في عصر العولمة.. لم يتخل الجيران عن تبادل «سكبة رمضان» في الإمارات

المواطنون والمقيمون في الدولة يتشاركون بالتقاليد

TT

ما أن تغيب الشمس حتى تتحول البناية التي تسكنها دينا إلى خلية نحل من الصغار وهم يحومون بين الشقق التي تتبادل «سكبة» رمضان قبل أذان المغرب، وتعتبر دينا نفسها من المحظوظين كونها تسكن في عمارة أغلبية قاطنيها من العرب وتعلق قائلة لـ«الشرق الأوسط»: دوامي في رمضان يتيح لي ولله الحمد أن افطر يوميا مع العائلة، وهي فرصة طيبة في ذات الوقت للتواصل الطيب مع الجيران خلال الشهر الكريم من خلال تبادل الأطعمة، فنحن هنا أسرة واحدة الأمر الذي يبعث لدي أجمل الذكريات عندما كنت أعيش مع أسرتي في حارتي الدمشقية القديمة.

وتحرص أم شهد من مدينة حلب السورية على أن تكون «سكبة رمضان» من الطعام الفاخر كالكبب والمحاشي بأنواعها، خاصة أن ظروف عملها لا تتيح لها أن تطبخ تلك الأكلات التي تستغرق وقتا سوى في عطلة آخر الأسبوع. وتضيف مبتسمة: في الطابق الذي نسكن فيه أسرة هندية غير مسلمة نحرص بين الحين والآخر على التواصل معها عبر سكبة رمضان وبعد الإفطار يرجعوا لنا الصحون الفارغة، وهي مليئة بالحلويات الهندية اللذيذة التي يقومون بصنعها في المنزل. وتعد حياة العازبين الأكثر صعوبة في رمضان، خاصة الوحدة التي تعد الأشد وطأة على نفوسهم وهم بعيدون عن أسرهم، ويحرص وليد هو وجيرانه في البناية من العزاب يوميا على الاجتماع في منزل أحدهم بالتناوب وكل يصطحب «الطبخة» التي أعدها، حيث يتناول الجميع الطعام على مائدة واحدة في جو عائلي مرح. وتشفق رزان من العراق وهي ربة منزل على العاملين العزاب في محل زوجها، لذلك تحرص دوما على إرسال سكبة رمضان لهم. وتعلق بقولها: أقوم يوميا بالطبخ لعائلتي ولعشرة من العاملين في محل زوجي خلال شهر رمضان المبارك، يقوم بعدها زوجي بإيصال الطعام الساخن لهم في المحل قبل الأذان بعشر دقائق، وهي عادة لا أستغني عنها منذ إقامتنا في الإمارات قبل ثلاث سنوات ولله الحمد.

ولا يزال سكان «الفريج» الذي تقيم به أم جاسم محافظا على تبادل الأطباق الرمضانية وفي مقدمتها الهريس المكون من اللحم والقمح والماء. وتقوم الخادمات بإيصال الأطباق بين الجيران حتى لحظات قليلة من موعد أذان المغرب. وتعلق أم جاسم حول ذلك بقولها: كل سنة نتفق أنا وجاراتي خلال شهر رمضان المبارك على أن تعد كل واحدة منا كمية كبيرة من أكلة معينة كي يتذوقها الجميع. وبعد صلاة التراويح نجتمع لتعلق كل واحدة منا على «أكلة» الأخرى.

وبالإضافة للهريس هناك طبق الجبوس والمكون من اللحم المطبوخ مع البهارات «واللومي» اليابس مع العيش «الأرز» وطبق الخبيصة المكونة من الطحين المحمص والماء والسكر والقناد والزعفران، إضافة لمزيج «الثريد» الشهي من الخبز واللحم مع المرق. ويعد السعي لأحياء عادة «السكبة الرمضانية» خلال الشهر الكريم من قبل المواطنين والمقيمين في الإمارات ظاهرة صحية في مجتمع مركب يحوي أكثر من ثلاثمائة جنسية تعكس روح الدين الإسلامي الحنيف عبر مشاركة الآخر ما يتم تناوله على مائدة الإفطار.