تجدد الجدل في مصر حول الخيم الرمضانية بعد فتوى تنصح المسلمين بالابتعاد عنها

دار الإفتاء: لو علم الساهرون ما في قيام شهر الصيام من ثواب ورحمات لرجعوا إلى الله تائبين

مصريون شباب يسهرون في الخيم الرمضانية («الشرق الأوسط»)
TT

جددت فتوى نصحت المسلمين الصائمين بالابتعاد عن الخيم الرمضانية في ليالي شهر رمضان بدعوة «التوبة والاستغفار بدلا من السهر»، جدلا دينيا في مصر، ورفض نواب إسلاميون في البرلمان المنحل إقامة الخيم الرمضانية في شهر الصيام لما تقدمه من رقص وغناء، مطالبين بإلغائها نهائيا أو استبدال أنشطتها بما لا يخالف تعاليم الدين الإسلامي. وقال علماء أزهريون إن «حكم الشرع في الخيم يتوقف على ما تقدمه من أنشطة سواء حلال أو حرام».

وذكرت دار الإفتاء المصرية في إجابتها عن سؤال حول سهر المسلمين فيما يسمى بـ«الخيم الرمضانية» وما فيها من غناء ورقص، أنه «لو علم الساهرون ما في قيام رمضان من ثواب ونزول رحمات لرجعوا إلى الله تائبين، ولو علم الإنسان ما في قيام رمضان من الثواب ونزول الرحمات لرجعوا لما فرطوا فيه نادمين، فالعاقل من خالف نفسه وهواه وتاب إلى مولاه وأقبل في رمضان على طاعة الله بكثرة العبادات والبعد عن الشبهات».

وقالت دار الإفتاء إنه «على المسلم أن يتحلى بالفضائل ويتخلى عن الرذائل عموما وفي رمضان خصوصا، فلا يرتكب فيه ما يغضب الله عز وجل، أما بالنسبة لقبول الصيام لمن يرتكب بعض اللهو، فالصيام لله وهو يجازي به».

وأكدت الفتوى أنه «وجب على الإنسان المسلم أن يحيي ليل رمضان بقراءة القرآن والذكر والاستغفار والقراءة النافعة وكل الأعمال التي تزيد من الحسنات في هذا الشهر الكريم المبارك».

والخيمة الرمضانية أصبحت من السمات المميزة لشهر رمضان الكريم في مصر والكثير من الدول العربية، وفكرتها بدأت منذ عدة سنوات ببعض رجال الأعمال الذين رغبوا في السهر والتسامر في مكان يغلب عليه الطابع غير الرسمي، ثم انتشرت الفكرة في الأندية التي طورتها وجعلتها ظاهرة اجتماعية ممتعة للزوار.

والخيمة أصبحت ملتقى الشباب والعائلات التي تسهر في الجو الرمضاني مع فاصل من الترفيه بدعوة بعض المطربين أو فقرات الرقص الشرقي، وأصبحت الخيم الرمضانية متنفسا في الليل.

ولاقت الفكرة النجاح، وأدخل القائمون على صناعة الخيمة الرمضانية وجبة السحور ضمن برنامج السهرة، حتى ترحل الأسر إلى منازلها قبل أذان الفجر بدقائق.

من جانبه، أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق في الأزهر، «أن حكم الشرع فيها على ما يقدم فيها إن كان خيرا مثل دروس العلم ومساعدة الفقراء، وقول المعروف فهي حلال؛ بل علينا الإكثار منها، أما إذا كانت تقدم فيها الأغاني والرقص وكل ما يؤدي إلى النظر المحرم والاستماع إلى الأغاني المحرمة لتكون صورة من صور الملاهي المحرمة، فإن من ينظمها آثم شرعا».

وتابع الشيخ الأطرش: «من يذهب إليها بل ومن قرر إنشاءها لأنه ومن استن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولا ينقص ذلك من ذنوبهم شيئا، هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نتسابق في الخيرات ونبتعد عن المعاصي».

وكان عدد من نواب البرلمان المصري المنحل، الذي سيطر عليه الإسلاميون بعد ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011، طالبوا بمنع التجاوزات التي تنتشر في الخيم الرمضانية وحفلات السحور، ومن ضمنها قيام مطربين ومطربات بالرقص والغناء بصورة مثيرة تتعارض مع تعاليم وأخلاق الشهر الفضيل.

وحدد نواب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب النور (السلفي) قائمة محظورات رئيسية يمنع ممارستها في هذه الأماكن خلال حفلات الإفطار والسحور.

وقال شعبان عبد العليم، عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب النور (السلفي)، «طالبنا بمنع الرقص الشرقي، والرقص بجميع أنواعه في الفنادق والمحال السياحية خلال حفلات السحور دون استثناء، وحظر غناء مطربات الفيديو كليب اللاتي يسئن إلى تقاليد الشهر الكريم»، مطالبا بأن تستبدل مثل هذه البرامج التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي بفرق الإنشاد الديني والمطربين والمطربات الملتزمين دون خروج عن النص.

وسبق أن أقام محام مصري دعوى قضائية في رمضان الماضي يطالب فيها بوقف إقامة الخيم الرمضانية، قائلا إنها تتنافى مع شعائر الشهر المعظم وتنشر فيه المخالفات الدينية. وأنذر صلاح الدين جلال، صاحب الدعوى ثلاث جهات حكومية، هي وزارتا الثقافة والسياحة ومحافظة القاهرة لوقف ومنع إقامة ما قال: إنه «المهزلة المسماة بالخيم الرمضانية بصفة عاجلة وفورية، لكونها تتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وقدسية الشهر المعظم».

وأكد المحامي صاحب الدعوى أن ما يحدث في الخيم يتنافى مع شعائر الشهر المعظم، الذي قال فيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «صوموا نهاره وقوموا ليله»، موضحا أن قيام الليل يكون بدروس العلم والتفقه والتعبد وقراءة القرآن، وليس بأنواع أخرى تخالف ذلك».