نحو تفسير أسهل (10)

د. عائض القرني

TT

فأخرجنا من الأرض حبا من الحنطة والشعير والذرة؛ غذاء للإنسان والحيوان، بطعوم مختلفة، وأصناف متعددة.

((وَعِنَبًا وَقَضْبًا)) [عبس:28].

وأخرجنا به شجر العنب الذي هو من أعظم الأشجار نفعا، وله فوائد كثيرة، وكذلك أنبتنا البرسيم للبهائم غذاء لها وقوتا.

((وَزَيْتُونًا وَنَخْلا)) [عبس:29].

وأخرجنا شجر الزيتون صاحب الزيت والثمر؛ زينة وأكلا ودواءً، وكذلك النخل الباسق، أجل الشجر وأعظمها نفعا.

((وَحَدَائِقَ غُلْبًا)) [عبس:30].

وأنبتنا بساتين كثيرة الأشجار، لذيذة الثمار، ملتفة الأغصان، كثيفة الأفنان في جمال وبهاء، رياض خضر، وخمائل غناء، وبساتين فيحاء.

((وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)) [عبس:31].

وخلقنا فاكهة لذيذة الطعم، مختلفة الحجم، بمذاقات شتى وطعوم مختلفة، وألوان بهية تبهج الناظر، وتسر الخاطر، وأوجدنا عشبا للبهائم ومرعى للدواب.

((مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)) [عبس:32].

متعناكم بذلك منفعةً لكم وغذاءً ومرعى للحيوان، ومصلحة ذلك لكم حتى متاع الدواب؛ لأن فائدتها عائدة إلى الإنسان.

((فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ)) [عبس:33].

فإذا قامت القيامة بصيحتها المفزعة المذهلة التي تصخ الآذان، ويرجف لها الجنان، وينخلع من هولها قلب الإنسان.

((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ)) [عبس:34].

يوم يهرب الإنسان من أخيه على رغم القربى وصلة الرحم والنسب، فلا إخاء ولا معرفة ولا منفعة؛ لأن الأمر أعظم من كل شيء.

((وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ)) [عبس:35].

ويهرب من أمه وأبيه؛ لهول الموقف، فلا يعطيهم حسنة من حسناته، قد شغل عنهم بما أذهل العقول، وأدهش الأفكار، وغشي الأبصار.

((وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)) [عبس:36].

وهرب من زوجته بعد المودة والرحمة وطول العشرة؛ لما اعتراه من خوف مفرط، وفزع هائل، وكذلك هرب من أولاده بعد اللطف والرحمة والحنان، انتهت العلاقة، وتفصمت العرى، وتقطعت الأنساب.

((لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)) [عبس:37].

لكل إنسان موقف صعب شغل قلبه، وأذهب لبه، فنسي الأحباب وغفل عن الأصحاب، وتشاغل بنفسه عن الأنساب والأحساب.

((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ)) [عبس:38].

وجوه المؤمنين مشرقة متلألئة زاهية بالبشرى، مضيئة بالسرور، باهية بالفرحة، غمرها الإشراق والنور.

((ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ)) [عبس:39].

ضاحكة لحسن المصير، وطيب المنقلب، ولذة الفوز، مستبشرة بالنجاة وحصول الفلاح، ووقوع الظفر، واكتمال السرور، وتمام الحبور.