معركة السور الأميركي

عدد من المؤيدين للسور يتخوفون من أن مد الهجرة قد يدفع المكسيك للمطالبة باستعادة الولايات التي احتلتها منها أميركا

TT

عندما أعلن حاكم ولاية نيومكسيكو الأميركية بيل ريتشاردسون حالة الطوارئ في ‏ولايته على الحدود مع المكسيك في صيف عام 2005، كان يدرك تماما أنه أطلق أول ‏رصاصة لخوض معركة الهجرة غير الشرعية المتدفقة باستمرار من ‏المكسيك، لكنه لم يكن يتصور مطلقا أن تتحول رصاصته إلى إشارة البدء لمعركة ‏فرعية أخرى هي معركة بناء سور على الحدود يعارض هو نفسه إقامته خشية ‏من تأثير السور على العلاقات مع الجارة الجنوبية.‏ لم تجد نفعا المعارضة لإقامة السور من قبل ريتشاردسون، حاكم أكثر الولايات تضررا من تدفق ‏المهاجرين المكسيكيين أو القادمين عبر المكسيك من بلدان العالم الأخرى، فقد صوت ‏مجلس النواب الأميركي في العام التالي لصالح بناء حاجز خرساني‏ طوله 1126 ‏كيلومترا، وأسوار شائكة مزودة بمصابيح كاشفة ليلا وكاميرات رقابة على مدار ‏الساعة وكاشفات للحركة بتكلفة إجمالية تقدر بـ2.2 مليار دولار أميركي، على نمط أسوار أقل طولا وأقل تكلفة أقيمت بالفعل في عدة نقاط من الحدود بدءا من العام 1993 خصوصا في ولايتي كاليفورنيا وتكساس.

ورغم إقرار الكونغرس لقرار إقامة السور المقترح الأكثر طولا، ما زال حاكم ولاية نيومكسيكو ‏يعارض مشروع الحائط، حيث قال لمحطة «سي إن إن» الأميركية «انا أعيش مع هذه القضية ‏بشكل يومي وأعرف تماما أن السور لن يجدي في حل المشكلة، بل سيكون رمزا ‏مرعبا لسوء علاقتنا مع جيراننا في المكسيك، ونحن بحاجة لتعاون حكومة المكسيك ‏التي ستتراجع عن التعاون معنا بعد أن تجاهلنا آراءها وقررنا إقامة حائط بيننا ‏وبينهم». ويضيف الحاكم ريتشاردسون قائلا: «لقد أعلنت قبل أكثر من عام حالة الطوارئ ‏على الحدود واتخذت منذ ذلك الحين كحاكم لولاية نيوميكسيكو أشد الإجراءات ‏الممكنة، وهناك ما يمكن أن نفعله بتكاليف إقامة السور لاستغلال تلك الأموال بشكل ‏أفضل بما يخدمنا في حل القضية ولا يسيء إلى علاقتنا مع جيراننا».‏ وأوضح حاكم الولاية بالقول «إذا استعملنا ‏نصف الأموال فقط المخصصة لبناء السور فبإمكاننا مضاعفة عدد دوريات الحدود ‏وهذا هو ما نحتاج إليه‏. سيكون بمقدوري أن أنشر الحرس الوطني لفترات أطوال على ‏الحدود‏، وسوف نتمكن من تجهيز نقاط المراقبة بأجهزة كاشفات الحركة والتقنيات ‏المتطورة بدون أسوار».‏ ويضيف الحاكم الذي تؤذيه مشكلة التسلل وتؤذيه فكرة السور في آن واحد «لدينا ‏مشكلات متعلقة بالمخدرات والعنف قادمة إلى نيومكسيكو من المكسيك وقد اتخذنا ‏خطوات فعالة تسمح لنا بتعيين رجال شرطة محليين، ويمكن تأمين الحدود بالبشر ‏وليس بالحجر».

ومما يؤكد صحة ما ذهب أما الحكومة ‏المكسيكية فقد وصفت مشروع الجدار بالمخزي، وقالت إنه سيكون شبيها بسور برلين ودلالة سيئة أن ‏تأتي هذه الفكرة عن أمة مكونة أساسا من المهاجرين. ومن أسباب انتقاد حكومة المكسيك لمشروع ‏الجدار إضافة إلى دلالته العنصرية هو أنها تعتبره نكرانا وتغافلا للإسهامات التي قدمها العمال ‏المكسيكيون للاقتصاد الأميركي. ويعتقد أن 10 ملايين مكسيكي يعيشون في الولايات المتحدة، منهم ستة ‏ملايين بلا أوراق هجرة أو أوراق عمل شرعية، فضلا عن مليون مهاجر غير شرعي ‏يتم توقيفهم سنويا أثناء محاولتهم عبور الحدود. ‏ وتواصل حكومة المكسيك تعاونا غير مسبوق مع الولايات المتحدة في محاربة ‏ المخدرات والجرائم الخطيرة الأخرى التي ترتكب عبر الحدود بين البلدين ‏والتي تهدد مواطنيهما، وبالتالي فإن إغضاب حكومة ‏المكسيك بسبب إقامة السور على الحدود بين البلدين سوف يقلص حتماً ‏تعاون المكسيك ولن تتمكن الأجهزة الأميركية من مد أنشطتها ‏إلى الأراضي المكسيكية لأنها اختارت العزلة بإقامة حائط عازل.‏ ويتفق مع حاكم ولاية نيو مكسيكو في الرأي روبرت مارتينز، وهو داعية حقوقي ‏أميركي من أصل مكيسكي وخبير في العلاقات المكسيكية – الأميركية، إذ يقول في ‏مقابلة صحافية إن جذور المشكلة تعود إلى ما سماه بعقلية الاستيطان وانتزاع ‏ملكية الأرض بمختلف الوسائل القانونية وغير القانونية.

وأشار مارتينز إلى أن ولاية ‏كاليفورنيا ما زالت حتى الآن تلقي باللائمة في مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية على ‏المهاجرين المكسيكيين، ويعتبر مارتينز إن السور الجديد المزمع بناؤه لن يؤدي إلا ‏إلى خلق المزيد من المشكلات الإنسانية والمزيد من الانتهاكات ولن يحل المشكلة، ‏ويطالب بدلا من ذلك بمساعدة المكسيكيين في خلق فرص عمل في بلادهم ‏وتحسين أحوالهم المعيشية في سبيل التقليل من معضلة التسلل التي يجدها الفقراء ‏وسيلة وحيدة للبحث عن فرصة ما في بلاد العم سام.‏ ولكن في المقابل فإن هناك من بين الأميركيين أعدادا لا يستهان بها من الخبراء ‏والسياسيين يؤيدون بقوة إقامة الحاجز الفاصل، بل ويطالب البعض منهم أن يشمل ‏كامل الحدود بين البلدين البالغ امتدادها 3360 كلم. ومن أهم هؤلاء وأعلاهم ‏صوتا على الإطلاق مرشح الرئاسة الجمهوري السابق بات بيوكانان الذي يؤيد سياسة العزلة ‏ويسيطر عليه هاجس الخوف من غزو سكاني عبر الهجرة الشرعية وغير الشرعية ‏لتغيير التركيبة السكانية في الولايات الجنوبية الأميركية والجنوبية الغربية التي يطغى عليها ‏المهاجرون القادمون من المكسيك. ورغم أن السبب الظاهري لهذا الخوف هو ‏مواجهة الآثار الجانبية المترتبة على الهجرة غير الشرعية أو حتى الشرعية ‏من المكسيك، فإن هناك سببا آخر مدفونا في أعماق الذهنية الأميركية وهو الخوف ‏من مطالبة المكسيكيين بالولايات الجنوبية الغربية لأميركا التي هي أصلا جزء من ‏المكسيك واحتلتها الولايات المتحدة أثناء الحروب المتكررة بين البلدين في القرن السابع عشر. ‏وتعود جذور المشكلة بين الولايات المتحدة والمكسيك إلى حرب استقلال ولاية تكساس سنة 1836 ، حيث ‏كانت الولاية تابعة للمكسيك، لكن مهاجرين أميركيين قادوا ثورة فصلت تكساس عن المكسيك‏، وبعد ‏ذلك بعشر سنوات نشبت بين أميركا والمكسيك، حرب استمرت سنتين، انتهت بانتصار ساحق ‏للأميركيين والاستيلاء على ست ولايات مكسيكية هي نيفادا وكاليفورنيا ونيومكسيكو واريزونا ‏وكولورادو بالاضافة الى تكساس. ومن يتأمل في أسماء مدن ولاية كاليفورنيا حاليا، وعلى سبيل المثال ‏سان فرانسيسكو وسان باولو وسان خوزيه وسان دييغو وسانتا كلارا وغيرها من الأسماء، سيجدها ذات أصل مكسيكي لأن الشعب ‏المكسيكي هو الذي سماها وليس الأميركيون. والموقف الرسمي لحكومة المكسيك لا يشير بأي حال من ‏الأحوال إلى أدنى رغبة في الحديث عن الأراضي المحتلة أو الولايات المسلوبة ولكن هناك من القوميين ‏المكسيكيين من يجاهر بأهمية العمل لاستعادة تلك الولايات. ولهذا فإن عددا من قراء التاريخ الأميركي من ‏الأميركيين يحذرون من هجرة المكسيكيين المستمرة إلى الولايات المتحدة ويقولون إنها قد تؤدي إلى خسران ‏ولايات الجنوب الغربي التي تعتبر سلة الغذاء للأميركيين ومصدر ثروتهم التي لا تنضب. ويرى ‏الانعزاليون الأميركيون في الوجود السكاني المكسيكي الكثيف في الولايات التي كانت تابعة للمكسيك ‏خطرا كبيرا سواء كانت هجرتهم شرعية أو غير شرعية، إذ يطالبون بتجميد هجرة الاجانب، مثلما كانت مجمدة ما بين 1925-1965. كما أن بعض مفكري المحافظين القدماء والجدد على ‏حد سواء يطالبون بطرد كل اجنبي يدان في جريمة كبيرة، وطرد كل اجنبي يدان في اي جريمة اذا كان ‏يعيش في اميركا بصورة غير قانونية. بل ويتطرف البعض في مطالبه لدرجة الدعوة لرفض منح اللجوء ‏السياسي لأي شخص يفر من وطنه وإلغاء برنامج يانصيب الهجرة الذي يسمح بدخول 50 ألف متعلم ‏أجنبي الى اميركا كل سنة. ويحذر المعارضون للهجرة من أن الولايات المتحدة قد تخسر بالهجرة ما كسبته في الحرب من أراض، وتعيد تسليمها للمكسيكيين على طبق من فضة.

ومن حسن حظ المهاجرين الأجانب وعلى رأسهم المكسيكيون أن الرئيس الحالي ‏للولايات المتحدة جورج بوش ينتمي إلى ولاية يلعب فيها صوت المتجنسين من أصل مكسيكي ‏دورا حاسما في الانتخابات على مستوى الولاية وعلى المستوى الفيدرالي ‏وهي ولاية تكساس. ويحرص بوش على عدم ‏إغضاب الناخبين في ولايته. وفي الولايات المجاورة لها الأمر الذي جعله يتبنى موقفا ‏وسطا بين المتشددين المطالبين بإقامة السور وبين المعسكر الآخر الداعي ‏لفتح الحدود على مصراعيها لانعاش الاقتصاد الاميركي. وقد تبنى الرئيس بوش ‏ثلاثة عناصر رئيسية لسياسة حكومته تجاه الإصلاح الشامل لقوانين الهجرة في بيان ‏حقائق نشره البيت الأبيض يوم 8 إبريل (نيسان) 2006. والعناصر الثلاثة هي: تأمين ‏الحدود، وفرض صارم للقوانين، وبرنامج لمنح تأشيرة مؤقتة للعاملين من دون العفو عن ‏المخالفين، مما يسمح للعاملين الأجانب بشغل الوظائف التي لا يرغب الأميركيون في ‏القيام بها. وقال البيت الأبيض إن كل عنصر من العناصر الثلاثة يدعم العنصرين ‏الآخرين، وكلها ضرورية «لوجود نظام هجرة في أميركا يتفق مع متطلبات القرن ‏الـ21». ‏ وتضمن بيان الحقائق كذلك الإشارة إلى أنه «عبر الأجيال، دعم الأميركيون ‏هذه الرؤية التي تتمثل في الترحيب بالمواطنين الجدد من جميع أنحاء العالم، الذين ‏ساهموا في صياغة الهوية الأميركية والمحافظة على نمو البلاد وازدهارها». ‏ وفي سبيل تحقيق هذه الرؤى وقع الرئيس الأميركي على تشريع يقضي بإنشاء مكتب ‏جديد للجنسية في وزارة الأمن الداخلي للتوعية ونشر المعرفة بالإجراءات المتبعة للحصول على الجنسية، كما تتعاون الحكومة مع المنظمات الدينية والجمعيات ‏المدنية لتوفير فصول لتدريس اللغة الانجليزية والتوعية بالحقوق المدنية. وكان ‏الرئيس بوش نفسه قد وقع في يوليو (تموز) 2002، مرسوماً رئاسياً بإعداد الترتيبات ‏لحصول أفراد القوات المسلحة الأميركية من مواليد الدول الأخرى فورا على الجنسية ‏الأميركية. وخلال السنوات الأربع الماضية حصل أكثر من 20 ألفاً من أفراد القوات ‏المسلحة الأميركية، رجالا ونساء، على الجنسية الأميركية. ‏ ورغم وجهة النظر المنفتحة التي يتبناها بوش فيما يتعلق بالهجرة، إلا أن حربه المعلنة ‏على الإرهاب جعلته يبدو متشددا جدا فيما يتعلق بحماية الحدود. فمنذ توليه الرئاسة ازداد التمويل المخصص لتأمين الحدود بنسبة 66%، فارتفع ‏عدد العاملين في مراقبة الحدود إلى 12 ألف فرد، وهو ما يمثل زيادة تتجاوز 2700 ‏فرد، أو ما يقارب 30 %. وفي الميزانية المقترحة للعام المالي 2007 تمويل ‏مخصص لإضافة 1500 فرد آخر. ويتم تزويد العاملين في مراقبة الحدود بأحدث ما ‏توصلت إليه التكنولوجيا من أدوات مثل الكاميرات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ‏وأجهزة متقدمة لاستشعار الحركة، وطائرات تعمل بدون طيارين. كما تم تركيب ‏وسائل الحماية مثل حواجز السيارات والأسوار في المناطق النائية. ويجري المزج ‏بين القوة البشرية والأساليب التكنولوجية والبنى الأساسية بأساليب موحدة كما لم ‏يحدث من قبل، وفقا لما أعلنه البيت الأبيض مرارا. ‏ وتقول إدارة بوش إن حرس الحدود تمكنوا خلال السنوات القليلة الماضية من ‏القبض على أكثر من 6 ملايين شخص وإعادتهم إلى بلادهم، ممن كانوا يهمون ‏بدخول الولايات المتحدة بأسلوب غير قانوني. وكان بينهم أكثر من 400 ألف شخص ‏لهم سجلات إجرامية. وتتعاون في هذا المجال سلطات تطبيق القوانين الفيدرالية مع ‏قوانين الولايات والمحليات والقبائل الهندية. وتم القبض في العام الماضي على أكثر ‏من 600 ألف مهاجر غير شرعي من خلال تطبيق مبادرة «السيطرة على حدود ‏ولاية اريزونا»، وهو ما يمثل زيادة تفوق نسبة 50 % عن العام السابق. ‏ ومعظم المهاجرين ذوي الإقامة غير المشروعة من المكسيك يمكن إعادتهم إلى ‏بلادهم خلال 24 ساعة، أما أمثالهم من غير المكسيكيين فيمثلون تحديا مختلفا. فقد ‏كانت مراكز احتجاز المهاجرين ذوي الإقامة غير المشروعة، تعاني لعقود طويلة من عدم ‏وجود أماكن كافية فيها لإيواء أمثالهم من غير المكسيكيين الذين يتم القبض عليهم على ‏الحدود، ولذا كان يُطلق سراح معظمهم إلى داخل المجتمع الأميركي. وكان يحدد ‏لكل منهم موعد للمثول أمام القضاء، لكن في الواقع لم يكن يظهر أي منهم في المحاكم إلا ما ندر. ووفقا لما ‏أعلنه البيت الأبيض أخيراً فإن الحكومة ستتوقف عن ممارسة أسلوب «القبض ثم ‏الإفراج» بزيادة أماكن الإيواء في مراكز الاحتجاز بنسبة 12 % خلال العام الحالي، ‏والميزانية المقترحة للعام 2007 تزيد ذلك العدد بنسبة 32 %. وستوسع الحكومة ‏نطاق ممارسة أسلوب «الاستبعاد السريع» الذي يسمح للولايات المتحدة بترحيل ‏المهاجرين من غير المكسيكيين إلى دولهم سريعا. ‏ ويذكر أن معظم المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك يعملون في ‏حقول الزراعة وبالذات في ولاية كاليفورنيا المشهورة بمزارعها الشاسعة، وتتساهل ‏السلطات في عدم متابعتهم بسبب الحاجة الماسة إليهم. لكن ‏الرئيس الأميركي يسعى لإتاحة المجال لهم في العمل بأسلوب شرعي لا يضطرهم ‏إلى التخفي عن أعين السلطات ولا يحرم الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات من ‏الضرائب المستحقة على العمال الأجانب، ولهذا اقترح البيت الأبيض برنامجا لإصدار تأشيرات مؤقتة للعاملين الأجانب تسمح لهم بدخول ‏أميركا شرعيا وممارسة الأعمال والحرف الصعبة بأسلوب يتسم بالأمانة ويؤدي إلى ‏خفض عدد المتسللين خلسة عبر الحدود. كما يرى المدافعون عن هذا البرنامج ‏وعلى رأسهم الرئيس بوش أنه سيخفف العبء عن كاهل حرس الحدود ويسمح ‏للعاملين في مجال تطبيق القانون بالتركيز على التهديدات الأكثر خطورة مثل تعقب ‏الإرهابيين ومهربي المخدرات، وغيرهم من المجرمين. كما يمكن أن يساعد البرنامج السلطات الأميركية في التعرف على الموجودين بشكل غير شرعي في ‏الولايات المتحدة عن طريق السماح لهم بالتقدم للحصول على تأشيرة العمل المقترحة وبالتالي معرفة عناوين سكناهم ومقار أعمالهم.‏ وفي مايو (أيار) 2005 جرى تحديث برنامج عبور الحدود الأميركية بحيث يسمح ‏للسائقين من المكسيك بدخول الولايات المتحدة بسرعة وكفاءة أكبر. ‏وذكرت دائرة الجمارك وحماية الحدود الأميركية أنها زادت عدد مسارات المرور ‏على نقطة الحدود، وتطور التكنولوجيا المستخدمة في التحقق من الشخصية، لكي ‏يكون المرور أسرع عبر نقطتي أوتاي ميسا وسان يسيدرو، وهما نقطتا عبور إلى ‏الولايات المتحدة. وهاتان النقطتان تربطان بين مدينة خيوانا المكسيكية ومدينة سان ‏دييغو الأميركية. وقالت الوكالة إن نقطة عبور سان يسيدرو هي أكثر نقاط العبور ‏البرية ازدحاما في العالم، حيث تمر عبرها أكثر من 7 آلاف مركبة يوميا مستفيدة ‏مما يعرف ببرنامج الشبكة الالكترونية المأمونة للفحص السريع للمسافرين، التي ‏تعرف اختصارا باسم (سنتري). كما يستفيد من البرنامج نفسه أكثر من 2200 مركبة ‏أخرى عند نقطة أوتاى ميسا، حسبما قالت دائرة الجمارك وحماية الحدود الأميركية ‏وهي الجهة المسؤولة عن أمن الحدود بوزارة الأمن الداخلي. ‏ويسمح برنامج الفحص السريع (سنتري) للمسجلين فيه الذين يجرى لهم فحص مسبق ‏‏(للأشخاص والمركبات) باستخدام مسارات مرور معينة للعبور إلى الولايات المتحدة ‏بسرعة أكبر من المسارات العادية. ويخضع المسجلون في هذا البرنامج لفحص أمني ‏مكثف مسبق قبل أن يتخذ قرار بأنهم لا يمثلون خطرا يهدد أمن الولايات المتحدة. ‏وتقول الدائرة إن عدد المسجلين في البرنامج لنقطة العبور بين مدينتي سان دييغو ‏وخيوانا بلغ حوالي 60 ألف شخص. والمشاركون في البرنامج يدفعون رسوما محددة ‏ثم يجرى لهم الفحص الأمني ثم يتقدمون بمركباتهم للفحص والتفتيش قبل أن يحصلوا ‏على حق العبور السريع للحدود لمدة عامين. ‏ وكانت منطقة سان دييغو قد شهدت أول سور حدودي بدأ إقامته منذ عام 1993 وتم الانتهاء منه أخيرا بعد أن امتد في مياه المحيط الهادي على الحدود البرية بين مدينتي سان دييغو الأميركية وتيخوانا المكسيكية. وقد أدت إقامة السور إلى تحول تدفق الهجرة بعيدا إلى المناطق الداخلية والصحراوية في محاولة للالتفاف حول السور. وشهدت السنوات الأخيرة زيادة مطردة في أعداد الوفيات من المهاجرين المتدفقين ‏عبر المناطق الحدودية الوعرة. ولجأ المهاجرون إلى ابتكار وسائل جديدة للتسلل عبر الحدود، مما جعل ‏بعض سكان المناطق الحدودية من المواطنين الأميركيين يشكلون في عام 2005 دوريات حراسة خاصة لإيقاف تدفق الهجرة غير الشرعية في رسالة ذات مغزى للضغط على الحكومة والكونغرس للقيام بواجبهما. ‏ ويقر الرئيس بوش بأن هناك ضغطا هائلا على الحدود لا يمكن للأسوار والدوريات وحدها‏‎ ‎أن تضع حداً له. ‏ويتعين لضبط الحدود بشكل فعال، تقليص عدد الذين يحاولون‎ ‎التسلل عبرها‎؛ في إشارة إلى برنامج تأشيرات العمل المؤقتة التي يرى بوش أنها تتيح «للمهاجرين الشرفاء كسب الأجور‎ ‎بصورة قانونية وتساعد في تقليص ‏إغراء تهريب البشر وتقليل احتمال مخاطرة الناس‎ ‎بحياتهم لعبور الحدود‎». ‎

* حقائق وأرقام > يبلغ طول الحدود الأميركية مع المكسيك حوالي 3360 كيلومترا تبدأ من مياه المحيط الهادي في أقصى الغرب عند نقطة تابعة لمقاطعة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا إلى برونسفيل بولاية تكساس شرقا.

يوجد حاليا سور قائم بالفعل على امتداد مائتي كيلومتر على حدود المكسيك مع ولايتي كاليفورنيا وتكساس، تم بناؤه على سبيل التجربة، ويبدو أن نجاح الفكرة في تخفيف التسلل في بعض النقاط الحدودية أدى إلى المطالبة بتوسيعها لتشمل مساحة أكبر.

يبلغ طول السور المقترح 1126 كيلومترا بتكلفة أولية قدرها 1.1 مليار دولار سوف تتضاعف في النهاية إلى 2.2 مليار دولار. ومن المتوقع أن تبدأ خطط الإنشاء العام المقبل، لكن البداية الفعلية والفترة التي يمكن أن يستمر فيها البناء لم تعلن بعد.

وأقر مجلس النواب الأميركي في 13 سبتمبر (ايلول) الماضي إقامة السور بأغلبية 283 صوتا مقابل 138 نائبا عارضوا إقامة السور.

وأقر مجلس الشيوخ الأميركي خطة السور في 29 سبتمبر(أيلول) الماضي بأغلبية 80 صوتا مقابل 19 عارضوا الخطة، ووقع الرئيس بوش على قرار إنشاء السور في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2006 في وقت أظهر استطلاع للرأي أجرته محطة سي إن إن الأميركية معارضة معظم الأميركيين لبناء السور.

ويعيش حوالي 12 مليون نسمة في مناطق الحدود المكسيكية ـ الأميركية. وتتألف مناطق الحدود المكسيكية ـ الأميركية من 48 مقاطعة على الجانب الأميركي موزعة على أربع ولايات، ويعتبر سكان تلك المقاطعات من أفقر السكان في الولايات المتحدة.

يمثل المكسيكيون المولودون في الولايات المتحدة 30% من نسبة الأجانب، ويأتي بعدهم الهنود والفلبينيون بنسة 4% من المواليد الأجانب لكل منهما.

يقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة بـ12 مليون مهاجر يشكل المكسيكيون بينهم حوالي 6 ملايين ومائتي ألف نسمة، أي أكثر من النصف.

واتخذت حكومة المكسيك خطوات عديدة أحادية وأخرى ثنائية مع الولايات المتحدة لمنع التسلل ومكافحة تهريب البشر والمخدرات، ووقع البلدان عام 2002 خطة شراكة لحماية الحدود سميت باسم اتفاقية «الشراكة الذكية». تعتبر المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، إذ أنها استوردت من المنتجات الأميركية عام 2005 ما يتجاوز مائة مليار دولار من 17 ولاية فقط.