عاصفة الجوع

النقص في الأغذية.. وانخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية يلقيان بظلال من الخوف في جميع أنحاء العالم

TT

في الوقت الذي يناضل فيه برنامج الغذاء العالمي مع الارتفاع المفاجئ لأسعار الأغذية والوقود، تتزايد أعداد من هم في حاجة إلى المساعدة في كل أنحاء العالم، ويواجه ملايين من الأشخاص الخطر. وحسب البرنامج التابع للأمم المتحدة فإن النقص في الحبوب والبقول والزيوت يهدد حياة الملايين في عدد كبير من دول العالم خاصة افريقيا. ونقلت صحيفة «لوس انجليس تايمز» عن باسكال جون مسؤولة البرنامج في السودان قولها إن «أسعار الأغذية والنفط الآخذة في التزايد، والدولار الآخذ في الانخفاض، قد ضاعفت من تكاليف تشغيل برنامج الغذاء العالمي على نحو مفاجئ، مع تزايد الحاجات». وأشار الى ان السودان، الذي قضت فيه نحو 15 عاما، من أكثر الدول احتياجا للمساعدات في مجال الحبوب، خلال السنوات الماضية، اما الان فان الامر فاق حد الوصف، خاصة في دارفور. بمعنى آخر تقول: إذا بقي عدد الأشخاص الذين في حاجة إلى مساعدة ثابتة، فإن الأمر سيتطلب المزيد من الأموال لإطعامهم. ولكن الأعداد في زيادة مطردة. وهذا ما يسميه المدير التنفيذي للبرنامج جوستي شيران «عاصفة رهيبة» تضرب الجياع في العالم.

وأصدرت الوكالة التابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي نداء طارئاً من أجل جمع الأموال لتغطية عجز قدر بأكثر من نصف مليار دولار، كما يتوقع زيادته. وقالت الوكالة إنها قد تضطر إلى تقليل حصصها من الغذاء أو التوقف عن تقديم المساعدات تماماً. وتتخذ العديد من الدول كثيرا من التدابير لتجنب مجاعات واسعة النطاق. مثل مصر وإندونيسيا، بتوسيع الدعم، بينما قام البعض الآخر، مثل الصين، بحظر تصدير السلع المهمة. وفي مصر أمر الرئيس محمد حسني مبارك المخابز التابعة للجيش بإنتاج 1.2 مليون رغيف خبز يوميا لتوفير مزيد من الخبز في السوق، كما خصصت الحكومة بليون دولار تقريبا لدعم الخبز خلال عام 2008. وتقوم الحكومة بدعم 210 ملايين رغيف يوميا، وهو المادة الأساسية على معظم الوجبات المصرية. كما أصدر الرئيس المصري قرارا أول من أمس بتعديل فئات الضريبة الجمركية على بعض السلع الأساسية المهمة، مثل الارز وألبان الاطفال والزبدة والزيت والجبن من التعريفة الجمركية نهائيا ليصل الرسم الجمركي عليها إلى صفر في المائة، للتخفيف عن المواطنين بعد الارتفاعات الكبيرة التى شهدتها أسعار تلك السلع عالميا ومن ثم محليا. واعتبر علي موسى، رئيس الغرفة التجارية بالقـــــاهرة، أن القرار سيساعد بالطبع على خفض الأسعار بالداخل، خاصة انه يأتي في ظل اهتمام حكومي بضبط الأسواق الداخليـــة باستخدام آليات السوق الحديثة والتي منها وقف صادرات بعض الســــلع مثلما حدث أخيرا في الأرز والإسمنت لزيادة العــــرض وبالتالي خفض الأسعار.

وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع على نحو بالغ أصبح الخبز المدعم أقل وظهرت المشاجرات بين المواطنين الذين يصطفون في طوابير أمام المخابز ومنافذ البيع.

أفغانستان هي أولى الدول التي تطلب مساعدات عاجلة، فقد طلب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في يناير (كانون الثاني) من البرنامج توفير الطعام لـ2.5 مليون شخص إضافيين، معظمهم من الفقراء في المناطق الحضرية، بالإضافة إلى خمسة ملايين شخص في المناطق الريفية يقوم البرنامج بتوفير الطعام لهم بالفعل. وحسب صحيفة «لوس انجليس تايمز» فان وزارة الزراعة الأميركية توقعت ان ينخفض إنتاج محصول الذرة بنسبة 8% هذا العام، وهو ما دفع أسعارها بالاضافة الى أسعار الأغذية التي تدخل في تركيبتها عاليا.

ويقول متحدث رسمي بهيئة مصنعي الحبوب الاميركية إن التوقعات التي تطلقها وزارة الزراعة الاميركية هي بمثابة «تحذير». ويشير المتحدث وهو سكوت فابر للصحيفة الاميركية: «لقد ارتفعت أسعار الاغذية مرتين مع ازدياد التضخم، ما يضع عبئا على الأسر الأميركية التي تعاني بالفعل من صعوبات اقتصادية. وقد حان الوقت للكونغرس والإدارة أن يقدما بعض الدعم للأسر وأن يوقفا تضخم أسعار الأغذية».

وسوف تزيد أسعار الحبوب هذا العام بأكثر من 5%، وهي أعلى زيادة منذ عام 1990، حسبما أفادت وزارة العمل الاميركية. وقد قفزت أسعار الذرة 6.75 سنتا إلى 5.67 دولار للبوشل يـــوم الاثنين، بزيــــادة 51% عن العام الماضي، بعد الأنباء عن انخفــــاض مساحة الأراضي المخصصة للزراعة هذا العام. ويأمل المزارعون في زراعة نحو 86 مليون هكتــــار هذا العام، أي بانخفاض 7.6 هكتار عن العام الماضي 2007. ويخشى المنتجون من هذا الانخفاض لأن الذرة تدخل في العديد من أنواع الطعام. فالذرة تدخل في طعام بقر الحليب والدجاج الذي يضع البيض. كما انها تستخدم لتسمين الماشية والدجاج. وتعتبر الذرة ثالث أكبر مكون في صلصة هينز، وهي مادة التحلية في الصودا ومئات من أنواع الأطعمة الأخرى.