«العمدة» المرجع الأساسي لتجنيد عناصر «القاعدة»

كتبه الدكتور فضل مؤسس جماعة «الجهاد» المصرية

TT

يعد كتاب «العمدة في إعداد العدة.. الجهاد في سبيل الله»، للشيخ عبد القادر بن عبد العزيز، بالرغم من اصداره منذ سنوات في القاهرة ولندن، واحدا من الكتب الاساسية التي يعتمد عليها المنتمون لتنظيم «القاعدة» في اليمن، لتجنيد عناصر جديدة، بحسب أصوليين في اليمن وخارجه. ويتضمن الكتاب خمسة ابواب تشرح في 433 صفحة من الحجم الكبير، الكثير من التفاصيل، حول طرق التجنيد والتدريب والرسالة العقائدية للمنظمات الجهادية. وأهم ابواب الكتاب هو «الثالث»، الذي جاء تحت عنوان «الإمارة» ويتحدث عن «الطائفة المنصورة» و«الفرق الناجية من النار»، والرد على شبهة «لا جهاد بلا إمام»، وشروط اختبار الإمام في الجماعات الجهادية. ومؤلف الكتاب هو الطبيب المصري الدكتور فضل، الذي يعرف ايضا باسم السيد إمام، وكذلك بكنية الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز، وهو مؤسس جماعة «الجهاد» المصرية لزعيمها ايمن الظواهري، الحليف الاول لابن لادن، وقد تم اختياره لإمارة جماعة الجهاد في بيشاور عام 1987، ثم تنازل عنها في السودان عام 1993، وبات بعدها الدكتور ايمن الظواهري أميرا للجماعة حتى وقتنا الحاضر، بعد ان جددت له البيعة مرتين. والدكتور فضل صادر ضده حكم غيابي بالسجن المؤبد في «قضية العائدون من البانيا» من محكمة هايكستب عام 1999، وكان ترتيبه رقم 22 على لائحة الاتهام، التي تصدرها ايمن الظواهري وشقيقه محمد. وكان آخر مقال كتبه الدكتور فضل لم يكمل تحت عنوان (هذا بيان للناس.. الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر)، ولم يكتمل المقال بحسب اصوليين في لندن، بسبب اعتقال الدكتور فضل يوم الخميس 11 أكتوبر (تشرين الاول) عام 2001، وتم إيداعه سجن الأمن السياسي وحرم من القراءة والكتابة بالعاصمة اليمنية صنعاء حتى تم تسليمه للسلطات المصرية عام 2004.

وقال فضل في آخر مقال له: «أحببنا أن يخرج الى النور هذا المقال لتستضيء به أمة محمد في حربها ضد أميركا وأعوانها». واحتوى المقال في نهايته على تعريف مختصر بالدكتور فضل وسيرته الذاتية، واهم مؤلفاته ومنها «العمدة في إعداد العدة للجهاد»، وكتاب «الجامع في طلب العلم الشريف»، و«الحجة في الملة الاسلامية»، الذي ما زال تحت الطبع ولم يكتمل بسبب اعتقاله, وقبل اعتقاله عمل الدكتور فضل بمستشفى دار الشفاء التخصصي بمدينة إب جنوب صنعاء، ثم القي القبض عليه في مقر عمله عام 2001، وظل في السجون اليمنية حتى تم ترحيله الى مصر 2004 ، وهو حاليا محتجز في سجن العقرب بمنطقة طرة. وحسب اصوليين في لندن تزوج الدكتور فضل من سيدة فلسطينية وانجب منها 4 أولاد وبنتا. ثم تزوج من سيده يمنية من مدينة إب وانجب منها طفلة عمرها الآن 4 سنوات. وقال اسلاميون في لندن ان الدكتور فضل عمل كذلك في مستشفى الهلال الكويتي في بيشاور خلال فترة الجهاد ضد الروس. وقال الاسلامي المصري الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن الذي عرف الدكتور فضل عن قرب، ان كتاب «العمدة في اعداد العدة للجهاد» يعتبر «منفستو» الجماعات الجهادية على مستوى العالم منذ التسعينات حتى وقتنا الحاضر. وقد ترجم إلى عدة لغات (الإنجليزية والفرنسية والتركية والفارسية والأوردية والكردية والإسبانية والماليزية والإندونيسية)، وكان يباع علانية في دول أوروبا الغربية حتى وقت قريب، وكان يوزع في لندن أمام المساجد والمكتبات قبل هجمات سبتمبر (ايلول) 2001، وفي بعض دول أميركا اللاتينية كالبرازيل وطبع في الأردن منذ بضع سنين.

واضاف السباعي، ان كتاب الدكتور فضل، يعتبر المدخل الشرعي والعسكري لأي مجاهد في العالم. فرغم أن هناك الكثير من الكتب التي تكلمت عن الجهاد وأركانه وأساليبه ومبادئه قديماً وحديثاً، إلا أن كتاب العمدة يتميز، حسب السباعي، بالآتي: اولا: انه كتب أثناء الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفياتي (السابق) وفي مدينة بيشاور تحديداً، بلغة معاصرة سهلة.

الثاني: انه يجيب على أسئلة يواجهها المجاهد في معسكره وفي حياته الجهادية العملية.

الثالث: يرد على شبهات بعض من لا يجيزون العمل الجماعي وينكرون مبدأ البيعة.

وعن سبب تأليف كتاب «العمدة.. الجهاد في سبيل الله» يقول السباعي: «كان الدكتور فضل في بيشاور يجيب على سؤال مهم وهو: كيف يتأتى لنا، نحن المسلمين، القيام بواجب الجهاد ونحن في هذه الحال من الضعف والتفرق وقلة الحيلة؟». ويضيف السباعي: «في تلك الفترة أيضاً أرسل له الاخوة في معسكرات التدريب، الذين يمارسون الجهاد عملياً في أفغانستان، أن يكتب لهم رسالة في بعض مسائل السياسة الشرعية المتعلقة بعلاقة الإخوة بعضهم ببعض في معسكرات التدريب وفي ساحات الجهاد». وطبع كتاب «العمدة» أول مرة في باكستان ثم انتشر منها إلى جميع أنحاء العالم تقريباً، فصار يطلق عليه «زاد المجاهد»، الذي يتقوى به في تكوينه العقدي والبدني، وقد طبع هذا الكتاب في مصر طباعة فاخرة وكان يباع في المكتبات العامة. ولم تتفطن له قوات الأمن إلا سنة 1992 أثناء قضية «العائدون من أفغانستان»، التي عقدت في مدينة الإسكندرية وحكم على جميع المتهمين بالسجن المؤبد بسبب حيازتهم لكتاب «العمدة» من المحكمة العسكرية العليا في ديسمبر (كانون الاول) 1992. ورغم ذلك لا يزال الكتاب يطبع ويوزع سراً، لأنه بحق ميثاق بل وعمود فقري لأية جماعة جهادية». والكتاب مقسم على النحو التالي:

الباب الأول: «تذكرة في الإخلاص والاحتساب».

الباب الثاني: «حكم التدريب العسكري للمسلمين».

الباب الثالث: «الإمارة».

الباب الرابع: «واجبات الأمير».

الباب الخامس: «واجبات الأعضاء». وحسب بعض الأصوليين يعتبر باب «الإمارة» أهم وأقوى باب في الكتاب «لأنه تكلم عن وجوب الإمارة وشروطها، ورد على شبهة (لا جهاد بلا إمام) بمعنى هل لو خلا الزمان من إمام أو خليفة أو سلطان هل يتوقف الجهاد حتى يظهر للمسلمين خليفة أو إمام, وبسط الأدلة الشرعية على وجوب الجهاد، حتى لو بدون إمام أو خليفة. وأجاب عن حكم الاستعانة بالمشركين في الجهاد, ورد على شبهة من ينكرون البيعة للأمير، ثم خصص بحثاً مستقلاً عن الطائفة المنصورة، وهل الفرقة الناجية هي الطائفة المنصورة.

وتكلم الدكتور فضل في كتابه عن موقف الإسلام من تعدد الجماعات الإسلامية. وفي الباب الرابع تكلم عن واجبات أمير المعسكر. وقال: على الأمير أن يختار لنفسه مجلس شورى، وتكلم عن مشروعية الشورى، أي هل يجب على الأمير أن يشاور من معه.كما تكلم عن أثر الأغلبية في الشورى أي هل هناك اعتبار لرأي الأغلبية في الشورى، وما موقع هذا الاعتبار, وما هي الأغلبية المعتبرة شرعاً.

وعقد فصلاً خاصاً عن «واجبات أمير الجماعة»، ويقول «إن أمير المعسكر هو أمير شرعي ومن أولي الأمر في دائرة اختصاصه، وإن طاعته واجبة طالما لم يخالف الشرع»، ثم تكلم عن مشروعية العهد (البيعة) وفرق بين اليمين والعهد والبيعة والميثاق، وتكلم عن فائدة البيعة والغرض منها، وركز على مفهوم البيعة بقوله: يمكن أن يشتمل العهد (البيعة) بين الأمير والأعضاء على أمور واجبة بالشرع ابتداء لتوكيدها كالجهاد وطاعة الأمير وحفظ الأسرار وأداء الأمانات والنصح للمسلمين، وأمور لم تجب بالشرع ابتداء ليلتزمها الأعضاء بالعهد، مثل أن يشترط عليهم عملاً معيناً أو عدم مغادرة المعسكر إلا في مدة معلومة أو تحديد مواعيد للنوم واليقظة والطعام والتدريبات ونحو ذلك من الشروط ما لم تكن معصية. وخصص فصلاً مستقلاً لتعريف «البيعة» وأنواعها وهل يجوز تسمية العهد على الطاعة بيعة, وحكم ناكث البيعة, ورد على الشبهات المتعلقة حول البيعة. وتكلم عن جهاد الدفع وجهاد الطلب وشروطهما، وعن دار الحرب ودار الإسلام، والأعذار المقبولة شرعاً للامتناع عن الجهاد مثل العجز. وكما شرح باستفاضة الفرق بين العدو القريب والعدو البعيد.

وينقل السباعي عن فضل قوله في كتابه «العمدة»: «إن الجهاد لا ينبغي أن يقتصر على الخاصة وعلى جماعات الصفوة، بل ينبغي أن يكون الجهاد هو قضية العامة، قضية كل المسلمين، إن الفاسق والعاصي مخاطبان بالجهاد تماماً كالصالح».

أيضا شرح الدكتور فضل حكم الكذب على العدو وحكم العمل السري في الأعمال العسكرية. وذكر فقرة في غاية الأهمية (الاستشهاد ليس مقصوداً لذاته، بل لإظهار الدين). ورد على شبهة (لا جهاد إلا بعد طلب العلم الشرعي). ثم تكلم عن العلم اللازم للطائفة المجاهدة. وتكلم عن مسألة هل العدالة من شروط وجوب الجهاد.

ثم ختم الباب الخامس وخصصه لواجبات أعضاء المعسكر، وما يلزم الأعضاء في حق الله ثم في حق أميرهم ثم في حقوقهم مع بعضهم. وكشف السباعي ان الدكتور فضل خرج من مصر عقب اغتيال السادات عام 1981، وتوجه الى باكستان ليعمل على علاج الجرحى، وعين مديرا عاما لمستشفى الهلال الكويتي ببيشاور، ثم غادر باكستان فارا عقب اعتقالات العرب الشهيرة في مدينة بيشاور عام 1993. وتوجه بعدها الى السودان ومن هناك توجه الى اليمن. ووصل الى هناك أواخر الحرب اليمنية وتوجه عقب وصوله الى مدينه إب جنوب اليمن، التي لم يغادرها حتى تم اعتقاله.