وبنينا فوقكم سبع سماوات محكمة البناء قوية السمك، مرفوعة السقف، متقنة الصنعة لا قصور فيها ولا عيوب، يحار فيها الطرف، ويدهش من حسنها العقل الواعي.
«وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا» [النبأ: 13].
وجعلنا الشمس في السماء كالسراج الوهاج، تسير بحسبان وتضيء بحكمة وتطلع بتقدير، لا اختلال في سيرها ولا اضطراب في طلوعها وغروبها.
«وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا» [النبأ: 14].
وأنزلنا من السحب إذا حان نزول الغيث منها ماء مباركا طهورا عذبا غزيرا كثير الانصباب، فيه الحياة والنماء والخير الكثير.
«لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا» [النبأ: 15].
لنخرج بالماء حبا يأكله الإنسان والحيوان، وهو قوت نافع، ورزق مبارك من حنطة وذرة وشعير وغيرها، وأخرجنا بالماء نباتا من الحشائش والخمائل تأكله الدواب، ويبهج النظر ويجمل الأرض.
«وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا» [النبأ: 16].
وأخرجنا بهذا الماء المبارك حدائق غناء، وبساتين فيحاء، ملتفة الأغصان، لينة الأفنان، بهية المنظر، بهيجة الجمال.
«إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا» [النبأ: 17].
إن يوم القيامة يوم يفصل الله بين الخلائق فيه، له وقت معلوم، وأجل مسمى معلوم عند الله لا يخلف الله الميعاد.
«يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا» [النبأ: 18].
يوم ينفخ في البوق - وهو قرن عظيم - النفخة الثانية فتخرجون من القبور جماعات كثيرة تسعى إلى الموقف.
«وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا» [النبأ: 19].
وتشققت السماء وتصدعت، فصارت أبوابا كثيرة لنزول الملائكة، وذهاب الأبراج والأفلاك والكواكب.
«وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا» [النبأ: 20].
ونسفت الجبال، ودكت واقتلعت من أماكنها وصارت هباء منبثا، فتصبح قاعا صفصفا متناثرة في الجو.
«إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا» [النبأ: 21].
إن جهنم مكان يرصد فيه الكفار من قبل خزنة النار، فهم مترقبون مجيئهم لإنزال أشد العقوبة بهم.
«لِلطَّاغِينَ مَآَبًا» [النبأ: 22].
فالنار مرجع للطغاة يعودون إليها صاغرين مدحورين، فهي دارهم التي فيها يهانون ويعذبون.
«لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا» [النبأ: 23].
باقين في النار دهورا بلا انقطاع، مؤبدين في العذاب، خالدين في أقسى العقاب لا يفتر عنهم ولا يخفف.
«لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا» [النبأ: 24].
لا يجدون في النار بردا يطفئ عنهم الحر، ولا شرابا يذهب الظمأ، فجلودهم حرّى، وأجوافهم عطشى.