غيرة النساء

لا تريد هيلاري بعد أشهر العودة للجلوس في الكونغرس كأنها لم تفعل شيئا.. لكن حتى إذا تنازلت وقبلت بأن تكون نائب رئيس.. فإن هناك عراقيل أمامها من بينها ميشيل أوباما

ميشيل وهيلاري .. عدم ارتياح (ا.ب)
TT

بينما تستمر المنافسة في الانتخابات الاولية بين السناتور باراك اوباما، والسناتور هيلاري كلينتون، لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات رئاسة الجمهورية في نوفمبر (تشرين الثاني)، صار الاميركيون يتناقشون في امكانية ان تحسم المنافسة بينهما، بأن يكون احدهما مرشحا لرئاسة الجمهورية، والثاني نائبا له.

ولأن هيلاري فشلت، حتى الآن، في الانتصار على اوباما في عدد اصوات المندوبين، الذين سيختارون مرشح الحزب في نهاية الصيف، ركز النقاش على احتمال ترشيح اوباما للرئاسة، وترشيحها نائبة له.

ورغم ان هيلاري، يوم الثلاثاء، فازت فوزا كبيرا في الانتخابات التمهيدية في ولاية ويست فرجينيا، لم تقدر على ان تخفض الفرق بينها وبين اوباما في جملة عدد المندوبين. فازت بعشرين مندوبا، وفاز اوباما بثمانية. وبهذا، بلغ عدد مندوبيها الى مؤتمر الحزب العام 1717، بينما بلغ عدد مندوبي اوباما 1883. (يحتاج كل واحد منهما الى 2026 للفوز بالترشيح).

من ولاية ويست فرجينيا، تنتقل المنافسة الى ولاية كنتاكي (يتوقع ان تفوز فيها هيلاري) ولاية اوريغون (يتوقع ان يفوز فيها اوباما). ولا يبدو ان هيلاري ستقدر، ابدا، على اللحاق باوباما.

وزاد هذا الاحتمال رغبة نسبة كبيرة من المنتمين الى الحزب الديمقراطي في ترشيح الحزب لاوباما رئيسا، وهيلاري نائبة له. لكن، اوضح استفتاء في الاسبوع الماضي، ان قادة الحزب يترددون في ذلك، اكثر من قاعدة الحزب. ويستمر نقاش الاميركيين حول الموضوع.

يوجد، في جانب، الذين يتوقعون ان تترشح هيلاري نائبة لاوباما: مثل كارل بيرنشتاين، الصحافي السابق في «واشنطن بوست»، واحد أبطال الكشف عن فضيحة «ووتر غيت»، الذي قال في تلفزيون «سي ان ان»: «لا تخاف هيلاري من شيء مثل الخوف من العودة عضوا في الكونغرس في السنة القادمة. تجلس مع زملائها الذين كانت تجلس معهم. وكأنها لم تفعل اي شيء». ومثل مارغريت تالف، صحافية في صحف «ماكلاتشي»، التي قالت: «لا يهمني من يرشح الحزب رئيسا؟ ومن يرشح نائبا له؟ يهمني ان يكونا معا». ومثل شاك تود، معلق في تلفزيون «ام اس ان بي سي»، الذي قال: «تريد اغلبية المؤيدين للحزب الديمقراطي ان تكون هيلاري نائبة للرئيس، لكن لن يطلب منها اوباما ذلك. لهذا، توجد الكرة في ملعب هيلاري، وعليها ان تتحرك». ويوجد، في الجانب الآخر، الذين لا يتوقعون ذلك:

مثل سكوت ليمنيوكس، في مجلة «اميركان بروسبيكتيف»، قال: «لن يحتاج اوباما الى هيلاري لأنها لن تضيف اصوات ولاية معينة، او طبقة معينة لاصواته، حتى البيض الذين فضلوا هيلاري على اوباما في الانتخابات الاولية، لا بد ان يصوتوا لمرشح الحزب في انتخابات نوفمبر». ومثل روبرت نوفاك، كاتب عمود في صحيفة «واشنطن بوست»، وغيرها، فهو من اوائل الذين قالوا ان ميشيل اوباما لا ترتاح لهيلاري، ومثل مورين داود، كاتبة عمود في صحيفة «نيويورك تايمز»، وغيرها، إذ قالت: «في المرة القادمة، لاحظوا كيف يتصرف اوباما عندما يقابل هيلاري. لاحظت انا انه يبدو غير مرتاح. يتحرك تحركات غير عادية. اعتقد انه، في اعماقه، لا يفضلها».

يشير الذين يعارضون ترشيح هيلاري نائبة لاوباما الى ان هيلاري، وزوجها الرئيس السابق كلينتون، عكرا العلاقة مع اوباما، عندما زادا من الحديث عن اللون (انها بيضاء، ومنافسها اسود): قبل شهرين، في ولاية ساوث كارولينا، قال زوجها: «دائما يفوز اسود في هذه الولاية»، اشارة الى وجود نسبة كبيرة من السود فيها. وانتقد كثير من الناس كلينتون لأنه كان اول من ادخل موضوع اللون في المنافسة بين زوجته واوباما. حتى زوجته هيلاري، عندما سألها الصحافيون، قالت ان زوجها ليس عنصريا، و«كان يتحدث عن حقيقة تاريخية». لكن، قبل اسبوع، في ولاية ويست فرجينيا، قالت هيلاري: «صار واضحا ان نسبة كبيرة من البيض تصوت لي، وليس لاوباما». كانت هذه اول مرة تشير فيها الى اللون. وصار واضحا انها فعلت ذلك لزيادة المؤيدين لها وسط البيض. وعندما سألها الصحافيون، قالت انها ليست عنصرية، و«انا نقلت معلومات اشارت اليها نتائج استفتاءات كثيرة».

طبعا، هناك فرق بين قول الحقائق وبين مغزى قولها، وذلك لأن هيلاري وزوجها يعرفان معرفة جيدة ان نسبة غير قليلة من البيض (يعتقد انها 18 في المائة) لا تزال تنظر الى السود نظرة استعلاء، ان لم تكن نظرة احتقار، وانها لن تصوت لاوباما (رغم ان والدته بيضاء)، لانها تراه اسود مثل غيره من السود.

ويوجد سبب آخر يعرقل اختيار هيلاري نائبة لاوباما، وهو ان ميشيل زوجة اوباما لا تتحمس لها. ووراء ذلك اكثر من سبب: اولا: تصريحاتها العنصرية الاخيرة.

ثانيا: سوء فهم خلال حديث ودي بينهما عندما تقابلا في الشهر الماضي يوم مناظرة تلفزيونية بين هيلاري وزوجها. ثالثا، فارق السن (عشرون سنة تقريبا). رابعا: اختلاف في الشخصية بين زوجة سياسي، غير سياسية، وبين زوجة سياسي تعمل في السياسة كل عمرها تقريبا.

خامسا: ان هيلاري بشخصيتها القوية المسيطرة قد تكون عامل قلق وعدم ارتياح للسيدة الاولى المحتملة ميشيل اوباما. طبعا، رفضت هيلاري، ليس فقط ان تقبل الترشيح نائبة لاوباما، ولكن ايضا ان تنسحب من المعركة. ورفض ذلك مستشاروها ومساعدوها. يوم الاحد، قال هوارد ولفسون كبير مستشاريها، في برنامج مقابلات في تلفزيون «فوكس»: «لم تقل لي هيلاري انها تريد ان تكون نائبة لرئيس الجمهورية. قالت انها تريد ان تكون رئيسة للجمهورية». في الجانب الآخر، وفي نفس يوم الاحد، وفي نفس البرنامج، قال ديفيد اكسلرود كبير مستشاري اوباما: «بعد انتصاراتنا الاخيرة، تأكدت أهمية الحديث عمن سيكون نائبا للرئيس اوباما. وذلك لأننا نريد الاستعداد لمنافسة السناتور ماكين (مرشح الحزب الجمهوري)».

تعمد الا يقول انه يؤيد، او لا يؤيد، ترشيح هيلاري نائبا لاوباما. لكنه اضاف غامزا: «نافستنا هيلاري منافسة شريفة. ولا تنتظر اشارة منا. سنسيئ اليها اذا قلنا ذلك». واشار الى ان هيلاري تواجه مشكلة مالية في حملتها الانتخابية، وان لجنتها الانتخابية مديونة باكثر من عشرين مليون دولار. (رغم ان هيلاري وزوجها تبرعا للجنة باكثر من عشرة ملايين دولار من حسابهما الخاص). من سيكون نائبا لاوباما، اذا لم تكن هيلاري؟ اذا لم تكن «التذكرة الحلم؟».

أول المرشحين هو تيد ستريكلاند، حاكم اوهايو، ويتمتع بالميزات الآتية: اولا: ينتمي الى الجناح المحافظ في الحزب الديمقراطي. (ينتمي اوباما الى الجناح الليبرالي). ثانيا: كبير في السن نسبيا. (عمره 66 سنة، اكبر بعشرين سنة من اوباما، 46 سنة). ثالثا: يملك تجارب كثيرة وكبيرة. (كان عضوا في الكونغرس لأكثر من عشر سنوات، وهو الآن حاكم ولاية رئيسية).

رابعا: حاكم ولاية اوهايو. في سنة 2004، فاز فيها الرئيس جورج بوش بفرق قليل على منافسه من الحزب الديمقراطي، جون كيري. ولو فاز كيري فيها، كان فاز على بوش في رئاسة الجمهورية.

في الجانب الآخر، من سيكون نائبا لماكين، مرشح الحزب الجمهوري؟

اولا: توم ريدج، اول وزير لأمن الدولة. (من ولاية بنسلفانيا، لكسب اصوات الشمال الشرقي لأن ماكين من الجنوب الشرقي. لكنه غير جماهيري).

ثانيا: كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية. (سوداء، لكسب اصوات السود، ومنافسة اوباما. لكنها غير جماهيرية).

ثالثا: جوزيف ليبرمان، عضو الكونغرس. (يهودي، لكسب اصوات اليهود، لكنه كبير في السن، وماكين نفسه كبير السن).

رابعا: بوبي جندال، حاكم ولاية بنسلفانيا، وهاجر والده الى اميركا من الهند. (صغير في السن، ولكسب غير البيض، مثل السود واللاتينيين والمكسيكيين. لكنه «عالم ثالث» سيرفضه بعض البيض).

اذا اختار اوباما هيلاري رغم انها اكبر منه بعشرين سنة، لن يكون اول من يختار شخصية كبيرة في السن. في سنة 1948، اختار الرئيس ترومان نائبه البين باركلي، وكان عمره سبعين سنة. لكنه، على الاقل، لم يمت وهو نائب رئيس، مثل آخرين ماتوا، بسبب المرض وكبر السن، وهم نواب رئيس، مثل: جيمس شيرمان (سنة 1912)، وغاريت هوبارت (سنة 1899)، وتوماس هنريدكز (سنة 1885).

اما اذا ترشح اوباما نائبا لهيلاري، وهو ما لا يبدو محتملا حتى الان، ستكون امامه فرصة ليترشح للرئاسة في المستقبل، مثل جيرالد فورد (بعد ريتشارد نيكسون، سنة 1966)، وليندون جونسون (بعد جون كنيدي، سنة 1968)، وهاري ترومان (بعد روزفلت، سنة 1944)، وكالفين كولدج (بعد وارين هاردنغ، سنة 1928)، وآخرين.