محمد أبو الهنود: المغاربة جزء من التنوع البشري والعمراني والثقافي في القدس

مستشار وزير الأوقاف الفلسطيني ألقى درسا رمضانيا حول «المغاربة وبيت المقدس»

TT

تناول محمد جمال حسن السيد أبو الهنود، مستشار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في السلطة الفلسطينية، في درسه الذي كان بعنوان «المغاربة وبيت المقدس» الذي ألقاه في القصر الملكي في الدار البيضاء، مكانة بيت المقدس في التاريخ عند المسلمين، مبرزا معالم قدسيته وموجبات احترامه ودواعي حرمته عبر أربع قمم، اعتبر القمة الأولى من تاريخ القدس بدأت مع نبي الله إبراهيم عليه السلام وهي قمة اتصالها بالسماء، وكانت القمة الثانية في عهد داود وابنه سليمان عليهما السلام، أما القمة الثالثة فهي ميلاد المسيح عيسى عليه السلام في أرجائها، في حين تجلت القمة الرابعة في بعثة رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث كان بيت المقدس أولى القبلتين، إذ كان إليها الإسراء ومنها المعراج، إلى حين أن وقع تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى الحرم المكي في الثاني من الهجرة. وقد انطلق أبو الهنود في ذلك من قول الله تعالى «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير».

ونفى أبو الهنود ما جاء في تعليق المؤرخ عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف باسم «أبو شامة»، على أن يكون السبب في عدم استجابة ملك المغرب يعقوب المنصور الموحدي لاستنجاد صلاح الدين الأيوبي، الذي طلب إعانة أسطول الموحدين في حوض البحر المتوسط، لقطع الإمداد الذي يصل من أوروبا إلى جيوش الصليبيين، هو عدم مخاطبة الملك بأمير المؤمنين، وقال «إنه لا يتصور أن يكون الذي حال دونه وبين الإجابة في موضوع خطير يتعلق بمصير حرب المسلمين مع عدوهم الصليبي هو مسألة شكلية تتعلق بالمراسم»، موضحا على خلاف ذلك، أن الدولة الإسلامية في طرفها الغربي كانت تتحمل في مواجهة المد النصراني، سواء في الأندلس أو في البحر الأبيض المتوسط، أضعاف الأعباء والمخاطر التي تعرضت لها الدولة الأيوبية لمواجهة الصليبيين في المشرق.

وأبرز أبو الهنود في درسه الذي كان بعنوان «المغاربة وبيت المقدس» الذي ألقاه في القصر الملكي في الدار البيضاء، ضمن سلسلة «الدروس الرمضانية» التي يحضرها العاهل المغربي الملك محمد السادس رفقة علماء ومفكرين من مختلف دول العالم الإسلامي، أن المعارك التي خاضها الموحدون ومن قبلهم المرابطون وبعدهم المرينيون، تعد بمئات المواجهات التي امتدت ستة قرون، فالحروب الصليبية على المغرب كانت أشد وأكثر قساوة من الحروب الصليبية على المشرق، على الرغم من أن مواجهات المغرب ومعاركه لم تكن تحمل اسم الحروب الصليبية مع أنها كانت كذلك.

كما ذكر أن عددا من المغاربة سمعوا بانتصارات صلاح الدين ووقع ما أحدثه تحريره للقدس، فهبوا للمشاركة كبحارة محاربين في أسطوله، مبرزا أنه من قبيل العرفان بهذه المشاركة ما يذكره المؤرخون من أن صلاح الدين وخلفاءه كانوا يعتنون بالمغاربة أشد الاعتناء احتسابا لجهادهم لتحرير القدس.

وحول العلاقة التاريخية للمغاربة ببيت المقدس، حرص أبو الهنود على إبلاغ ملك المغرب محمد السادس صدى ما يسمعه من أهل مدينة السلام، من عظيم الحمد والامتنان لما يوليه لأهل القدس وقضيتها من عناية واهتمام، بيد أنه رئيس لجنة القدس وقائد الشعب المغربي، الذي يحمل أهله لبيت القدس وفلسطين والمسجد الأقصى محبة خالصة.

يذكر أن لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي محمد السادس، يعمل من خلالها على الدفاع عن هوية هذه المدينة، وعلى الإسهام في تخفيف الضائقة على أهلها نيابة عن المسلمين وعن المغاربة.

وبخصوص أوقاف المغاربة وأملاكهم الخاصة بالقدس، أشار إلى أن المغاربة امتلكوا بالشراء عددا من العقارات الخاصة داخل القدس وخارجها، ومن أشهرها وقفين لأبي مدين الذي عاش في الدولة المرينية، مرجحا أن يكونا جزءا من مكونات «حارة المغاربة» التي أضاف إليها المغاربة أحباسا على مر العصور.

وأوضح أبو الهنود أن عددا من المعالم تشير إلى أن المغاربة جزء من التنوع البشري والعمراني والثقافي لمدينة القدس، بالنظر لما ينسب إليهم من المساجد والزوايا والمدارس ومن انتشار التصوف الذي أصله من المغرب، وفيها كذلك حضور واضح للمذهب المالكي في رحابها، مضيفا أن رعاية الأوقاف المغربية في القدس توالت في عهد الدولة العلوية إلى أن صادرتها إسرائيل في 1967.

يذكر أن لجنة القدس أسست بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة عام 1975، وكان المؤتمر العاشر المنعقد بفاس قرر إسناد رئاستها إلى الملك الراحل الحسن الثاني، ويتولى العاهل المغربي الملك محمد السادس رئاستها.