المراقب الصحافي

حل المعادلة الصعبة

TT

مقارنة بكل الصحف العربية التي تصدر خارج العواصم العربية، تظل «الشرق الأوسط» أكثر الصحف جاذبية للمعلن، وكمية الإعلان في الصحيفة هي أكبر بأضعاف مضاعفة من أية مطبوعة مشابهة.

هناك صراع مرير بين الإعلان والتحرير منذ أن بدأت الصحافة الحديثة، فالصحافي المحترف يشتكي من ضغط الإعلان، وضيق المساحات التي يتحرك بها، وأحيانا اضطراره لإلغاء صفحة كاملة بذل فيها المحررون جهدا كبيرا. والصحافي المحترف يخاف من تضخم الإعلان إلى درجة أن يكون له تأثير مباشر على التحرير وتحديدا في مساحة الحرية الصحافية، حيث كلما زادت إعلانات المؤسسات الكبرى قلت قدرة الصحافي على نقد هذه المؤسسات.

الإعلان في «الشرق الأوسط» في الفترة الماضية شهد زيادة ملحوظة، وبدأ يغزو صفحات كاملة ويحتلها ويتربع على عرشها دون منازع، وصحيح أن صفحة الرأي مثلا محمية بالكامل من غزو الإعلان، وهو أمر يجب المحافظة عليه، إلا أن هناك زيادة لمساحة الإعلان على حساب التحرير، وهناك مشكلة حقيقية، فإذا اشتكى المحرر من غزو الإعلان وكثرته أجابه المعلن بحق بأنني أدفع رواتبكم أيها المحررون وأنه دون الإعلان لا يمكن لصحيفة محترمة أن تستمر في الصدور. من متابعة إعلانات الأسبوع الماضي في «الشرق الأوسط» نعتقد أنه قد حان الوقت لمناقشة هذه القضية الحساسة والصعبة المتعلقة بكمية الإعلان وتوزيعه على الصفحات. صحيح أن الصحيفة طيلة الأسبوع الماضي حافظت على نفس نسبة الإعلان في الصفحة الأولى وهو ما أعطى الحرية للمحرر بالتحرك السهل وتقديم خدمة كافية للقارئ، إلا أن هناك مشكلة تستحق التوقف أمامها وهي كمية وتوزيع الإعلان.

يمكن الاستفادة من تجربة الصحافة العالمية، فصحيفة لوموند الفرنسية كانت ترفض أي إعلان على صفحتها الأولى لعشرات السنين حتى إذا دخلت في أزمتها المالية الشهيرة قبل سنوات تراجعت عن هذا «المبدأ». وهناك صحف عديدة تحدد نسبة 30% للإعلان ولا تتخطاها أو تمنع الإعلان في صفحات محددة، وفي دول الخليج يصل الإعلان في بعض الصحف إلى نسبة 80% وبدأ تقليد جديد هو تغليف الجريدة بأربع صفحات إعلانية ملونة ليس فيها من التحرير سوى اسم الجريدة.

في الأسبوع الماضي كان في «الشرق الأوسط» 34 صفحة إعلانية حجزت بالكامل بما فيها الصفحة الأخيرة مرتين، وقبل الأخيرة مرتين باستثناء عدد الجمعة 17/12 .

حتى الآن تبدو الصورة مقبولة، ولكن من الضروري مناقشة قضية الإعلان حجماً وكماً، فمن الواضح أن سوق الإعلان يسير نحو الازدهار وهذا يتطلب وقفة. اذ تطرح بدائل مثل زيادة صفحات الجريدة، أو تحديد صفحات محرمة على الإعلان أو تحديد نسبة الإعلان بالنسبة للتحرير.

حديث الإعلان احتل زاوية المراقب الصحافي هذا الأسبوع ولكن لا بأس من ملاحظات سريعة ربما يكون أهمها أن إخراج الصفحة الأخيرة أصبح مريحا، فالمادة الإخبارية لم تعد متداخلة، كما أن الزاوية الصفراء على يسار الصفحة الأولى أصبحت علماً نعتقد بضرورة المحافظة عليها.

هناك ملاحظة سلبية هي أن الجريدة خلت من أهم مادة تثقيفية للقارئ عن نظام الانتخابات العراقية بالقائمة، وهو نظام معقد يحتاج إلى توضيح للقارئ الذي سيدرك أن نتائج الانتخابات لن تكون طائفية بالضرورة لو استوعب نظام القائمة.

نشرت الصحيفة 269 خبرا خلال الأسبوع الماضي تصدر العراق بـ 72 خبرا، تلته فلسطين بـ 42 خبرا.