر من لغتين، كما تعتبر لغة المالاي هي اللغة الوطنية.