رمضان على شاطئ الإسكندرية مذاق لا يتكرر في أي مكان

أهم ملامحه الإفطار أو السحور على البحر

TT

رمضان له مذاق خاص يختلف من دولة لأخرى، وأحيانا من مدينة لأخرى داخل الدولة نفسها، فرمضان في الإسكندرية على سبيل المثال له مذاق مختلف عن بقية المدن المصرية، لأنه يكون رمضان بمذاق اليود.. فبالطبع رمضان على شاطئ عروس البحر المتوسط يختلف.

أول ما سيثير انتباهك عند وصولك إلى محطة قطارات «سيدي جابر» الشهيرة في وسط الإسكندرية هو اختفاء الزحام المعتاد في تلك الفترة من العام، فحجم المترددين على الإسكندرية قل بنسبة 70% بسبب شهر رمضان، نظرا لأن أغلب الناس يفضلون قضاء الشهر الفضيل بين ذويهم، بينما اقتصر المصيفون على المسيحيين أو السياح الأجانب بالإضافة إلى عدد قليل من المسلمين.

وربما لن تجد عند خروجك من محطة سيدي جابر سوى عدد قليل من سماسرة العقارات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، بعد أن كان عددهم يتجاوز العشرات حتى قبل أسبوعين، ولدى هؤلاء السماسرة ستجد شققا سكنية في أماكن متميزة بإيجارات انخفضت بنحو 300 أو 400 جنيه (الدولار يساوي 5.5 جنيه) عن ذي قبل، بسبب قلة الإقبال.

الأمر الثاني المثير للانتباه على طول كورنيش البحر الممتد من المنتزه شرقا إلى بحري غربا هو قلة رواد الشواطئ في الصباح والظهيرة، حيث يبدأ المصطافون في التوافد على الشواطئ قرب العصر، إذ إن معظمهم يعدون العدة للإفطار على شاطئ البحر، وسرعان ما تمتلئ مياه البحر بالمصطافين مع اقتراب أذان المغرب، تجنبا للإرهاق أو الشعور بالعطش، بل إن البعض يفضل نزول البحر بعد الإفطار.

وما إن تقترب عقارب الساعة من الخامسة مساء حتى تبدأ كل أسرة في التفكير في إجابة للسؤال: ماذا سنفطر اليوم؟، إلا أن جو البحر عادة ما يفرض وجبات المأكولات البحرية، التي سرعان ما ينطلق أحد أفراد الأسرة لشرائها من المحلات المنتشرة على طول الكورنيش، ويأتي بها قبل موعد أذان المغرب الذي يحين موعده في نحو السادسة والنصف مساء بتوقيت عروس البحر المتوسط، لتفطر الأسر الصائمة عندما تسمع سيمفونية جميلة يمتزج فيها صوت المؤذن بصوت أمواج البحر.

وعقب الإفطار تبدأ الكافيتريات المنتشرة على الكورنيش في تقديم المشروبات الساخنة والباردة والمرطبات، خاصة المشروبات الرمضانية، للرواد، كما يُسمح بتقديم الشيشة في بعض الشواطئ.

مراد علي (40 عاما) مهندس معماري، أتى هو وأسرته لقضاء أسبوع في الإسكندرية منتهزا فرصة قلة الزحام على الشواطئ بسبب رمضان. يقول مراد «فضلت هذا العام أن آتي للتصييف في شهر رمضان هربا من زحام الإسكندرية في شهر أغسطس (آب) وهربا من حر القاهرة». وأوضح أنه في المصيف عادة ما يستيقظ في نحو الواحدة ظهرا ويستعد هو وأسرته للذهاب إلى البحر في نحو الرابعة ويختارون شاطئا جديدا كل يوم على سبيل التغيير، ويفطرون على شاطئ البحر، ويظلون جالسين حتى قبل موعد السحور بقليل فيعودون للمنزل ويستعدون للسحور وأداء صلاة الفجر في أحد المساجد المشهورة في المدينة.

أما خالد عبد المجيد، (38 عاما)، محاسب في أحد البنوك، فيقول «رمضان على شاطئ البحر له مذاق مختلف لم نجربه منذ سنوات، لأنه منذ فترة طويلة ورمضان يأتي في الشتاء وهذا العام أول مرة يأتي في الصيف، وأيضا بناتي الثلاث في الإجازة الصيفية فكانت فرصة لي أن آخذ إجازة من عملي وأصطحب أسرتي للتصييف، وأيضا التمتع بجو رمضاني مختلف عن الذي اعتدنا عليه في القاهرة».

وأوضح أن أبرز ملامح رمضان السكندري هو نزول البحر في الصيام، بالإضافة إلى الإفطار أو السحور على شاطئ البحر، مؤكدا أن هذا الأمر له متعة خاصة. أما إبراهيم مراد (48 عاما)، مدرس، فيقول «كل مظاهر رمضان في الإسكندرية لها مذاق مختلف، وأكثر مظهر أشعر فيه بالاختلاف هو صلاة التراويح في مسجدي المرسي أبو العباس أو القائد إبراهيم»، مشيرا إلى أنه هذا العام، وخوفا من انتشار مرض إنفلونزا الخنازير قررت إدارات المساجد تخفيض أعداد المصلين بالجوامع على أن يتم افتراش حُصر وسجاد للصلاة خارج المسجد.

وإذا كان انخفاض أسعار إيجارات الشقق السكنية وقلة الزحام في صالح المصطافين، فعلى الجانب الآخر نجد أن مؤجري الشماسي والكراسي على شاطئ البحر في أسوأ حالاتهم، إذ يقول علي عبد الرحيم، مؤجر كراسي وشماسي في شاطئ استانلي بوسط الإسكندرية، «هذا العام الموسم مضروب، فشهر أغسطس (آب) كان قمة الموسم الصيفي، أما الآن فعدد المصطافين أقل من المعتاد بنسبة 75%، نحن دفعنا إيجار الشواطئ لمحافظة الإسكندرية، ولم نفلح في استرداد ما دفعناه من المصطافين».

أما عبد الله الصعيدي، بائع فريسكا، وهي حلوى مشهورة على شواطئ الإسكندرية، فبدلا من عمله تحت نار شمس أغسطس أصبح يعمل بعد الإفطار، ويقول «نعم عملي تأثر ولكن الرزق بيد الله»، مشيرا إلى أن الإقبال على بضاعته بعد الإفطار يكون كبيرا، لذلك فإنه لم يتأثر بشكل كبير بقدوم شهر رمضان في الصيف.

بعض المصطافين لا يفضلون الذهاب إلى البحر في الصيام، لذلك نجدهم يقومون بجولات في المعالم المختلفة للإسكندرية من قلعة قايتباي ومكتبة الإسكندرية ومنطقة بحري والمنشية التجارية، حيث يوجد سوق «زنقة الستات» الشهير.

وعقب الإفطار يمكن القيام بجولات في الشوارع والمناطق التجارية الشهيرة بالإسكندرية مثل شارع خالد بن الوليد بمنطقة ميامي أو سان ستيفانو أو محطة الرمل أو يمكن الاستمتاع بأمسية رمضانية على شاطئ البحر في الخيام الرمضانية الموجودة في منطقة المنتزه أو المعمورة، حتى يحين موعد السحور.