اللبنانيون ضحكوا على أنفسهم وعلى «الثقلاء»

TT

لجأ اللبنانيون الى النكتة لقول ما لا يريدون قوله في كثير من الاحيان طبقاً للمبدأ القائل «اليد لا تستطيع كسرها، قبلها وادع عليها بالكسر». وهو ما يمكن ان يطبق على القوى التي مرت بلبنان, بالاضافة الى السخرية من الاوضاع الاقتصادية او السياسية الصعبة التي مرّ بها لبنان في اكثر من مفصل تاريخي.

واللبنانيون لا يختلفون في دعاباتهم عن زعمائهم الذين عرفت عن كثير منهم طرافتهم وخفة دمهم، حيث يقولون بالنكتة ما يريدون قوله حقاً، ففي الستينات مثلاً، كان الرئيس صبري حمادة، رئيساً لمجلس النواب، وذات مرة اشتد النقاش في جلسة عامة حول مشروع قانون يريد تمريره، فلجأ احد نواب المعارضة الى الاستشهاد بقول قانوني لمرجع ذي اسم غريب اختلقه النائب لتعزيز موقفه من بنات افكاره، فاستوعب الرئيس حمادي ما جرى وانبرى اليه قائلاً: «لكن المرجع الفلاني يقول عكس ذلك.. وانا معه»، فأقر القانون. واضطر النائب المعارض للاعتراف بهزيمته رغم ادراكه ان الاسم مختلق ايضاً، قائلاً له لاحقاً من اين اتيت بهذا المرجع، فرد حمادة: «انه استاذ صاحبك»، اي المرجع الذي اختلقه النائب.

ويبدو ان خفة الدم هي من سمات رؤساء المجالس النيابية، ومنهم رئيس مجلس النواب الحالي نبيه بري، الذي يواصل إلقاء القفشات والنكات داخل الجلسات العامة بلكنته الجنوبية، وكذلك النائب وليد جنبلاط، فيما لا يقل الرئيس الياس الهراوي طرافة عنهما. ورغم طرافتهم، فان هذا لم يشفع لهم لدى اللبنانيين الذين اطلقوا عليهم الكثير من النكات، وخصوصاً تلك المتعلقة بولائهم لسورية. فالرئيس الهراوي ـ تقول احدى النكات ـ فوجئ بابنه ذات يوم يأتيه وبيده شهادة مدرسية طالباً منه توقيعها، فرد عليه قائلاً بتأفف: «الا تستطيع والدتك توقيعها.. لست مضطراً لزيارة سورية من اجلك». في اشارة الى انه (الهراوي) لا يوقع من دون استشارة السوريين. وخلال فترة الوجود الفلسطيني في لبنان، القى اللبنانيون العديد من النكات على الفلسطينيين، سواء تلك المتعلقة بلهجتهم او حتى بقضيتهم.

كما نال «حزب الله» نصيبه ايضاً من النكات، فقيل انه حرّم اكل البيض «لان الديك لم يتزوج الدجاجة». وقد نال السوريون اكبر قدر من النكات اللبنانية، وذلك عائد ربما لطول فترة اقامتهم في لبنان، فالعرض العسكري السوري ـ وفقاً للنكات اللبنانية ـ يتم على الشكل الآتي: سلاح الجو، سلاح المشاة، المدرعات، بائعو الكعك، بائعو اليانصيب، في اشارة الى الشكوك اللبنانية الدائمة ببائعي الكعك واليانصيب. وعندما حاول الخبراء السوفيات معرفة سبب اسقاط اللبنانيين للطائرات المروحية السورية خلال معارك زحلة (البقاع اللبناني) في الثمانينات، رافق هؤلاء الخبراء طيار سوري في احدى جولاته، ولما وصلت الطائرة الى جبال عيون السيمان قال الطيار لمساعده: بردنا (شعرنا بالبرد) اطفئ المروحة». اما رئيس الحكومة الحالي فؤاد السنيورة فقد تعرض للكثير من النكات التي تتحدث عن حبه لجمع الضرائب كوزير للمال، فالرئيس الراحل ياسر عرفات لم يحضر الى قمة بيروت عام 2000 خوفاً من ان يتقاضى السنيورة منه ضريبة، فيما تقول نكتة اخرى ان السنيورة سعيد لان عرفات لم يحضر فهو (اي عرفات) يقبض ولا يدفع.