«درس رمضاني» بحضور ملك المغرب يحلل شواهد التغيير ومشاهده في القرآن الكريم

في ارتباط مباشر مع «الحراك السياسي» في العالم العربي

الملك محمد السادس وعلماء ومفكرون ومسؤولون مغاربة وسفراء دول إسلامية يستمعون إلى د.رضوان السيد في أحد الدروس الحسنية التي تنظم خلال شهر رمضان المبارك سنويا (ماب)
TT

في ارتباط مباشر مع «الحراك السياسي» الذي تعرفه معظم الدول العربية في سياق «الربيع العربي»، اعتبر رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية، أن الزمن الجديد يتسم بكونه «زمن حركات التغيير العربي التي تكمن أهدافها في الكرامة والحرية والعدالة، وهي قيم عريقة تشكل عنوانا بارزا لاستعادتها وإعطائها الأولوية».

واختار رضوان السيد «شواهد التغيير ومشاهده في القرآن الكريم» عنوانا لدرسه الذي ألقاه في القصر الملكي في الرباط، ضمن سلسلة «الدروس الرمضانية» التي يحضرها العاهل المغربي الملك محمد السادس، وعلماء ومفكرون من جميع أنحاء العالم الإسلامي. وأبرز رضوان السيد أن القرآن الكريم يتحدث عن أربعة أنواع من التغيير، النوع الأول هو التغيير الكوني، والنوع الثاني تغيير أمة فاسدة بأخرى صالحة، فيما يتصل النوع الثالث بقرى وأمم بعينها.. ويقول السيد موضحا «أرسل إليها الأنبياء والمرسلون فأبت عن الإيمان والإصلاح أو كانت في حال رفاه ورفاهية فغيرت توجهها إلى الفساد والإفساد». أما النوع الرابع فيتعلق بعملية تغيير داخلية تؤثر في تصرفات الأفراد ثم تتحول لتصبح دافعا للتغيير الاجتماعي الشامل، فهذا التغيير يحدث على مستوى النفس، أي من داخل الفرد أو الأفراد، وقد يكون من الأفضل إلى الأحسن أو من السيئ إلى الأسوأ. وذكر رضوان السيد أن هذا النوع من التغيير «يظهر لنا الأفراد والجماعات على أساس التمثل القيمي الداخلي انطلاقا من قول الله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، مما يتيح للتغيير لدى الجماعة فكرة أو قيمة بالغة التأثير. ويذكر أن الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية الرمضانية الذي ألقاه أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أشار فيه إلى أن فصول الدستور الجديد تلتقي في الغايات مع المبادئ التي نصت عليها البيعات، وأنها تكاد تكون متطابقة، وأن أهم ما يجمع بين البيعة والدستور هو المضمون المتمثل في تنصيص البيعة على الكليات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ العرض.

وفي ظل هذه الإصلاحات، أكد رضوان السيد أن المغرب اليوم وغدا رائد في تلاقي القيادة والجمهور على تحقيق التغيير في ظل قيم الحرية والكرامة والعدالة، وأنه كان رائدا في مرحلة الكفاح ضد الاستعمار بالتوحد الذي انطلق وانتصر بين الإمامة والجماعة. وأبرز رضوان السيد أن الإيمان هو الذي يؤسس للتغيير مما يستدعي ترابطا بين الاعتقاد والعمل الصالح، موضحا أنه تبين لمفكري الإسلام في العصور الوسطى المبكرة وبقراءة أخرى للقرآن أن التغيير الفردي والجماعي والإنساني إنما تحكمه منظومة قيمية تشكل الدافع والمظلة والضابط.

وعزا سقوط المنظومة التقليدية الكلاسيكية في الأزمنة الحديثة إلى تغير العالم وتغير رؤيته لدى النخب العالمة، التي ترى طلائعها أن الإشكالية تكمن في التقدم وأن التغيير باتجاه تحقيقه بالمعنى الأوروبي إنما يحصل بتجديد الوعي بالمنافع العمومية وإقامة دولة المؤسسات.

ويشار إلى أن الدروس الرمضانية التي يحييها العاهل المغربي في شهر رمضان هي امتداد للمجالس العلمية، التي دأب عليها الملوك المغاربة للتدارس في القرآن والحديث، وفي عهد الملك المغربي الراحل الحسن الثاني تطورت هذه المجالس واتسع دورها، وأصبحت دروسا يومية يشارك ويحضر لها علماء من المغرب والعالم الإسلامي، وتذاع في وسائل الإعلام.

ويتوقع أن تتوزع الدروس هذه السنة على أربع مدن، إذ من المنتظر أن تنتقل بعد الرباط إلى مراكش، وبعدها إلى مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، ثم بعد ذلك مدينة الحسيمة في شمال المغرب.