دفاع النبي عن حقوق الإنسان (1)

د. عادل بن علي الشدي *

TT

دافع نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم عن حقوق الإنسان، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً كان أو كبيراً، وبغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو مستواه المعيشي، وقرّر جملة من المبادئ السامية في هذا المجال، ومن ذلك نصه في خطبة حجة الوداع التي توفي بعدها بأقل من ثلاثة أشهر على شدة تحريم الاعتداء على الدماء والأموال والأعراض وذلك قبل أن يعرف العالم قانون الشرط الكبير عام 1215م ووثيقة إعلان الحقوق عام 1628م وقانون تحرير الجسد عام 1679م وإعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776م ووثيقة حقوق الإنسان والمواطن عام 1789م والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م . لقد سبقت مبادئ الحقوق التي أقرّتها شريعة الإسلام للإنسان كل المبادئ التي أُعلنت بعد ذلك بقرون، بل تعدّت حقوق الإنسان إلى حقوق الحيوان والنبات والبيئة التي جعل المحافظة عليها من شعب الإيمان، فقال نبي الله محمّد صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» (رواه البخاري ومسلم)، كما نهى صلى الله عليه وسلم أن يقضي الإنسان حاجته في المكان الذي يستظل فيه الناس!! ومن المبادئ العامة في هذا المجال:

* المحافظة على النفس الإنسانية: فجاء بعدة تشريعات وأوامر ونواهٍ، منها:

ـ تحريم قتل النّفس بغير حقّ، واعتبار قتل نفس واحدة كقتل جميع النّاس، قال الله تعالى: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ» (المائدة :32).

ـ تحريم الانتحار : قال صلى الله عليه وسلم: «من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردّى فيها خالداً مخلداً ومن تحسّى سمًّا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم» رواه البخاري.

ـ سدّ الذرائع المؤدية إلى القتل وإزهاق الأنفس: قال صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السّلاح فليس منَّا» رواه البخاري ومسلم.

ـ تحريم الإخافة والترويع ولو مزاحاً.

ـ تحريم الأذى ولو المتوقع، كأمر من مرّ في سوق بنبل أن يكفه حتى لا يجرح أحداً، قال صلى الله عليه وسلم: «من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها لا يعقر بكفه مسلم» رواه البخاري.

والنصوص النبوية في تحريم الأذى والأمر بكفه كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم. وجعل صلى الله عليه وسلم كفّ الأذى من حقوق الطريق التي يجب على المسلم احترامها. رواه البخاري.

* الحفاظ على العقل : ـ تحريم ما يفسد العقل:

مفسدات حسية: كشرب المسكرات وتناول المخدرات؛ قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خمر، وكُلُّ خمرٍ حرام» رواه مسلم.

مفسدات معنوية: كالاعتقاد في الخرافة والشعوذة والتقليد الأعمى وعدم إعمال الفكر.

* الحفاظ على النّسل:

ـ الترغيب في الزواج: قال صلى الله عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» رواه البخاري ومسلم.

ـ تحريم قتل الأولاد وإجهاض الحوامل: قال تعالى: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا». (الإسراء :31). فحرّم الإسلام قتل الأجنّة وتعمّد إسقاطهم دون أن يكون في بقاء الحمل خطر مؤكد على الأم.

* الأمين العام للبرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم