بيلغيهان كوهلر لـ «الشرق الأوسط» : نترقب إقامة مصرف إسلامي في ألمانيا ومتحف للفنون الإسلامية

الاقتصادي الألماني المسلم صالح ميشال كسنر: علينا الاهتمام بالثقافة أكثر من السياسة

صالح ميشال كسنر مع زوجته التركية الدكتورة بيلغيهان كوهلر وابنهما يعقوب («الشرق الأوسط»)
TT

الاقتصادي الألماني المسلم صالح ميشال كسنر، أسلم قبل 15 عاما، بعد دراسة مستفيضة لعقائد الإسلام وآدابه وأحكامه، بما في ذلك رؤيته للتنمية ولدورة عجلة الاقتصاد، التقت به «الشرق الأوسط» في معرض الفن الإسلامي في سراييفو، مع زوجته التركية الدكتورة بيلغيهان كوهلر، وابنيهما يعقوب (5 سنوات)، حيث سألناه عن سبب وجوده في العاصمة البوسنية سراييفو، فقال «جئنا للسياحة، وقبل ذلك كنا في المملكة العربية السعودية، وسويسرا، وكرواتيا، ثم سراييفو، وننوي زيارة بعض المدن البوسنية مثل موستار، وبعدها سنعود إلى ألمانيا». وعن مجال عمله، ذكر أنه خبير في مجال الاقتصاد، ومتخصص في الاقتصاد الإسلامي، ويلقي محاضرات على المستوى الدولي في هذا الخصوص، وكان قد ألقى محاضرة في بنك البوسنة الدولي، الذي أسسته جهات مالية إسلامية في دبي وأبو ظبي والبنك الإسلامي للتنمية في جدة قبل عدة أشهر «عملت في هذا المجال لمدة 7 سنوات، وكان اهتمامي مركزا على مستوى الجودة للمنتجات».

وعن رأيه كمسلم مر على إسلامه فترة كافية للرسوخ والتجذر الإسلامي فكرا وسلوكا، فيما يجري على مستوى البلاد الإسلامية والغرب من تدافع سياسي وثقافي وحتى عسكري، قال «هناك فوضى على جميع المستويات المذكورة، لا سيما في العالم الإسلامي، فوضى على مستوى النخب، بعيدا عن نبض الشارع، وهو شارع مغيّب تماما، في ظل غياب الحريات. أما في الغرب وعلى الرغم من وجود سياسات خاضعة أحيانا لسطوة اليمين المتطرف، إلا أن الناس أحرار وكثير منهم يسأل ويقرأ ويحاور المعنيين بالأمر وأعني المسلمين، ولا يكتفون بالطبخات السياسية والإعلامية الجاهزة، التي غالبا ما تكون ملغمة، ولا تعبر عن الحقيقة، ومع الأسف فإن الكثير من المسلمين لديهم مفاهيم مغلوطة عن الإسلام أو ناقصة أو مشوهة، ففي اسطنبول يعبر الناس عن فرحتهم عندما يعرفون أنني مسلم، ولكن بعضهم يسأل باستغراب أو ما شابه عن حجاب زوجتي الدكتورة بيلغيهام بالقول لماذا هذا؟!»، وتابع «بعض الناس لا يعرفون أن الحجاب فرض على المرأة، وبعض النخب تظن أنه لباس سياسي يقف وراءه تنظيم، وهذا خطأ كبير؛ لأنهم يُسيسون بذلك ملايين النساء المحجبات، اللواتي ليس لهن انتماء سياسي، وهم بذلك يخدمون التنظيمات السياسية التي يتهمونها، وهو غباء فكري وسياسي على كل حال»، وحول العلاقة بين الدين والسياسة كمهتم بهذا الجانب، وموقفه من الجدل الدائر حاليا بين النخب المختلفة في البلاد الإسلامية، قال «في البداية أنا أفضل التركيز بشكل أساسي على الثقافة، أو الكثير من الثقافة، والقليل من السياسة، ولا يمكن أن تكسب المعركة السياسية إذا لم تكسب المعركة الثقافية، ونحن نشاهد أجيالا مُسيسة، ولكنها لا تحمل القدر الكافي من الثقافة، يجب أن يكون لدينا القدرة على الشرح للناس الأدب والفنون والاقتصاد».

ووصف الجدل الحاصل في البلاد الإسلامية، وسط 70 مليون أمي في البلاد الإسلامية العربية لوحدها، ووجود ملايين الفقراء، واعتماد كلي على الصناعات الميكانيكية وحتى الغذائية من الخارج بـ« الجدل البيزنطي»، وقال «كان يجب أن تتضافر جهود الجميع لردم الهوة بين الأغنياء والفقراء، والاقتراب من مستوى الدول الصناعية، وأن تكون هذه استراتيجية جميع النخب السياسية بالدرجة الأولى».

وفيما يخص المنتوجات في البلاد الإسلامية، ذكر صالح كسنر، أن «مستوى الجودة في البلاد الإسلامية متدنٍ في بعض الأحيان، ويجب تحسين الصورة، ليس فقط باللقاءات المباشرة والمحاضرات، فحسب، بل بالسلوك وبتحقيق تقدم في مجال نظافة الشوارع، فلا توجد مدينة واحدة في دولة إسلامية، ضمن أنظف 100 مدينة حول العالم، بينما الإسلام دين النظافة والوضوء، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم، «نظفوا أفنيتكم»، ومحاربة الفقر، وتقليص نسبة البطالة، وتقبل الأنماط الاجتماعية السائدة، لا سيما التي لها دليل من القرآن والسنة، مثل الحجاب، واحترام بقية حقوق الإنسان، وهذه أفضل طريقة لتحسين الصورة لأي بلد مسلم أو البلاد الإسلامية برمتها». وعن المشكلات التي يعاني منها المسلمون في الغرب، قال «انتشار الاسلاموفوبيا، التي كانت من نتائجها مقتل الشهيدة مروة الشربيني، وجنينها، له عدة وجوه، أغبياء يفكرون بآذانهم وبالتالي ينخرطون في جرائم معاداة المسلمين، وأذكياء يبحثون ويسألون وغالبا ما يصلون للحقيقة، وهي أن الغرب يخوض حربا باردة ضد الإسلام والمسلمين، وهناك مشاكل أخرى تتعلق مثلا بالأكل الحلال، وهذا يستدعي إقامة مؤسسات للأكل الحلال، وبنوك إسلامية في الغرب، كتلك التي في بريطانيا على سبيل المثال، ووجود أماكن تحقق مطالب الأحوال الشخصية المتعلقة بالمسلمين في الغرب»، أما زوجته الدكتورة بيلغيهان كوهلر، وهي مؤرخة للفنون وعلم الآثار، وكانت تعمل في متحف كولون بألمانيا لعدة سنوات، فقد أعربت عن أمنيتها بإقامة متحف للسيرة النبوية في المدينة، في حجم متحف الفن الإسلامي في قطر. وتابعت «كنت محاضرة في الجامعة، كما عملت في برنامج الحكومة الألمانية لإدماج المسلمين في المجتمع الألماني، كما أشرفت على تنظيم معرض الفنون الإسلامية، الذي أقيم في هانوفر عام 2000 م، وضم الكثير من الآثار الفنية في البلاد الإسلامية». وعن علاقتهما ببعض قالت الدكتورة بيلغيهان «هذا قدر وقسمة ونحن سعداء جدا». أما صالح فقال «عملت للإسلام وحصلت على هذه المرأة الرائعة»، وحول اختلاف العادات والتقاليد بين الزيجات المختلطة بين المسلمين في الغرب والشرق، قال «معرفة العادات والتقاليد مهم جدا، حتى لا يسقط الإنسان في مطبات، وحتى لا يسيء من حيث يريد أن يُحسن»، وعما يربط رجل اقتصاد يتعامل بالأرقام، ودكتورة مؤرخة للفن وعلم الآثار، قال «هذا مهم جدا، فهذه الثنائية تجمع بين العقل والقلب وبين الروح والجسد، وهذا هو الإسلام»، وعن مستقبل نشاطاتهما كمهتمَين بالاقتصاد والثقافة، قالا إنهما مهتمان بمشروع إقامة مصرف إسلامي في ألمانيا، الذي تمت دراسته من قبل متخصصين، وبالتعاون مع المفكر الألماني المسلم مراد هوفمان. وكذلك متحف دائم للفنون الإسلامية، كما سيساعدان في إقامة متحف للفن الإسلامي في سراييفو.