علماء الدين الإسلامي الهنود يجوبون العالم لإلقاء الدروس الدينية في شهر رمضان المبارك

تلبية لدعوات من الجاليات الهندية المسلمة في تلك الدول

TT

مع أواخر شهر رمضان المبارك يجوب الكثير من علماء الدين الإسلامي الهنود دولا مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة والسعودية وماليزيا وإندونيسيا والإمارات والكويت وعددا كبيرا آخر من الدول في السفر إلى الخارج، لا على سبيل الراحة أو المتعة، بل لإلقاء عدد من المحاضرات الدينية وإمامة صلاة التراويح بناء على دعوات خاصة توجه إليهم من الجاليات الهندية الموجودة في تلك الدول.

وتسهم هذه الزيارات في جمع التبرعات وأموال الزكاة من الأثرياء الهنود في هذه الدول، حيث تحفل الهند بالكثير من المؤسسات مثل المدارس الدينية وملاجئ الأيتام التي تعيش على أموال الزكاة التي يتم جمعها في رمضان من كل عام فقط.

وخلال شهر رمضان يسعى الصائمون في دول العالم المختلفة للجوء إلى العلماء الهنود للاسترشاد بفتاواهم إلى العبادة الصحيحة وإمامة صلاة التراويح، إضافة إلى دروس القرآن الكريم التي تشمل تلاوة وتفسير القرآن والبرامج الدينية المختلفة التي تمارس خلال الشهر الكريم.

ويقول الإمام البارز مولانا ياسوب عباس، الذي زار الكثير من الدول حول العالم لكنه لم يسافر هذا العام نظرا لاعتلال صحته: «خلال هذا الشهر يجد الأفراد السلوى في محاضرات العلماء ويقتطعون وقتا من جداول أعمالهم المكتظة. ومن ثم يقوم العلماء بناء على طلب من مريديهم بالقيام بزيارات خاصة إلى هذه الدول خلال شهر الصوم».

على سبيل المثال يقوم مولانا الشيخ الجليل سيد زياد الدين النقشبندي، الأستاذ في الجامعة النظامية في حيدر آباد، بقضاء 10 أيام في جدة و10 في المدينة يؤم صلاة التراويح إضافة إلى إلقاء محاضرات يعقبها تلقي الأسئلة كل يوم. وبالمثل، يقوم مولانا محمد خاجا شريف الأستاذ بالجامعة النظامية بزيارة الكويت لإلقاء محاضرات حول الأخلاق في الإسلام إضافة إلى دروس لتفسير القرآن الكريم لمريديه المقيمين هناك. وهو يسافر إلى الكويت منذ أكثر من عشر سنوات ويلقي 8 إلى 9 محاضرات خلال إقامته هناك.

وقال أحد العلماء البارزين: «غالبية الهنود العاملين في الخارج يفضلون استدعاء العلماء البارزين من مسقط رأسهم في الهند حيث يعتبرونهم أكثر موثوقية وعلما فيما يتعلق بأداء الصلوات أو إلقاء الخطب خلال الشهر الكريم».

ونظرا لأن الهند تضم عددا كبيرا من العلماء، تقوم الروابط الإسلامية في الدول الغربية بإرسال دعوات خاصة إلى هؤلاء العلماء وتحمل نفقات سفرهم وإقامتهم في هذه الدول.

وأشار بعض العلماء ممن سافروا إلى هذه الدول إلى أن هذه المبادرات تساعد المسلمين في هذه الدول على الالتزام بمزيد من الانضباط والتمسك بالقيم الأخلاقية والدين أيضا، لأن الأفراد قد ينفصلون عن الجانب الروحي في ظل انشغالهم بحياتهم اليومية المزدحمة. ومن خلال الأحاديث والصلاة هذا الشهر ينال المسلمون قسطا وافرا من السلوى عن ذلك.

وتقول مصادر إن الكثير من المنظمات التي تستضيف العلماء المسلمين تقدم أيضا تبرعات سخية للمدارس الدينية في الهند. بيد أن هذا التقليد بدأ في التراجع في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، لكنه لم يتوقف بصورة كلية. ويتوقع أن يعود غالبية هؤلاء العلماء إلى الهند بعيد عيد الفطر، فيما يصل بعضهم قبل العيد بأيام قلائل.

القائمة لا تنتهي عند هؤلاء فحسب فالشيخ قابلي صادق الذي زار كينيا العام الماضي يلقي محاضرات حول القرآن الكريم في ماليزيا، ويتوقع بحسب مصادر مقربة منه العودة إلى الهند بعد العيد.

في الوقت ذاته يتوقع عودة الشيخ عبد العليم فاروقي من إنجلترا بعد تقديم برنامج ديني هنا، وإلقاء محاضرة في الأكاديمية الإسلامية في مانشستر، أما مولانا ظهير أحمد افتخاري فيوجد في الولايات المتحدة هذه الأيام ليلقي عدة محاضرات دينية حول القرآن الكريم.

وبالمثل تشهد الهند وفرة في علماء الدين الذين يتلون القرآن الكريم. فيؤم عشرات من الحفاظ من شمال الهند صلاة التراويح في مساجد مومباي وكولكتا وتشيناي وكيرالا، وهو ما يحقق لهم دخلا جيدا بنهاية الشهر. حيث يقدم لهم السكان المحليون الهبات النقدية.

لا يسافر العلماء الهنود فقط إلى الخارج خلال الشهر الكريم، فهناك الكثير من العالمات الإسلاميات اللاتي وجدن في دلهي من جميع أنحاء العالم لإلقاء دروس إسلامية.

وتسافر عدد من العالمات المسلمات من أفريقيا وإندونيسيا وسريلانكا عبر الهند يجبن فيها القرى ويقمن في المنازل التابعة لجماعة التبليغ ويعظن النساء في المناطق الريفية حول الدين الصحيح. وتقيم هؤلاء الداعيات دروسا للتلاوة، وإذا ما أصبحت هذه اللغة عائقا يستعن بمترجمة للسفر معهن.

جماعة التبليغ جماعة إسلامية إحيائية أنشئت في عام 1926، اقتصرت في البداية على الرجال لكنها أصبحت تضم النساء - لا يسمح سوى للمتزوجات فقط بالانضمام للجماعة - اللاتي يسافرن مع أزواجهن أو إخوانهن أو أبنائهن أو آبائهن، والإقامة في منازل مريديهن لمساعدتهن في فهم الدين الصحيح.