دراسة أميركية حديثة: الصوم يحد من عوامل الخطورة على القلب.. ويزيد من مستويات هرمون النمو البشري

من جوانب الإعجاز العلمي في الصيام

TT

من يتتبع آيات القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، في فريضة الصيام، يجد الكثير من المقاصد والغايات والحكم البالغة، فقد فرض الله تعالى علينا الصيام لتحقيق غاية كبرى، وهي التقوى، ولتجنب الكثير من الأمراض الجسمية والنفسية، التي أثبت العلم بالدراسات العلمية الحديثة، وحتى يومنا هذا، أهمية الصيام في الوقاية والشفاء منها، ولتؤكد هذه الدراسات الإعجاز العلمي في قول الله تعالى: «وأن تصوموا خير لكم» (البقرة: 184)، وفي معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «صوموا تصحوا».

ففي دراسة علمية أميركية حديثة أجراها فريق بحثي من معهد القلب بمركز «إنترماونتين» الطبي في ولاية يوتاه الأميركية، وأعلنت نتائجها خلال اللقاءات العلمية السنوية للكلية الأميركية لأمراض القلب، التي عقدت في مدينة نيو أورليانز الأميركية، خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، توصل الباحثون إلى أن الصوم، لا يقلل فقط من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية والسكري، بل أيضا يسبب تغييرات ذات دلالة وأهمية في مستويات الكولسترول في الدم، فقد أظهرت الدراسة أن الصوم يحد من عوامل الخطورة على القلب والشرايين، مثل الدهون الثلاثية (ترايغليسرايد) (Triglycerides)، والوزن، ومستويات السكر في الدم. والدهون الثلاثية هي مركبات دهنية موجودة في الدم أو أنسجة الجسم، ومصدرها، ليس فقط مما نتناوله من الشحوم أو الزيوت بل أيضا من المواد الكربوهيدراتية، ويتسبب ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم في احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب وغيرها.

كما وجد الباحثون أنه بعد الصيام، كان هناك ارتفاع في مستويات نشاط هرمون النمو البشري، (إتش جي إتشHGH)(Human Growth Hormone)، فقد زاد هرمون النمو بمعدل 2000 في المائة لدى الرجال، وبمعدل 1300 في المائة لدى النساء، وهرمون النمو البشري، هو بروتين الأيض، ويعمل على حماية العضلات الضعيفة وتحقيق التوازن في التمثيل الغذائي.

وأوضح الدكتور بنيامين هورن، مدير طب القلب والأوعية الدموية وعلم الأوبئة الوراثية في معهد القلب بمركز «إنترماونتين» الطبي، بأن الصوم يسبب الجوع، الذي يحفز إفراز المزيد من الكولسترول، ليتيح ذلك استهلاك الدهون كمصدر للطاقة، بدلا من سكر الغلوكوز، الأمر الذي يساعد على تقليل عدد خلايا الدهون في الجسم. ويعتقد هورن، أن الصيام، يمكن، يوما ما، أن يوصف كعلاج للوقاية من السكري وشرايين القلب التاجية.

ومن بين فوائد الصوم، التي كشفت عنها الدراسات والبحوث العلمية السابقة، أن الصوم يفيد في تخلص الجسم البشري من السموم المتراكمة في أنسجته وخلاياه، وكذلك في الوقاية من البدانة وزيادة الوزن، وارتباطهما بالكثير من الأمراض، فالصيام الشرعي الإسلامي بصورته المثالية خلال شهر رمضان المبارك، المتمثل في تعجيل الفطر وتأخير السحور، والاعتدال في تناول الطعام والشراب، وتجنب الكسل وكثرة النوم، ومزاولة الحركة والنشاط، يمثل نظاما غذائيا ناجحا في العلاج من البدانة وزيادة الوزن، كما أن الصيام يساعد في التغلب على الغرائز الجنسية، وخصوصا لدى الشباب، وما يصاحبها من اضطرابات جسمية ونفسية وانحرافات سلوكية، وذلك مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».

كما أن الصوم يقوي جهاز المناعة، فقد أجرى الدكتور أحمد القاضي والدكتور رياض البيبي في الولايات المتحدة الأميركية، تحليلات وفحوص لتقويم كفاءة جهاز المناعة في الجسم، لدى متطوعين قبل بداية شهر الصيام وأثنائه وبعد انتهائه، شملت تحليلات كيميائية للدم، وتحديد لنسبة البروتينات الدهنية(الشحمية) (الليبوبروتين)، ونسبة الأجسام المضادة في الدم، وعدد الخلايا الليمفاوية في الدم، ونسبة أنواعها المختلفة وأداء كل منها، والخلايا الليمفاوية هي أحد أنواع خلايا الدم البيضاء وتنقسم إلى ليمفاويات كبيرة تعرف بالقاتلة الطبيعية ووظيفتها القضاء على الفيروسات والخلايا السرطانية، وليمفاويات صغيرة، ومن وظائفها إنتاج الأجسام المضادة وتنظيم نمو الخلايا المناعية، وتنقسم إلى لمفاويات تائية (T cell) ولمفاويات بائية (B cell)، وكان من بين نتائج هذه التجارب، تأثير إيجابي واضح للصوم في تقوية جهاز المناعة في الجسم، فقد تحسن المؤشر الوظيفي للخلايا اللمفاوية عشرة أضعاف، وازدادت كثيرا نسبة نوع الخلايا الليمفاوية التائية بالنسبة للأنواع الأخرى، ونشاط المقاومة المناعية نتيجة لزيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة (الضار)، الذي يزيد من نسبة الدهون في الشرايين، حيث يخزن الكولسترول على الجدران الداخلية للشرايين، ويمكن أن يسبب انسدادها من خلال تراكمه فيها، وقد نشرت هذه النتائج عام 1985، في دورية الجمعية الطبية الإسلامية في شمال أميركا.

كما أن في الإفطار على بعض تمرات، كما بينت السنة النبوية، جوانب علمية معجزة، فالتمر غني بسكري الغلوكوز والفركتوز، اللذين لهما فوائد كثيرة وبخاصة للدماغ، حيث يؤديان إلى رفع مستوى السكر في الدم تدريجيا، مما يخفف الإحساس والشعور بالجوع، ويقلل الحاجة إلى كمية أكبر من الطعام، كما أن التمر غني بالمعادن والأملاح والفيتامينات والألياف، لهذا فهو سريع الهضم والامتصاص والوصول إلى المخ والعضلات، فيزيل الخمول الذهني والعضلي وينشط الجسم سريعا. وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم: «وأن تصوموا خير لكم».