الأردن: من السكر إلىالبنزين

TT

يحتدم الجدل في الأردن حاليا حول انجع السبل لمواجهة الارتفاع في اسعار السلع والمواد الغذائية وبخاصة بعد الاعلان الحكومي عن رفع الدعم عن اسعار المشتقات النفطية والذي يتزامن مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية عالميا.

وأعلنت الحكومة الأردنية عن زيادة الرواتب للموظفين العاملين في القطاع العام بما يتراوح ما بين 45 دينارا و50 دينارا (الدولار يعادل 0.708 دينار)، ودعت القطاع الخاص الى أن يحذو حذوها لكن الإعلان عن زيادة الرواتب رافقه فورا زيادات يومية على اسعار السلع مما دفع الحكومة للتشاور مع مجلس النواب حول انجع الطرق لمواجهة هذه المعضلة. وتم الاتفاق على اعفاء 13 سلعة رئيسة من الرسوم والضرائب التي يستهلكها الاردنيون كالارز والحليب والعدس والسكر والشاي وغيرها. ويقول النقابي منير حمارنه ان نسبة التضخم قفزت من 3 في المائة عام 2003 الى اكثر من 6 في المائة هذا العام الماضي 2007، محذرا من قفز هذه النسبة الى 15 في المائة في حال القيام برفع أسعار المشتقات النفطية. واكثر ما يخشاه المواطنون هو رفع سعر انبوبة الغاز بشكل كبير، وخاصة انها تستعمل في كل بيت ولهذا تراجعت الحكومة عن تصريحات سابقة واعلنت ان رفع السعر سيكون على مراحل وليس دفعة واحدة. وكانت دراسة لجمعية حماية المستهلك الاردنية قد بينت ان ارتفاع الاسعار وصل الى 47 في المائة لمختلف السلع. وتقول امينة السعيد (ربة بيت) انها تتفاجأ في كل يوم بسعر جديد لما تشتريه وبخاصة في المواد الاستهلاكية الضرورية مثل البيض واللبن واللحوم والحبوب.

وتضيف وهي تتجول في احد الاسواق «الأسبوع الماضي اشتريت اشياء تفاجأت اليوم بأنها كلها مرتفعة. يعني ماشية ومستغربة».

وتقول سميرة حسنين ان ارتفاع الاسعار المتصاعد يوميا سيقضي في نهاية الامر على الطبقة المتوسطة وسيسقط الفقراء في المزيد من الفقر المدقع والاحباط الاجتماعي والاقتصادي وهناك اسر لا يتجاوز دخلها 120 دينارا، وهناك آلاف الشباب من الذين رواتبهم لا تتعدي 140 دينارا، ويحلمون بالزواج ولا يستطيعون ذلك وقد دخلوا في سن العنوسة، والمخيف ان يدخل هؤلاء في مشاكل اجتماعية. ولكن احمد ابو رضوان يقول: ان الغلاء مبرر كونه ظاهرة عالمية ونأمل من الحكومة مساعدة المواطنين وزيادة الرواتب بشكل يتناسب والارتفاع في الاسعار وفتح فرص عمل لمكافحة البطالة. ويقول محمد عبيدات رئيس جمعية حماية المستهلك «اتصور ان الأسر التي كان يكفيها بالمتوسط 400 دينار مثلا كمصروفات على المواد الغذائية والبقالة التموينية بحاجة الان الى 600 دينار».

ويقول «أي رفع حتى في رواتب واجور المواطنين في ظل عدم السيطرة على السوق او في ظل تغول بعض التجار على السوق اتصور انه لن يؤدي الى اي نتيجة». وتقول الحكومة الاردنية انها تتوقع عجزا يبلغ 724 مليون دينار أي 5.6 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي ارتفاعا من 616 مليون دينار أي 5.4 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2007 بسبب نمو تكاليف النفط الخام مع ارتفاع تكاليف واردات المنتجات البترولية وصعود الاسعار العالمية للحبوب الى مستوى قياسي، مما رفع تكاليف دعم القمح فضلا عن تراجع المساعدات الاجنبية. ويخشى كثير من الاردنيين ان يؤدي تراجع الدعم لتآكل اكبر في دخلهم واختفاء الطبقة الوسطى. ويقول حسين على الذي يعمل في القطاع الخاص «حصلت على زيادة على راتبي الشهر الماضي ولكني لم اشعر بها بسبب ارتفاع الاسعار وانا لا اتحدث هنا عن اسعار ملابس او اشياء ثانوية بقدر ما اتحدث عن المأكل والمشرب». ويرى أمين حزب البعث العربي التقدمي فؤاد دبور في ندوة حزبية نظمتها المكاتب الشبابية لأحزاب التيار الوطني التى تضم أحزاب البعث التقدمي والشيوعي وحزب حشد ان ما نسبته 96 في المائة من الشعب الأردني يعانون من ارتفاع الأسعار فيما لم يؤثر ذلك على ما نسبته 4 في المائة من الشعب يمثلون الطبقات العليا الذين لا يتأثرون بموجة الغلاء التي تعم المملكة والتي نجمت عن ارتفاع مشتقات النفط عالميا. ويشير الى أن ارتفاع الأسعار القادمة لن تتوقف على المشتقات النفطية التى تدخل في كل المنتوجات، وبالتالي فان ارتفاع الأسعار سيشمل كل شيء مما ينعكس على المواطن، مشيرا إلى أن 70 من الأردنيين يحصلون على دخل أقل من 300 دينار، مع ان خط الفقر في الأردن يبلغ 504 دنانير.

ويوضح أن العائلة ذات الستة أفراد التي يبلغ دخلها 350 دينارا تعيش تحت خط الفقر وذلك يعنى أن 66 في المائة من القوى العاملة تراوح رواتبها ما بين 200 و300 دينار، اي بمعنى ان 80 في المائة من قوة العمل الأردنية يبلغ دخلها الشهري أقل من 300 وهذا يعني أن 1.25 مليون مواطن أردني يعيشون تحت خط الفقر.