«اللزاقيات».. حلوى رمضان الشعبية في مدينة درعا يتم تحضيرها عادة من قبل النساء في المنازل

«الهريسة».. حلوى رمضانية تشتهر بها دمشق وريفها.. خصوصا منطقة القلمون

«اللزاقيات» و«الهريسة» وأنواع حلوى رمضانية سورية («الشرق الأوسط»)
TT

يتنافس العديد من المدن السورية في شهر رمضان المبارك على تحضير أنواع من الحلوى التي تقدم بعد الإفطار، وعلى الرغم من أن بعض هذه الحلوى، ولمذاقه اللذيذ، يبقى مطلوبا من الناس حتى بعد انتهاء الشهر الفضيل، إلا أن السوريين يتفننون في تحضيره بشكل خاص يتناسب وأهمية هذا الشهر الفضيل وحاجة الصائم للسعرات الحرارية التي يكون قد فقدها خلال اليوم فتعوضه هذه الحلوى الغنية بالسكريات عما فقده أثناء النهار، خصوصا مع الطقس الحار في فصل الصيف. ومن الحلوى الرمضانية التي يحضرها أهل مدينة درعا وريفها في منطقة حوران جنوب سوريا، التي شهدت بداية الأحداث السورية قبل نحو 5 أشهر، هناك نوع محلي ذو صفة شعبية يدعى «اللزاقيات» وهو يتم تحضيره عادة من قبل النساء في المنازل، وبشكل فلكلوري. ويتكون من دقيق القمح والسكر، حيث تقوم النساء - كما يشرح الباحث سمير المصري - بخفق الطحين في الماء بشكل جيد حتى يصبح سائلا مائلا للزوجة ثم يسكب من خلال كأس كبيرة على الصاج الساخن من خلال إشعال الحطب تحته مع نار هادئة (حاليا استبدل بالحطب موقد الغاز) حتى ينضج ويصبح على شكل رغيف خبز الصاج الرقيق، وبعد الانتهاء من عملية خبزه على الصاج توضع الأرغفة في صينية كبيرة فوق بعضها البعض وتدهن وهي ساخنة، إما بالدبس أو بالسمن العربي أو بالحلاوة مع الحليب من خلال خفق الحلاوة مع الحليب، ومن ثم تقطّع الأرغفة إلى قطع صغيرة على شكل مربعات ويتم تناولها باليد بعد وجبة الإفطار. ومع تميز منطقة حوران بهذا النوع من الحلوى الرمضانية فإن هناك ما يشبهها تحضره النساء في ريف محافظتي حمص وحماه وسط البلاد ويطلق عليه هناك اسم «السيّالات» بدلا من «اللزاقيات»، وهناك يستخدم سمن الغنم البلدي لدهن رغيف الدقيق الذي ينتشر بكثرة في تلك المناطق لقربها من البادية، حيث يوجد معظم الأغنام ومربوها سوريا.

نوع آخر من الحلوى الشعبية التي يزداد الطلب عليها في الشهر الفضيل وتشتهر بها العاصمة السورية دمشق وريفها، وبخاصة منطقة جبال القلمون شمال دمشق، وتحديدا مدينة النبك التي تقع على الطريق الدولي الذي يربط العاصمة بمدن الشمال والساحل السوري وتدعى هذه الحلوى «الهريسة»، وتحضر عادة من قبل حرفيين ماهرين وأسر امتهنت تحضيرها، حيث يتفننون في طريقة إعدادها لكي تحمل مذاقا خاصا ويتركون بصماتهم عليها، ومن أشهر محضري «الهريسة» في دمشق عائلة مراد، التي توارثت مهنة تحضير «الهريسة» عن الآباء والأجداد من عشرات السنين من خلال ورشتهم ودكانهم في سوق الصالحية وسط دمشق، ويشرح مصطفى مراد طريقة تحضير «الهريسة» قائلا: «تحتاج الهريسة إلى مقادير محددة من المواد الأولية فكل كيلوغرام من مادة السميد يحتاج لنحو 600 غرام من السكر، ويعجن مع السمن البلدي الحيواني أو النباتي ويوضع الناتج في وعاء لمدة 12 ساعة حتى تتم عملية تخميرها بشكل جيد، وفي اليوم الثاني يوضع الناتج المتخمر في الفرن لمدة ساعة من الزمن تقريبا حتى يطهى ويحمّر وجهه العلوي، ونقوم بتسييل السمن العربي ووضعه على طبق الهريسة، حيث يتم بعد ذلك تقطيعه إلى قطع مربعة أو مستطيلة ليقدم طازجا للناس، خصوصا بعد الإفطار».

ولـ«الهريسة» أشكال وأنواع - يضيف مراد - «من أبرزها (هريسة اللوز)، حيث توضع حبات اللوز عليها لتزيينها، ولكن انتشرت في ما بعد أنواع أخرى ومنها (هريسة الصنوبر) والفستق والكاجو، وهناك نوع شعبي يضاف له جوز الهند الأبيض الناعم بدلا من المكسرات، كما يمكن تحضير نوعين من (الهريسة) المنتفخة الخفيفة نسبيا والسميكة والرقيقة المضغوطة إلى حد ما، وهذا له علاقة بالمقادير والكثير من الصائمين يفضلون (الهريسة) السميكة كونها تكون ألين وألذ مذاقا أما عندما تكون رقيقة مضغوطة يشعر من يتناولها بقساوة غير مرغوبة من قبل الذواقين. و(الهريسة النبكاوية) (نسبة لمنطقة النبك في ريف دمشق) تعتبر من ألذ أنواع (الهريسة)، حيث يحرص محضروها على إكثار السمن العربي الحيواني فيها، وكذلك المكسرات وبشكل خاص حبات الفستق الحلبي التي توضع كحبات كاملة على وجه (الهريسة)، وليست مبشورة كما هو الحال في بعض أنواعها».

كما تعرف «الهريسة» في مناطق سورية أخرى، ولكن بشكل أقل شهرة مما هي عليه في دمشق وريفها، وتدعى في منطقة الساحل السوري «نمّورة» ويؤكد المهتمون والمختصون أن «الهريسة» من أفضل أنواع الحلوى الداعمة للصائم في الشهر الفضيل، فبسبب غناها بالسكريات، حيث تتفوق بنسبة السكر فيها عن جميع أنواع الحلوى الشرقية المعروفة فإنها تعوض الصائم السعرات الحرارية التي فقدها خلال فترة صيامه بشكل جيد وتقدم له حاجته من السكريات. كما أنها تفيد الأطفال في مرحلة النمو لوجود مادة السميد الناتج عن القمح.

ولشهرة «الهريسة» السورية فإن الكثير من أشهر محضريها يقومون بتصديرها إلى الخارج، وبخاصة إلى المغتربين السوريين في أميركا وأوروبا، وهي عادة تتحمل رحلة التصدير وتبقى طازجة ولينة لمدة 25 يوما - كما يؤكد مراد – والسبب أنها لا تضم مواد غذائية يمكن أن تفسد مع الوقت الطويل مثل الجبن والقشدة، فهي عبارة عن سميد وسكر وسمن فقط، ويتم تغليفها بشكل أنيق ويكتب على العلب كل المعلومات المطلوبة مثل محتوياتها والسعرات الحرارية وغير ذلك.