الأميركيون من الهستريا الجماعية.. إلى محاولة للفهم

TT

حينما يتذكر المحامي الشاب الاميركي البالغ من العمر 28 عاما روب رينولدز هجمات 11 سبتمبر (ايلول)، فانه يقول انه يتذكر فائدة واحدة: «لقد جعلتني الهجمات اهتم اكثر فاكثر بالعرب والشرق الأوسط واحيانا بالاسلام، وعلى الرغم من فاجعة 11 سبتمبر الا اني شاكر لهذا الاهتمام. فانا لم اعد غاضبا على المسلمين».

وربما يعتبر هذا التحول من الغضب الى الاعتدال شيئا نادرا من الاميركيين، الذين يتعرضون وحتى الان لتقارير سلبية عن العرب والمسلمين، الا ان روب رينولدز، الذي يعيش والداه في واشنطن ويعيش هو في نيويورك يقول، ان متابعته للشرق الاوسط وسعيه لمصادر معلومات بديلة فسر له ان الهجمات لم تكن بدون سبب، او لان العرب يكرهون الاميركيين، كما دأبت ادارة الرئيس جورج بوش على القول، ولكنه قال «لقد فعلنا بعض الاشياء السيئة في هذا الجزء من العالم (اي الشرق الاوسط)، واذا لم نصلح ما اقترفته يدانا فيبدو لي ان العواقب ستكون وخيمة على الجانبين».

ويقول رينولدز انه يجب عدم اعتبار قتل الابرياء على ايدي الجيوش افضل من قتلهم على ايدي ارهابيين فقال: «انا لا ارى فرقا، فالقتل هو القتل والالم هو الالم. ونحن نحتاج الى شجاعة لمواجهة هذا والاعتراف به». ويقول رينولدز الذي كان يأكل التبولة والحمص في مطعم لبناني بمنطقة «بنتاغون سيتي» القريبة من مقر وزارة الدفاع الاميركية خارج العاصمة واشنطن، ان الاحداث العالمية بعد الهجمات، مثل غزو العراق لفتت انتباهه الى ان «بلادنا ايضا تقوم باعمال غير مرضية. الاولى بنا تغيير ظروفنا في الولايات المتحدة قبل ان نسعى لتغييرها في الخارج». غير انه بعد اربع سنوات من احداث 11 سبتمبر، كان رد الفعل الغالب ما زال الغضب حيال العرب، حتى من قبل المتعاطفين اصلا مع العرب، الذين استثارهم مقتل الابرياء من الاميركيين. يقول تيري ولتس، الذي يعمل في «مجلس المصلحة القومي»، وهو جماعة تراقب الكونغرس وتتعاطف مع القضايا العربية ومع الفلسطينين «لقد شعرت ان العرب خانوني في احداث 11 سبتمبر. اعرف ان هناك الكثير مما يجب ان نفعله، لكن الاميركيين الابرياء لم يكونوا يستحقون هذا من العرب. كثير من الابرياء الذين قتلوا في نيويورك او واشنطن كانوا متعاطفين معكم والموت هو آخر هدية يمكن ان تقدموها لهم».

اما بيتي ويلسون وهي طالبة تمريض تبلغ من العمر 36 عاما، ولدت اصلا في ولاية تينيسي وتزور واشنطن العاصمة حاليا، فقالت انها تعتبر احداث 11 سبتمبر صيحة تحذير لاميركا، لان الكثير من الاعداء يريدون الهجوم عليها. وتابعت «نحن دولة غنية لدينا الكثير من المزايا والحريات لذلك يشعر البعض بالغيرة من انفرادنا بالحياة الجيدة، والكثير يرغبون في المجيء الى بلادنا. اعتقد ان مشاعر الكراهية والغيرة تلك لن تنتهي ابدا ويجب ان تستمر حكومتنا في معاقبة من يكرهوننا».

وقالت السيدة ويلسون انها ناصرت الحرب في العراق «وتحرير العراقيين»، نتيجة ايمانها بان الارهابيين في العراق فعلا. لكنها قالت عند سؤالها هل مناصرتها للحرب نتيجة 11 سبتمبر تعني ايضا موافقتها على مقتل المدنيين العراقيين فقالت، «هذا لا يعني انني اناصر قتل الابرياء او المدنيين. انني لا اظن ان جنودنا يقتلون العراقيين. هذا ليس من مبادئهم وانا اثق بهم».

وفي واشنطن العاصمة أيضا قال شاب اميركي اسمه اليكس نايت، يعمل مساعدا في احدى المحاكم الاميركية، عمره 37 عاما، ان 11 سبتمبر سيبقى لفترة طويلة حيا في أذهان الكثير من الاميركيين. وتابع: من الصعب ان تجد السياسيين او اعضاء الكونغرس او الادارة يتخذون قرارات بدون اخذ الارهاب بعين الاعتبار، في سفرياتنا ايضا ندرس هذا الموضوع ونخشى على امننا». وأضاف نايت انه غاضب على اسامة بن لادن وليس على العرب والمسلمين. غير ان بعضا من المراقبين قال، ان احداث 11 سبتمبر قد فقدت معناها الانساني وبقي معناها السياسي، اذ تحولت المأساة الى حدث يمكن استغلاله سياسيا من قبل جهات مختلفة. وقال نورمان سولمان، الكاتب الاميركي وصاحب مؤسسة «دي سي انستيتيون»، التي تتابع شؤون الاعلام الاميركي «ان السلاح الغوغائي المفضل الان سياسيا في اميركا، هو استغلال ذكرى 11 سبتمبر 2001. ان الذكرى سوف توفر لبوش فرصا اعلامية للف نفسه بوشاح احداث 11 سبتمبر، وتصوير الحرب في العراق على ان منتقديها ليسوا ملتزمين بالدفاع عن الولايات المتحدة». وهناك من المفكرين ممن يتبنون وجهة نظر الادارة، منهم روبرت جي. ليبر، أستاذ الحكم والشؤون الدبلوماسية، بجامعة جورجتاون بواشنطن العاصمة، الذى قال ان الهجمات فرضت «استراتيجية كبرى جديدة» على الولايات المتحدة. وتابع «سجل يوم 11 سبتمبر بداية عهد جديد من التفكير الاستراتيجي الأميركي. وكان للهجمات الإرهابية في ذلك الصباح تأثير يُقارن بتأثير هجوم بيرل هاربور في 7 ديسمبر 1941، الذي أقحم الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية». وفي تقرير جديد صدر في اميركا بمناسبة الذكرى الرابعة للهجمات، ورد أن المديرين التنفيذيين للشركات الاميركية يستفيدون اكثر من غيرهم من حرب العراق. وقال التقرير انه في الـ34 شركة التي تتداول اسهمها في الاسواق ضمن شركات الدفاع، فقد ارتفع متوسط أجور كبار التنفيذيين بنسبة 200 بالمائة من عام 2001 إلى عام 2004، في مقابل 7% لكل المديرين التنفيذيين، وهذه الشركات هي ضمن أكبر 100 شركة للمتعهدين في شؤون الدفاع في عام 2004، وهي الشركات التي وصل حجم عائداتها من عقود الدفاع إلى 10% أو أكثر من إجمالي عائداتها، مثل «يونيتد تكنولوجيز» و«تيكسترون» و«جنرال دينامكس».