أسبوع فلسطيني طويل

TT

كان الأسبوع المنصرم أسبوع ياسر عرفات بلا منازع، فقد غطى على كثير من الأخبار الإقليمية والدولية مثل دخول القوات الأميركية للفلوجة، وبلا شك فإن الصحافي مهما بلغ من الحرفية والكفاءة سيكون أمام مهمة صعبة لتغطية الخبر. فعرفات نقل إلى باريس وكان هناك أكثر من مصدر لحالته الصحية، فإذا أخذ الصحافي ما يقوله المتحدث باسم مستشفى بيرسي العسكري في باريس كمصدر فلم يكن سهلاً أن يهمل تصريحات الوزراء الفلسطينيين التي تفاوتت بين أن القائد عرفات «بصحة جيدة» وبين أنه في حالة «حرجة»، ودخلت بعد ذلك السيدة سهى عرفات على الخط لتتهم القيادة الفلسطينية بأنها جاءت إلى باريس لدفن الرئيس حياً، وبعدها حديث عن غيبوبة، ثم غيبوبة «أعمق» ودخلنا بعد ذلك في قضية الدفن، إسرائيل ترفض دفنه في القدس، القيادة الفلسطينية تريد دفنه في رام الله، ثم دخل تطور جديد يتعلق بتشييعه في القاهرة ثم نقل جثمانه إلى رام الله حتى لحظة إعلان وفاته رسميا.

الملاحظة الإيجابية الجديرة بالاهتمام خلال الأسبوع الماضي هي أن عناوين «الشرق الأوسط» وتغطيتها لحدث عرفات وخاصة في الصفحة الأولى كانت ناجحة بكل المقاييس رغم أن الصحافي المحترف يمشي على حقل من الألغام عبر الأخبار المتسارعة والمتناقضة، ونعتقد أن تميز «الشرق الأوسط» كان واضحا في التغطية الأرشيفية للحدث، ويلاحظ أن عددا كبيرا من الصحف والفضائيات العربية نقلت هذه الصور الأرشيفية من «الشرق الأوسط».

الملاحظة السلبية الجديرة بالاهتمام إهمال بيان عدد من السعوديين بشأن الجهاد في العراق فتم الاكتفاء بنقل مقاطع مختصرة، رغم أن أربعة من كتاب «الشرق الأوسط» انتقدوا هذه الفتوى وفندوها.

هناك مشكلة العناوين فما زالت بشكل عام طويلة، فمن غير المنطقي أن تتجاوز كلمات عنوان الخبر أربعين كلمة وأحياناً أكثر، وهذا الموضوع يستحق أن يبحث بجدية وأن يتم الاتفاق على صيغ فنية للتعامل مع عناوين الأخبار، كما أن هناك عناوين غامضة وتترك القارئ في حيرة.

ونريد أن نعطي مثلاً على ذلك، فقد ورد عنوان يقول «وزير العدل المغربي: الحكومة عازمة على تحيين قانون الجنسية» ولقد قمنا بالاتصال بأربعة مثقفين مشارقة في أربع عواصم عربية فلم يستطع أحد منهم تفسير كلمة تحيين، وإذا كانت الكلمة واضحة عند القارئ المغربي فإنها ليست كذلك عند ملايين القراء الآخرين. والتحيين هي كما يبدو ترجمة للكلمة بالفرنسية actualiser وتعني جعله مواكباً للعصر أو مواكباً «للحين». وفي عدد أمس الخميس عنوان يقول «مصر هوى عرفات رغم كل الأزمات وكان يتحدث بلهجة مصرية أكثر من اللهجة الفلسطينية» وعندما نقرأ مضمون الخبر نكتشف أن المقصود هو أن عرفات كان يكرر أنه مصري الهوى وشتان بين هذا المعنى وبين ما ورد في العنوان. ولنتأمل العنوان التالي في عدد أمس «عرفات اشترط افتتاح مقر الرئاسة في غزة لإعلان الدولة فافتتح وهو يحتضر في اجتماع لبحث العهد الذي يليه».

في قراءة لصفحات الجريدة (باستثناء الاقتصاد والثقافة والفن) نشر خلال هذا الأسبوع 264 خبرا أخذ العراق 78 خبرا، تلته فلسطين 64 ثم لبنان 23 ومصر 15، ونشر خبر واحد عن ليبيا وجزر القمر.