نحو تفسير أسهل (28)

د. عائض القرني

TT

فأكثروا في البلاد الفساد، من التكذيب والعناد، والظلم والاستبداد، والقهر والاستعباد، والإضرار بالعباد.

((فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ)) [الفجر:13].

فأرسل الله عليهم نصيبا مؤلما، وعذابا شديدا، وبأسا قويا، وبطش بهم فأبادهم ودمر ديارهم.

((إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)) [الفجر:14].

إن ربك يرصد أعمال الفجار، ويرقب أفعال الكفار، ثم يعاقبهم في الدنيا بالدمار، وفى الآخرة بالنار.

((فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ)) [الفجر:15].

فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه بحالة الغنى فأكرمه بالمال وحسن الحال، فإنه يغتر وينخدع ويقول: هذا لمنزلتي عند ربي، ولما لي عنده من حظوة وقرب، وقد يكون هذا من الاستدراج.

((وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ)) [الفجر:16].

وإذا ما اختبره بالفقر والعسر فضيق عليه الرزق، وقتر عليه المعيشة، ظن أنه لسوء مكانته وبعده عن ربه وحسبها هوانا من الله له.

((كَلَّا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ)) [الفجر:17].

والصحيح أنه لا هذا ولا ذاك، فليس الإعطاء تكريما، وليس المنع إهانة على الإطلاق، ولكنكم في حال الغنى لا تحسنون إلى اليتيم، ولا ترحمون ضعفه، ولا تلطفون به؛ لطغيان المال وقسوة القلوب.

((وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)) [الفجر:18].

ولا يحث بعضكم بعضا على إطعام المسكين وحسن ضيافته، وجميل رعايته، فالغالب على الناس الجفاء مع الفقراء.

((وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا)) [الفجر:19].

وتأكلون الميراث بنهم وشره، لا تفرقون بين حلال أو حرام، وتضمون حق الأيتام والأرامل والنساء إلى حقوقكم بلا ورع.

((وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)) [الفجر:20].

وتحبون جمع المال حبا شديدا، تفنون من أجله الأعمار، وتركبون في سبيله الأخطار، وتكثرون لتحصيله الأسفار، وأكثر الناس عبيد للدرهم والدينار.

((كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)) [الفجر:21].

انتهوا عن هذا الفعل، وتذكروا إذا زلزلت الأرض زلزالا شديدا، حتى يزول ما عليها ويخرب بنيانها، وتهدم أركانها، وتميد بأهلها، وتضطرب بسكانها.

((وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)) [الفجر:22].

وجاء ربك لفصل القضاء مجيئا يليق بجلاله، ومعه ملائكة السماء في صفوف وهم متراصون خاشعون لربهم مطيعون له.