تشيني مفتاح الوظائف في حكومة بوش الجديدة

الفترة الانتقالية للإدارة الأميركية

TT

تندر اميركيون بعد اعادة انتخاب الرئيس الاميركي جورج بوش لولاية ثانية في الرابع من الشهر الجاري بقولهم «هذه هي المرة الاولى التي ينتخب فيها بوش»، في اشارة الى المعركة التي دارت بينه وبين المرشح الديمقراطي آل غور حول احتساب اصوات ولاية فلوريدا والتي انتهت بقرار من المحكمة الاميركية العليا يعلن فوز بوش بالرئاسة في سابقة في التاريخ الاميركي. ولا يعد فوز بوش الواضح الاسبوع الماضي، نال اغلبية الاصوات الشعبية واغلبية اصوات المجمع الانتخابي، المصدر الوحيد للراحة بالنسبة للادارة الجمهورية. اذ ان مقارنة بسيطة بين ما كان ينبغى على بوش القيام به في الفترة الانتقالية التي فصلت اعلان نتائج الانتخابات عن حفل التنصيب الرسمي لدى فوزه في المرة الاولى، وما ينبغي عليه القيام به في هذه الفترة الانتقالية والتي تنتهي يوم التنصيب في 20 يناير (كانون الاول)، يوضح ان بوش امامه مهمة ايسر كثيرا. فقبل اربعة اعوام كان الرئيس الجمهوري لا يدري الكثير عن فريقه الحكومي وهو عمل خلال الفترة الانتقالية على تحديد الفريق وتحديد السياسات واخذ الملفات من الادارة السابقة وواجه صعوبات كبيرة لانجاز كل هذه المهام خلال تلك الفترة، اذ ان الادارة الديمقراطية رفضت الكشف عن كل الملفات التي بحوزتها، كما رفضت فتح المكاتب امام الجمهوريين لحين الاعلان رسميا عن النتائج. هذه الصورة مختلفة الان الى حد بعيد، اذ ان بوش لديه بالفعل طاقم حكومى شبه جاهز للعمل نظرا لان هذا الطاقم غير مضطر للاستقالة وفقا للقوانين الاميركية. وبامكان هذا الفريق الحكومي ان يعمل منذ الان على تعديل بعض خطوط السياسة الاميركية داخليا ودوليا خلال الفترة الانتقالية. غير ان حتى هذا لن يكون بالامر العسير نظرا للخبرة التي اكتسبها بوش خلال الاعوام الاربعة الماضية. وبحسب المؤشرات التي وضحت حتى الان، فإن بوش يلعب دورا اكبر في تحديد فريقه عما كان الامر عليه خلال الفترة الانتقالية الاولى التي لعب فيها ديك تشيني دورا مؤثرا جدا، كما يبدو ان بوش خلال هذه الفترة سيركز جل قدراته على سياسات ادارته لا على افرادها نظرا الى ان الافراد لن يتغيروا بشكل كبير. وقال كالفن ماكينزي، استاذ العلوم السياسية في كلية كولبي في ولاية مين إن بوش يواجه «خيارات اسهل من الخيارات التي واجهها قبل اربع سنوات». مشيرا الى ان الاستقالات التي تمت حتى الان في الادارة الاميركية لم تسبب اي مشاكل حقيقية الى بوش، بل انه سارع الى اعلان تعيينات جديدة بسرعة مما يشي بأن الفترة الانتقالية ستكون هادئة، وان بوش سيديرها بثقة.

كما اوضح بول لايت، استاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك، ان تاريخ الدورات الثانية للرؤساء، تشير الى انها ليست مثيرة مثل الدورات الاولى «لأن الرئيس يضع اسس سياسته في الدورة الاولى. ولأن الذين يدخلون الوزارة في الدورة الثانية يكملون على ما سبق بناؤه».

ويختلف اساتذة العلوم السياسية في تعريف «الفترة الانتقالية» رغم انهم يتفقون على انها الفترة بين اعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية في الاسبوع الاول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، واداء القسم في الاسبوع الثالث من يناير (كانون الثاني) التالي. وقال بعضهم انها «انتقالية» فقط عندما يخلف رئيس جديد رئيسا قديما، كحالة خلافة الرئيس الاميركي بيل كلينتون الرئيس جورج بوش الاب». فيما يقول اخرون انها «انتقالية» حتى عندما يعاد انتخاب رئيس مثل ما يحدث الآن.

غير ان هناك اختلافا واضحا بالنسبة لبوش بين ما يحدث الآن وما حدث قبل اربع سنوات، عندما تأجل اعلان النتائج النهائية للانتخابات بسبب النزاع حول اصوات فلوريدا، والذي وصل الى المحكمة العليا، واثر على الفترة الانتقالية من اكثر من ناحية. فهو اولا ادى الى انخفاض الفترة الانتقالية من عشرة الى خمسة اسابيع، وذلك لأن فوز بوش لم يعلن رسميا الا في منتصف ديسمبر (كانون الاول). ومما زاد من مصاعب بوش عرقلة كلينتون لاجراءات فتح مكتب حكومي للفريق الانتقالي التابع لبوش أملا في فوز نائبه آل غور.

ويلاحظ ان دور بوش كان محدودا في ادارة الفترة الانتقالية خلال ولايته الاولى. واشرف عليها نائبه ديك تشيني. ووصف بوش ساعتها بأنه «رئيس الفريق الانتقالي»، وان تشيني «المديرالتنفيذي». وكان ذلك علامة على ان تشيني سيلعب دورا اكبر في ادارة بوش، وسيصبح، كما يقول الآن مراقبون ومؤرخون «اهم نائب رئيس في تاريخ اميركا». وقبل اربع سنوات، وقبل اعلان فوز بوش رسميا بثلاثة اسابيع، عقد تشيني مؤتمرا صحافيا في واشنطن قال فيه «انا والجنرال كولن باول وزوجتانا سنسافر غدا الى كروفورد في ولاية تكساس (حيث مزرعة بوش) لقضاء يوم مع الحاكم بوش وزوجته، وستكون هذه مناسبة لنناقش، بوش وباول وانا، مواضيع الفترة الانتقالية». وكان تشيني يتحدث من على منصة كتب عليها «الفريق الانتقالي لبوش وتشيني»، في مبنى رئاسة الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري. وقال ان الحزب جمع تبرعات لتأجير مكاتب «الفريق الانتقالي» في ضاحية ماكلين بالقرب من منزله. وانتقد تشيني الرئيس كلينتون، وقال ان الرئيس الديمقراطي امر ادارة الخدمات العامة الفيدرالية، التي تدير المكاتب الحكومية، الا تسلم الحزب الجمهوري مكاتب الفترة الانتقالية.

واحتج تشيني ايضا لأن كلينتون رفض الموافقة على اعتماد خمسة ملايين دولار ميزانية للفريق الانتقالي، وقال ان الحزب الجمهوري سيجمع تبرعات اكثر منها. ايضا من الاختلافات بين هذه الفترة الانتقالية والفترة الانتقالية السابقة ان بوش ومساعديه المقربين كانوا مضطرين خلال الفترة الاولى الى نظر الآلاف من طلبات الوظائف التي وصلت الى حملته الانتخابية. ومع يوم التصويت وصل الى رئاسة حملة بوش اكثر من خمسة وثلاثين الف طلب، والى رئاسة حملة ال غور اكثر من عشرين الف طلب. غير ان هذا العدد من المرجح ان يقل لان عددا كبيرا من موظفي بوش يتوقعون استمرار عملهم في الادارة. وقد اشرف تشيني على ملء المناصب خلال الفترة الانتقالية الماضية، وكان اكثر الناس حظا هم الذين يعرفهم، او يعرف من يعرفهم، او من ولايته، ولاية وايومنغ، او من شركة هاليبرتون التي كان رئيسا لها. وفي هذه الفترة الانتقالية ما زال تشيني يلعب الدور ذاته في ملء المناصب الشاغرة، غير ان الجديد ان بوش يلعب ايضا دورا. وقال عضو في الفريق الانتقالي ان «كل من له صلة مع تشيني سيجد وظيفة». وقال آخر ان «رجال تشيني في كل مكان».