مصر: التراويح بعد «25 يناير».. دعاء بالأمن والاستقرار.. والرحمة لأرواح الشهداء

المصريون يتغلبون على حرارة الجو بالصلاة في الخلاء.. والنساء يزاحمن الرجال

صلاة التراويح من الصلوات التي يحرص على أدائها الصائمون والصائمات في المساجد طوال شهر رمضان المبارك («الشرق الأوسط»)
TT

روح رمضانية جديدة اكتست بها هذا العام صلاة التراويح في مصر، التي تستعد لها المساجد مع قدوم الشهر الفضيل، حيث لوحظ حرص أعداد كبيرة من الفتيات والنساء على أداء صلاة التراويح في أماكن مخصصة لهن بجوار الرجال، سواء في مساجد آل البيت في مصر التي يتبرك بها الكثيرون مثل مسجدي الحسين والسيدة زينب، أو في المساجد الأخرى والزوايا الصغيرة المجاورة لمنازلهم. كما امتدت صلاة التراويح إلى الشوارع المتاخمة للكثير من الجوامع ولم تعد مقصورة على محيط المسجد من الداخل، وأصبحت تذاع في مكبرات صوت لتصل شعائرها إلى البيوت.

القاهرة التي عرفت قديما باسم مدينة الألف مئذنة تضاعف عدد مساجدها، فطبقا لآخر إحصائية لمركز التعبئة والإحصاء فإن عدد مساجد القاهرة يبلغ 5351 مسجدا وزاوية بنسبة 6.4% من عدد المساجد الإجمالي في جميع أنحاء مصر، والذي يبلغ 107265 مسجدا مسجلا في وزارة الأوقاف.

المشهد في صلاة التراويح بعد ثورة 25 يناير لم يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة من حيث توافد المصلين بأعداد كبيرة، إلا أن الأجواء السياسية في البلاد تحتل نسبة من دعاء الأئمة والمصلين على السواء، فغالبية المساجد حرصت على الدعاء لمصر بالأمن والأمان وبعودة الهدوء والاستقرار للبلاد، كما اشتمل الدعاء على نبذ الفرقة وتوحيد الصف، والدعوات بالرحمة لأرواح الشهداء، وشفاء المصابين، مع الدعوة بالقصاص والعدل، وأن يولي الله علينا خيارنا وينصرنا على الظالمين. ولم تخلُ دروس المساجد في صلاة التراويح من التركيز على المعاني نفسها، والتأكيد على عاقبة الظلم وأهمية تطبيق الحق والعدل وأهمية القصاص.

المشهد الثاني الأكثر حضورا في الصلاة هذا العام هو الحرارة الشديدة للجو التي دفعت كثيرا من المساجد إلى الاستعداد مبكرا بتركيب أجهزة التكييف في قاعاتها وتوفير مبردات المياه لخدمة المصلين، التي تأتي غالبا بتبرعات من أهل المنطقة التي يقع فيها المسجد، وكذلك إصلاح ما قد فسد من مراوح أو وسائل للتهوية، بينما أقامت بعض المساجد الصلاة في الخلاء في ساحات مجاورة لها للتغلب على ضيق المكان والحرارة التي تنتج عن التكدس الشديد.

«الشرق الأوسط» قامت بجولة بين المصلين في مساجد القاهرة للتعرف على طبيعة وأجواء صلاة التراويح لهذا العام.

حنان محمد (موظفة) تقول إنها تحرص على أداء صلاة التراويح كل عام، وهي من أهم الأشياء لديها في رمضان، إلا أن الحرارة الشديدة للجو هذا العام وقدوم رمضان في شهر أغسطس (آب) دفعها إلى تغيير المسجد الذي اعتادت الصلاة فيه إلى مسجد آخر مكيف الهواء للتغلب على الحرارة الشديدة للمكان التي تعيقها أحيانا عن التركيز في الصلاة. وعن دعائها في أثناء الصلاة تقول: «بالطبع مصر، هذا العام أدعو لمصر بشدة أن يسود الأمن وأن يتحقق القصاص العادل لأرواح الشهداء».

أما سارة أحمد (طالبة جامعية) فتقول إن قدوم شهر رمضان في الصيف يسعدها كثيرا على عكس الكثيرين لأنه يكون مصاحبا لفترة الإجازة الصيفية، ما يمكنني من أداء الصلاة في المسجد وقراءة القرآن والتفرغ للعبادة، لأنه عندما يكون مصاحبا للدراسة كثيرا لا أتمكن من أداء هذه الأشياء بسبب ارتباطي بالدراسة ومواعيد المحاضرات وإعداد الأبحاث والاستذكار، مؤكدة على أن حرارة الجو يمكن التغلب عليها بالصلاة في المساجد المكيفة واصطحاب زجاجات المياه المثلجة.

ويرى أحمد حسن (مهندس) أن «الأوضاع السياسية انعكست بصورة كبيرة على الصلاة هذا العام وعلى حوارات الناس بعد انتهاء الصلاة، فالجميع يتحدث عن الوضع السياسي وعن المحاكمات لرؤؤس النظام السابق، ومن سيكون الرئيس القادم في حوارات يومية لا تنتهي ولا تنحصر في الوضع المصري فقط، وإنما تحيد إلى الشأن السوري والوضع في ليبيا، وما لاحظته هذا العام هو نية بعض من المصلين في المسجد الاعتكاف في العشر الأواخر، حيث إن هذا الأمر كان محدودا جدا في السنوات السابقة بسبب التضييق الأمني على المعتكفين، وعدم السماح بالاعتكاف من الأصل في معظم المساجد».

ويقول عم أحمد (صاحب محل تجاري مجاور لأحد المساجد): «هذا العام ومع حرارة الجو أضفت ثلاجة إلى نشاطي التجاري الذي لا علاقة له ببيع الأغذية والمشروبات، فهي باب رزق جيد، وهناك إقبال كبير جدا من المصلين على شراء زجاجات المياه والعصائر والمياه الغازية سواء قبل ذهابهم إلى المسجد أو بعد انتهاء الصلاة، وهذه الفكرة تساعد على زيادة الرزق في ظل حالة الركود الشديد في المبيعات التي تشهدها كل الأنشطة التجارية، فرمضان دائما شهر للخير».