حرب العيون المفتوحة

تكون متوافرة بعد أيام على التقاطها وقد تستخدم في إطار ملاحقات قضائية ضد منتهكي حقوق الإنسان في دارفور

عيون الفضاء.. هل تقلل انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور؟ («الشرق الاوسط»)
TT

لم يكن السودان ضمن اللائحة الاميركية لدول «محور الشر»، ولكن ما من شك في انه على «مرمى حجر» من تلك اللائحة. وفي سياق نهج العصا الاميركية تجاه السودان، صدرت نحو 10 قرارات مفصلية من مجلس الأمن الدولي تجاه السودان، اغلبها حول الازمة في دارفور، وابقاء السودان على «اللوائح» الاميركية السوداء مثل لوائح: اكثر الدول المنتهكة للحريات الدينية، والحريات الصحافية، والاتجار في البشر، فضلا عن توافد المبعوثين الخاصين من الادارة الاميركية على الخرطوم، لممارسة الضغط على المسؤولين السودانيين تجاه الملفات الساخنة بين السودان والمجتمع الدولي، وورود تقارير تضع هذا البلد على صدر قائمة الدول الفاسدة في العالم العربي، والرقم 144 على مستوى العالم، وتقارير اخرى غير حكومية ترى انه من الدول المهددة بالانهيار.

وعلى خط الضغط المستمر من المجتمع الدولي ممثلا في الدول والمنظمات، اعلنت منظمة العفو الدولية (امنستي انترناشونال) الفرع الاميركي اخيرا، انها لجأت الى تكنولوجيا الاقمار الصناعية لمراقبة منطقة دارفور، التي تشهد اعمال عنف دامية منذ اربع سنوات لمحاولة منع هجمات ضد المدنيين في المستقبل، انها المرة الاولى التي تستخدم فيها منظمة للدفاع عن حقوق الانسان هذه التكنولوجيا لرصد اهداف هجمات محتملة ومنع ارتكاب فظاعات في المستقبل ومحاولة انقاذ ارواح، ودعت منظمة العفو سكان العالم اجمع الى المساعدة على حماية 12 قرية، تعتبر انها قد تستهدف بهجمات ميليشيات الجنجويد الموالية للحكومة، عبر مراقبة الصور على موقع «عيون على دارفور» على الانترنت. وقال لاري كوكس المدير التنفيذي للقسم الاميركي لمنظمة العفو، ان المجموعة تريد من خلال ذلك ان تثبت للرئيس السوداني عمر البشير ان العالم يراقب الوضع عن كثب، وحثه على قبول قوة حفظ سلام مشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي. وقال كوكس في بيان ان «دارفور بحاجة لجنود حفظ السلام لوقف اعمال القتل»، ومضى «نحن نستفيد من تكنولوجيا الاقمار الصناعية لنقول للرئيس البشير اننا نراقب بانتباه للكشف عن اي انتهاك جديد لحقوق الانسان».

وقال لارس بروملي من المؤسسة الاميركية للتقدم التكنولوجي، الذي قدم النصيحة لمنظمة العفو، لاعتماد هذا النظام، انه يمكن من خلال ذلك رؤية اكواخ مدمرة وحشود لجنود او لاجئين فارين. ورأت ارييلا بلاتر مديرة مركز تفادي الازمات في فرع منظمة العفو، الاميركي، ان هذه الصور التي ستكون متوافرة بعد ايام على التقاطها، قد تستخدم في اطار ملاحقات قضائية.

وقبيل اعلان امنستي بأشهر وقع المفوض الأعلى للاجئين انتونيو غوتيريز في جنيف اتفاقا مع مؤسسة «قبعات حمر» بشخص رئيستها نيكول غودج لتزود الاخيرة الفرق الإنسانية التي ستقدم المساعدات للاجئين في إقليم دارفور السوداني بمعدات «اميرجيسات»، وأجهزة اتصالات متحركة وأجهزة مراقبة تعمل عبر الأقمار الصناعية، ستقدمها مؤسسة فرنسية للهيئة العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. وتجمع «امرجيسات»، التي طورها المركز الوطني للدراسات الفضائية وشركة الكاتيل الينيا سبايس، تجهيزات للاتصالات للفرق العاملة على الأرض، وقدرات مراقبة للموقع المنوي التدخل فيه عبر صور تبث بالأقمار الصناعية، بالإضافة إلى معدات طبية وتحليل مياه. وقالت غودج: «الأمر يتعلق بأول اختبار على موقع أزمة مستعصية»، وتطمح مؤسسة قبعات حمر الى تزويد الأمم المتحدة بـ«قيادة تنسيق للعمل الإنساني على الأرض».

وطبقا للخبراء في مجال الاستشعار عن بعد، فان لجوء منظمات المجتمع المدني وتلك الناشطة فى مجال صيانة حقوق الانسان، للتقنية الحديثة وتوظيفها فى مشروعها لتعرية الاوضاع في دارفور، مقابل عدم قدرة الحكومة السودانية للتصدي لمثل تلك التقنية الدقيقة كالمراقبة بواسطة الاقمار الصناعية وعبر Google - Earth، يتجلى حجم الفجوة بين الطرفين، لتبدو المعركة غير متكافئة فى نوعية الاسلحة المستخدمة، ويدعم هذا القول الفريق برمة ناصر، وزير الدولة بوزارة الدفاع السابق الذي يقول لـ«الشرق الاوسط»، ان دارفور يمكن ان تراقب مراقبة كاملة عبر الاقمار الصناعية، ولا يمكن للسودان منع ذلك لان العالم اصبح قرية. ويشدد ناصر «ولكن المنع يمكن ان يتم بقول الحقائق والشفافية والمعالجات تحت ضوء الشمس.. هذا هو المخرج، أما خلاف ذلك فان المراقبة ستتم ولا تتوفر الامكانيات التقنية لمنعها». ويعتبر خبراء الفضاء الخارجي ان من مظاهر استخدام التقنية في معركة دارفور الراهنة اطلاق خدمة Google – Earth برنامجاً خاصاً، يعرض صوراً عن دارفور، البرنامج المثير للجدل اطلق فى ابريل (نيسان) الماضي، بالتعاون مع متحف المحرقة اليهودية Holocaust فى واشنطن، وبأحدث تقنيات التصوير الفضائي، تضع كل دارفور وكل القرى المحروقة وكل معسكرات النازحين بين يديك.

وبواسطة الزوم إن «zoom in» يمكنك مشاهدة أثر القرى المحروقة، وبواسطة «غوغل إيرث برو» يمكنك رؤية أجزاء من أواني الفخار المكسرة المحترقة، ويمكنك أن تتسلل الى معسكرات النازحين في دارفور مثل معسكرات: كلمة وأبوشوك وكاس وترى خيام النازحين، هكذا يتم الترويج لهذه الخدمة الجديدة.

وأعد برنامج Google – Earth من قبل شركة غوغل المعروفة، ويقوم بعرض الكرة الارضية عن طريق الاقمار الصناعية ولكنها، أي الصور، ليست مباشرة إنما التقطت ووضعت في قاعدة البيانات التابعة للشركة، وهذه هي فكرة عمل البرنامج لقاعدة بيانات زودت بالمعلومات والصور، ويقوم المستخدم بالاستفسار عن المعلومات التي يريدها.

وإذا كنت تريد معرفة موقع معين فإن غوغل ايرث يضع المعلومات الجغرافية في العالم في متناولك، ويحلق بك الى اي مكان في العالم بمجرد تشغيل البرنامج وتحريك «الماوس» فمن خلاله تستطيع البحث عن المستشفيات والمطاعم والمدارس واكتشاف المدينة التي تسكنها او أية مدينة تريد البحث عنها.

ويقول مطلقو برنامج غوغل ايرث عن دارفور، ان الموقع يوفر معلومات تصلح كأدلة دامغة على ممارسة الحكومة السودانية الابادة الجماعية في دارفور، وذلك من خلال 1600 صورة لقرى مدمرة ومحروقة، وبقايا 100000 منزل ومستشفى ومسجد دمرها الجنجويد، كل هذه الصور والادلة تقول مديرة متحف المحرقة اليهودية سارا بلومفيلد، انها ستجعل العالم لا يفلت هذه المرة ويتجاهل الذين يحتاجون الى مساعدته، في اشارة الى سابقة رواندا المفزعة، واضافت ان الهدف هو حث الحكومات والمنظمات العالمية الى التحرك لدرء كارثة الابادة الجماعية.

وقال اليوت ساشارغي نائب مدير «غوغل دوت كوم» اكبر محركات البحث على الانترنت «نحن في غوغل نؤمن بان التقنية الحديثة حافز للتحرك». يقول مطلقو الخدمة ان اهم مصادر الصور والمعلومات لديهم هي وزارة الخارجية الاميركية والمنظمات غير الحكومية والامم المتحدة ومتحف المحرقة اليهودية وافراد مصورون عاديون.

ويعتقد دبلوماسيون في الامم المتحدة ان مثل هذه المشروعات تصب في نطاق الضغوط التي تمارسها جماعات ضغط في الغرب عبر الامم المتحدة على الحكومة السودانية، التي تعرضت للانتقاد بسبب عدم تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن أوضاع دارفور، وللتهديد بعقوبات في حال رفض قوة احتلال دولية في هذا الاقليم.

ويرى الدبلوماسيون ان خطوة امنستي تمثل واحدة من جملة مقترحات تروج لها منظمات معروفة بممارسة الضغط على الخرطوم، ومن بينها مركز الازمات الدولية ومقرها واشنطن، وتروج هذه المنظمات الى ضرورة نشر قوات على الحدود مع تشاد لمحاصرة نشاط الحكومة السودانية، وتلوح بأهمية تدخل حلف شمال الاطلسي «الناتو» في القضية، وتنادي بوضع خريطة لمواقع القوات في دارفور لتستطيع ادارة وانفاذ عملية وقف اطلاق النار بصورة افضل، وتحديد ورسم تصور للميليشيات المدعومة من قبل الحكومة، وبتحسين آليات اعداد التقارير عن الاوضاع في الاقليم بشكل دوري.

وظلت الحكومة السودانية تنظر لاعلان امنستي، الذي صدر في الاسبوع الاول من يونيو الماضي، بابتسامة منفرجة، بدليل انها زهدت، حتى في التعليق عليه، رغم الحاح وملاحقة الصحافيين لمسؤوليها في سبيل الحصول على ما يسد رمق الاسئلة، في شأن المراقبة من الفضاء الخارجي، وذلك لانها «تنظر للخطة برمتها بأنها استهداف وعمل خارج النص يستوجب التعامل معه بعيدا عن المرجعيات التي تنطلق منها الحكومة في معالجاتها للازمة في دارفور والقضايا الاخرى بين السودان والمجتمع الدولي»، حسب علي الصادق الناطق باسم وزارة الخارجية السوداني، الذي تحدث لـ«الشرق الاوسط» حول الموضوع، وأضاف نحن لدينا مرجعيات معروفة ومحددة هي التي تعتمد عليها وتنطلق منها كل الانشطة مع الاتحاد الافريقي ومع الامم المتحدة والمنظمات العاملة في السودان.

وعلى غرار الصادق، يصر المسؤولون في الحكومة على ان تسليط كاميرات تصوير عبر الأقمار الصناعية على منطقة دارفور، هو انتهاك لسيادة الدولة السودانية، اذا ما تم من دون اذن او تنسيق مع حكومتها، وانه عمل تجسسي يساعد في تقديم بيانات وصور كأدلة للإدانة، ويدخل في باب الذرائع للتدخل المباشر في الإقليم. ويستدلون في هذا الشأن بما حدث في العراق قبيل الحرب، حيث عرضت صور قيل انها التقطت بواسطة الأقمار الصناعية تدعي وجود مواقع لأسلحة الدمار الشامل العراقية، التي اعتبرت سببا لغزو اميركا للعراق، ليكتشف من بعد انها ملفقة.

وعليه، فانه ليس من باب المجازفة ان ينظر المراقبون الى ورشة حول الفضاء الخارجي ترتب لها الحكومة بالاشتراك مع مكتب الامم المتحدة للفضاء الخارجي المعروف اختصاراً بـ«UNOOSA» يونوسا في الخرطوم في ديسمبر المقبل بانها ستشكل ساحة فسيحة للمسؤولين السودانيين لادانة خطوة مراقبة دارفور من الفضاء، رغم ان الموضوع الرئيسي للورشة هو الكوارث الطبيعية.

ولكن خبيرا سودانيا في مجال الفضاء، رفض ذكر اسمه لحساسية وظيفته الحكومية، قال لـ«الشرق الاوسط»، ان الدفوعات ستكون غير مجدية لان الدولة السودانية، اصلا، لا تهتم بمثل هذه الاشياء المهمة.. خاصة في عصرنا هذا. ويرى الباحث اسماعيل ادم محمد زين خبير الاستشعار عن بعد في هيئة الاستشعار عن بعد بجامعة الخرطوم انه من باب المستحيل تفادي التصوير عبر الاقمار الصناعية، وانه من الصعب مراقبة عملية التصوير من قبل الدولة مكان التصوير او المستهدفة، لان العالم اصبح مكشوفاً تتجلى فيه مقولة العالم قرية.

قال لـ«الشرق الاوسط»: يمكن ان تتم ولكن في نطاق محدود لان هذه الخدمة تحتاج الى صعود ذي درجة عالية من الوضوح من اقمار صناعية محددة مثل «كويك بيرد» او «الطائر المبكر» وهو قمر يعطي صورا دقيقة تصل الـ60 سنتمترا وهناك قمر الـ«ايكونوس» وهذا بصورة لحدود 8 سنتميترات.. فضلاً عن حوالي 10 اقمار صناعية اخرى بوسعها التصوير بهذه الدقة. ويوضح ان هذه الاقمار ذات القدرة على التصوير الدقيق موجودة الآن لدى الولايات المتحدة وروسيا واسرائيل، وهي اقمار مدنية تنتجها شركات خاصة وخدماتها متوفرة في السوق، وفقاً لقانون الاستشعار عن بعد. وقال ان شركة «ايوسات» الاميركية التي تقوم ببيع هذه الخدمة قيد عملية البيع بعد ان تلقت توجيهات من الادارة الاميركية بعدم تقديم خدماتها الى الدول المعروفة بمحور الشر، وهي مثل ايران وكوريا الشمالية وفنزويلا، ودول اخرى تقع على نطاقها مثل السودان لانه، حسب التوجيهات الاميركية، «يمكن استخدامها امنياً وعسكرياً». ويشير خبير سوداني في مجال الفضاء في هذا الصدد الى ان هذه الخدمات يمكن الحصول عليها رغم هذه القيود عبر وكلاء يستخدمون الكثير من وسائل التحاليل وتوصيل الصور لـ«الزبائن»، فيما يقول اسماعيل ادم محمد زين، ان تفسير الصورة يحتاج الى دراية لان مثل هذه الصور وثائق ومعلومات ويمكن لاي متخصص ان يستفيد منها حسب تخصصه: مياه تربة عسكرية زمن صحافة .. الى اخره، وقد استخدم الاعلام الدولي مثل هذه الصور بشكل واسع، اولا عندما تفجرت محطة شرنوبل النووية في روسيا. ويقول «وهناك اقمار للتصوير لاغراض عسكرية وهي اكثر دقة، ولكنها ليست متاحة في الاسواق ولا في الشبكة الالكترونية». ويرى الخبراء انه في حال توفر الدعم المالي الكبير يمكن تصور مساحات واسعة في دارفور.. ولكنهم ينبهون الى ان الاستمرار في التصوير في فترات متضاربة تكلفته فوق الاحتمال، وقال هناك اقمار يبلغ تكلفة تصوير الكيلومتر المربع عبرها لـ28 دولارا. وهنا يقول اسماعيل ادم محمد زين: فمن هناك يمكن معرفة كم هو مكلف التصوير في دارفور، التي تبلغ مساحتها زهاء 500 الف كيلومتر مربع ومن هناك يمكن ان تفسر قصر مشروع الا منستي وغوغل للتصوير في دارفور في 12 قرية فقط من كل حجم دارفور انهم يريدون ضغط التكلفة. وينبه الخبراء الى انه من الصعب التقاط عدد من الصور لموقع واحد في يوم واحد، الامر يتطلب ثلاثة ايام على الاقل، ولكن بالامكان تصوير اكثر من لقطة او لقطات للموقع الواحد في اليوم الواحد بالاستعانة بعدد من الاقمار في ساعات اليوم. ويقطع علماء الاستشعار عن بعد الشك بانه يمكن ان تشكل صور الاقمار الصناعية أدلة خاصة اذا كانت هذه الصور مزودة باحداثيات تمكن من متابعة تحركات اي مجموعة، ولكن من الصعب ان تشكل دليلاً الى تحرك فرد. ويتفق الخبراء على ان صور الاقمار الصناعية خاضعة للتلاعب ويضربون مثلا بان الروس كانوا اول من صنع الاقمار التي تصور بدقة عالية لدرجة المتر الواحد، خاصة القمر الروسي المعروف باسم «اسبن»، ولكنهم كانوا يحتفظون بهذا السر، بتقليل «الدقة» من متر الى مساحة مترين، ولم يكشفوا عنه الا بعد ان قال الاميركيون انهم صنعوا قمراً يصور بدقة لمساحة المتر الواحد. ولكن الخبير محمد زين يؤكد انه بوسع اي خبير الان في زمن العولمة ان يكتشف التلاعب او التزوير، الذي يمكن ان يحدث في صور الاقمار الصناعية عبر مقارنتها بالواقع او صور قديمة لنفس المكان او عبر الخرائط على الطبيعة. ويلفت خبير القانون الدولي عضو لجنة التحقيق الوطنية لجرائم دارفور المحامي عمر ومن زاوية اخرى، الفاروق شمينا الانتباه الى ان تصوير دارفور من الفضاء الخارجي لا يمكن ان يشكل حتى الان مادة للمساءلة القاونية لمرتكبه، وقال لـ«الشرق الاوسط»، ان الاستشعار عن البعد اصبح سمة من سمات العصر سواء كان في مجال التكنولوجيا او خلافها، ومن بينها لاغراض عسكرية.. وفي شأن دارفور فقد التقطت مئات الصور للاحداث التي تجري هناك.. وقد شاهدنا في لجنة التحقيق الوطنية حول الجرائم ضد الانسانية في دارفور التي شكلها الرئيس عمر البشير، ولم يعترض اي شخص من ناحية شخصية او اعتبارية على الصور التي عرضت علينا، ومضى يقول «من الناحية القانونية لم اسمع عن محاكم عالية او محاكم وطنية اعترضت على لقب مقبولية او عدم مقبولية تلك الصور. وعليه اقول ان خطوة الامنستي وغوغل.. بمراقبة الاوضاع في دارفور عبر الاقمار الصناعية هي غير مسبوقة ولا يمكن الاعتراض عليها ولا تشكل ازمة اخلاقية، بل هي جزء من مكملات الرقابة الدولية لاي عمل ينتهك القانون الدولي او مجلس الامن الدولي. وعندئذ، ينشغل المشغولون بملف دارفور بتقليب الملفات، وتصفيح الشبكة الالكترونية يتأملون في الاف الصور الملتقطة من الاقمار الصناعية: قرى تحت الحر واخرى تحترق، وثالثة تحولت الى رماد، ولكن لا تستطيع ان تجزم بأنها الحقيقية والمكان هو نفس المكان في الواقع، كما قال احد الناشطين في ملف دارفور. وأشار الناشط، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان هناك الكثير من الصور حول دارفور تبدو انها مزورة وملفقة ومنها صورة شهيرة في شبكة الانترنت توضح قيام ثلاثة مسلحين يحرقون عددا من المنازل وبجوارهم وعلى بعد امتار يقف اربعة اشخاص في كامل هندامهم وهم يشاهدون عملية الحرق بعضهم وضع يديه على ظهره، واخرون ضموها على صدورهم، وواحد على الاقل يرتدي رباط عنق وجاكيت، وأنهم يتفرجون في هدوء. ومن مشاهد التلفيق، يقول الناشط، صورة كتب عليها: قرية محروقة في دارفور وفيها تشاهد مجموعة من الفخار المخصص لحفظ الماء في دارفور بعضها سليمة والبعض الاخر محطمة واخرى منثورة ووسط كل هذا حفرة كبيرة على حوافها رماد في مشهد ليس اكثر من انه محرقة الفخار المعروفة في دارفور وهي موجودة في المدن والقرى. انها معركة مفتوحة، وغير متكافئة، وستستمر ربما الى ان ينطفئ اخر حريق في دارفور، وربما من بعد ذلك.