80 مسجدا بدأت الأذان الموحد في القاهرة مع أول أيام رمضان

لم يسمعه معظم الأهالي.. والبعض شبهه بالزي الرسمي

الأذان الموحد حل محل عدد كبير من المؤذنين المحليين في أحياء المدن والقرى المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

منذ أن انطلقت فكرته قبل أكثر من عام، لا يزال مشروع الأذان الموحد يثير الجدل في الشارع المصري، فبينما أيده البعض تحت زعم أنه سيقضي على الفوضى في تفاوت مواقيت الأذان وتخليصه من الأصوات الشاذة، رأى البعض فيه محاولة لوأد تنوع صوتي ومباراة روحية في إظهار جماليات الأذان تتبارى فيها غالبية مساجد القاهرة.

دائرة الجدل نفسها عادت من جديد إلى الشارع المصري مع قرار وزارة الأوقاف المصرية الخاص بتطبيق الأذان الموحد في 80 مسجدا في شرق القاهرة مع أول يوم في رمضان، حيث أكدت قيادات الوزارة أن التجربة شهدت نجاحا لم يكن متوقعا وأن الوزارة تسعى لتطبيق التجربة على مساجد القاهرة الكبرى مع نهاية شهر رمضان، وتعميمها بعد ذلك في بقية محافظات مصر، بينما تباينت ردود أفعال المصريين بل وحيرتهم حول هذه التجربة، خاصة مع انتظار التنبيه ببداية موعد السحور ثم نهايته والتنبيه على الصائمين بقرب أذان الفجر، حيث ظل معظم المصريين من قاطني منطقة التجربة في حالة انتظار لأي صوت أو تنبيه كعادة كل عام، إلا أن الانتظار طال حتى موعد أذان الفجر الذي لم يسمع إلا بصوت واحد في كل مكان جميل وعذب، مصحوبا بحالة الهدوء، وبلا أدعية وتواشيح، مما لم يعتده هؤلاء السكان، وخاصة في شهر رمضان.

على الجانب الرسمي أصر الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف المصري، على موقفه من توحيد الأذان وواجه حربا شرسة من جانب اللجنة الدينية في مجلس الشعب المصري برئاسة الدكتور أحمد عمر هاشم، حيث رأت أن توحيد الأذان فيه ظلم للمؤذنين وسوف يحرمهم من الأجر العظيم الذي وعد به رب العزة عز وجل، بحسب الحديث الشريف «إن المؤذنين يأتون أطول الناس أعناقا يوم القيامة». وكان رد وزارة الأوقاف بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اشترط في الأذان جمال الصوت وعذوبته، وهو الأمر الذي لا يحدث الآن في المساجد، حيث أصبح الأذان مهنة فقط، وانتشرت الزوايا بشكل كبير في الشوارع وكلها تنطلق بالأذان في وقت واحد وبأصوات تشعر وكأنها تتناحر أو تتصارع للفوز بالأكثر علوا في الصوت.

ومن جانبه أكد الشيخ سالم عبد الجليل وكيل أول وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة،أن توحيد الأذان أمر ضروري للقضاء على بعض الأمور التي لا يجوز الإبقاء عليها في الإسلام، والحفاظ على الشكل الحضاري للإسلام والمسلمين، وحماية الناس من الأصوات غير المقبولة لعدد كبير من المؤذنين. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تجربة الأذان الموحد التي انطلقت تجربة ناجحة بكل المقاييس، وكان صداها جيدا وظهرت التجربة من دون أي إشكاليات أو اعتراضات من المصريين، خاصة أنه تم تطبيق المرحلة الأولى من التجربة في مساجد الأحياء الراقية بمنطقة مصر الجديدة ومدينة نصر (شرق القاهرة)، حيث تم اختيار 80 مسجدا في المنطقتين، وسوف نصل إلى جملة 4 آلاف مسجد بنهاية شهر رمضان لتغطية مساجد القاهرة الكبرى كلها». وقال الشيخ عبد الجليل إنه ظهر الفارق بين اختيار أحد المؤذنين أصحاب الصوت العذب، وبين ما كان قبل رمضان من أصوات نشاز تملأ سماء القاهرة.

وأشار الشيخ شوقي عبد اللطيف رئيس القطاع الديني في وزارة الأوقاف، إلى أن نجاح تجربة الأذان الموحد مع أول أيام رمضان شجعت الوزارة على البدء في تنفيذ التجربة في بقية محافظات مصر، مع مراعاة فروق التوقيت بين هذه المحافظات. وقال عبد اللطيف: «إن التجربة لم تكلف وزارة الأوقاف أمولا كثيرة كما قيل، فالأجهزة التي تم توزيعها على المساجد لاستقبال الإرسال من إذاعة (القاهرة الكبرى) لا تتجاوز تكلفتها 170 جنيها للقطعة الواحدة، وتم تجربتها قبل توزيعها على المساجد وثبت فاعليتها، وهناك ضمان لها لمدة ثلاث سنوات».

وفي رأي نور عبد الحميد (موظف في بنك) أحد قاطني منطقة مدينة نصر، فإن فكرة توحيد الأذان قضت على الأصوات غير المقبولة التي كانت تثير الضحك والاشمئزاز، وتوحيد الأذان جعلنا نستمع إلى الأصوات العذبة التي انطلقت من المساجد، وقضى على الضجيج وتداخل الأصوات.

بينما أوضح هاني العربي (طالب جامعي) أنه كاد يفقد صيام أول يوم في رمضان بسبب توحيد الأذان، الذي انطلق فجأة ومن دون مقدمات، خلافا عن السنوات الماضية حيث كان النداء قبل وبعد السحور. كما أن الأذان الموحد حرم المواطنين من الأجر والثواب، حيث كانوا يقومون بالأذان في بعض الأوقات التي يكون فيها مؤذن المسجد غير موجود.

ومن ناحية أخرى، أكد الشيخ علاء الدين الصغير، إمام أحد المساجد بالمنطقة، على أن هناك عددا من المساجد في منطقة مصر الجديدة شهدت انقطاعا في التيار الكهربائي، مما أدى إلى عدم رفع الأذان، وانتقد إصرار وزارة الأوقاف على إقصاء آلاف المؤذنين عن عملهم وحرمانهم من ثواب رفع الأذان، وربط قيام شعائر الله بأمور تقنية كتعطل البث والأجهزة أو انقطاع الكهرباء، ونبه إلى أن نظرة الناس للمؤذن باعتباره أول حلقات الصلاة وأهمية دوره في المسجد، كل ذلك تغير بمجرد إطلاق فكرة الأذان الموحد، وقال الشيخ الصغير: «إن المشروع سينتهي إلى الفشل في نهاية رمضان، نظرا إلى رفض المصريين التجاوب مع الأذان الجديد، وتعطل أجهزة البث».

ويتدخل أحمد أبو سمره (ميكانيكي سيارات)، ويقول ساخرا: «أذان موحد إيه؟! دي حكومة فاضية! ما لها باقة الأصوات من كل صنف ولون.. يا ناس هذا أذان الله وليس ماركة إعلامية متكررة!.. أو زيا موحدا لشركة من شركات المياه الغازية!».